مع انطلاق قمة المناخ المرتقبة فى مدينة جلاسكو بأسكتلندا، تزداد التحذيرات من تأثير الانقسامات بين الدول حول كيفية معالجة التهديد الذى يواجه العالم بأسره والمتعلق بالتغير المناخى.
وقالت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية إنه مع وصول رؤساء وقادة من مختلف أنحاء العالم إلى جلاسكو بأسكتلندا هذا الأسبوع للمشاركة فى قمة المناخ الحيوية، فإن النتيجة ستحدد إلى حد كبير كيف سينجو المليارات من سكان العالم فى ظل كوكب أعلى حرارة، وما إذا كان من الممكن أن تتجنب الأجيال المستقبلة مستويات أسوأ من الاحتباس الحرارى.
ولفتت الصحيفة، إلى أن الفشل فى إبطاء معدلات ارتفاع الحرارة، الذى يحدث مع حرق الغاز والنفط والفحم، قد أدى بالفعل إلى فيضانات وحرائق مميتة وارتفاع فى درجات الحرارة وجفاف حول العالم، وكشف الفجوة بين التوافق العلمى الذى يقول إن البشر يجب أن يخفضوا وبشكل سريع انبعاثات الغازات الدفيئة لتجنب كارثة مناخية، وبين ما يستعد القادة السياسيون والمسئولون التنفيذيون لكثير من الشركات لفعله.
وذكرت نيويورك تايمز أن التوترات تلوح فى الأفق حول القمة التى تستمر 12 يوما. فقد تأخرت بعض الدول الفقيرة الأكثر تضررا من الكوارث المناخية فى الحصول على المال الذى وعدت به الدول الصناعية، مما أجج الأزمة. وتضغط الدول المسببة للتلوث على بعضها البعض لخفض انبعاثاتها بينما تتنافس على المزايا وتصارع تأثير ذلك على اقتصاداتها.
فيضانات عارمة بسبب التغير المناخى
وما يزيد الأمر تعقيدا، كما تقول الصحيفة، هو أن الحاجة للعمل الجماعة لمعالجة هذا التهديد الوجودى العالمى الملح يأتى فى وقت تتصاعد فيه القومية، وهو ما يجعل المحادثات فى جلاسكو اختبارا لما إذا كان التعاون العالمى ممكنا لمواجهة أزمة لا تعترف بالحدود الوطنية.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن خطوط المعركة الرئيسية التى تتشكل فى محادثات جلاسكو، تتعلق بمن هو مسئول عن ارتفاع درجة حرارة الكوكب بالفعل، ومن الذى ينبغى أن يفعل ما يحافظ عليه من التفاقم وكيفية التعايش مع الضرر الذى حدث بالفعل.
ويشارك فى COP26 نحو 20 ألف شخص، ويسعى المشاركون إلى وضع أهداف جديدة للحد من الانبعاثات الناجمة عن حرق الفحم والغاز والنفط.
وتتمثل أهداف القمة فى حث الدول على الضغط على بعضها البعض للحد من انبعاثاتها والالتزام بالدعم المالى للبلدان منخفضة الدخل للتعامل مع آثار التغير المناخى، وتشديد بعض القواعد التى تم إقرارها فى اتفاق باريس. حيث نصت الاتفاقية على أن تجتمع الدول كل خمس سنوات لتحديث خطط العمل المناخية الخاصة بها، ودفع بعضها البعض غلى بذل المزيد من الجهد. وتسبب وباء كورونا فى إجراء محادثات المناخ بعد خمس سنوات، مما أدى إلى تراكم كوارث المناخ.
وذهبت الصحيفة إلى القول بأن وباء كورونا يقدم درسا قاسيا حول آفاق العمل الجماعى، فتحولت الدول إلى الداخل لحماية مواطنيها، وكذلك فعلت شركاتها الدوائية، مما أسفر عن تفاوت هائل فى توزيع اللقاحات، فلا يزال نصف سكان الحال دون تطعيم، أغلبهم فى الدول الواقعة فى النصف الجنوبى.
وتقول تسنيم إيسوب، المدير التنفيذى لشبكة تحرك المناخ، وهى جماعة نشطة، إننا شهدنا الجانب الأسوأ من استجابة الإنسانية لأزمة عالمية، ولو أصبح هذا هو سجل التعامل مع أزمة المناخ العالمية، فإننا فى مأزق، معربة عن أملها أن تكون هذه لحظة تأمل وتغير.
وجاءت أغلب الانبعاثات التى تسببت فى رفع درجة حرارة الأرض بالفعل من الولايات المتحدة وأوروبا بما فى ذلك بريطانيا، فى حين أن الحصة الأكبر من الانبعاثات فى الوقت الراهن تأتى من الصين التى توصف بأنها أكبر مصنع فى العالم.
وفى بعض الحالات، وضعت الخلافات فى جلاسكو الدول الصناعية المتقدمة بما فى ذلك الولايات المتحدة وأوروبا فى مواجهة الاقتصاديات النائية فى مقدمتها الصين والهند، وأيضا جنوب أفريقيا. وفى حالات أخرى، كانت الانقسامات بين الدول الأكثر تلويثا للبيئة وهى الصين والهند، من ناحية، مقابل الدول الجزرية المنخفضة فى المحيط الهادئ والبحر الكاريبى التى تريد إجراءات أكثر عدوانية ضد الانبعاثات.
من ناحية أخرى، فإن التوترات بشأن المال عميقة لدرجة أنها تهدد بعرقلة التعاون، بحسب ما تقول الصحيفة.
ففى عام 2010، وعدت الدول الغنية بدفع 100 مليار دولار سنويا بحلول 2020 لمساعدة البلدان الفقيرة على معالجة التغير المناخى. وتم دفع بعض هذه الأموال بالفعل، لكن المبلغ الكامل لن يتحقق حتى عام 2030، بعد ثلاث سنوات، وفقا للخطة الأخيرة التى أعلنتها مجموعة من الدول الصناعية.