ست ساعات عصيبة عاشها عملاق السوشيال ميديا فيس بوك أمس، الاثنين، بعدما تعطلت خدمات الموقع الأزرق والخدمات التابعة له انستجرام وواتساب وماسنجر فى جميع أنحاء العالم، بشكل أثر على نحو 3 مليارات مستخدم فى مختلف أنحاء العالم.
ومع عودة التطبيقات للعمل فى الساعات الأولى من الثلاثاء، بدأت كواليس ما حدث تتكشف. صحيفة الجارديان البريطانية نشرت تقريرا عن الازمة الأكبر التى واجهها فيس بوك فى السنوات الأخيرة على النحو التالى.
.
فى الخامسة مساء بتوقيت جرينتش، بدأ البعض يلاحظ أنهم لا يستطيعون الدخول إلى فيس بوك وانستجرام وواتس أب أو ماسنجر. واستغرق الأمر أكثر من خمس ساعات قبل عودة الخدمات.
أصدر فيس بوك بيانا الثلاثاء، أكد فيه أن سبب العطل هو تغيير فى الإعدادات فى أجهزة الراوتر والخوادم الرئيسية التى تنسق مرور الشبكة بين مراكز البيانات الخاصة بالشركة، والذى كان له تأثير متتالى، مما ادى إلى توقف جميع خدمات فيس بوك. وكان هذا يعنى أن فيس بوك ليس وحده الذى تعطل، ولكن كل شىء يديره اختفى أيضا.
وبعيدا عن بيانا الشركة، قدم البعض تفاصيل أكبر عن أسباب اختفاء فيس بوك من الغنترنت، وطرحت شركة كلاودفلار التى واجهت أيضا بعض المشكلات المتعلقة بانقطاع الإنترنت مؤخرا، شرحا مفصلا لما حدث. فالامر يتكون من شيين يوضحان كيف يعمل الإنترنت، وهما نظام اسم النطاق المعروف باسم DNS، وبروتوكول بوابة الحدود أو BGP.
فالإنترنت يتكون من كثير من الشبكات المتصلة، ومن أجل الحفاظ على ترتيب الأشياء تحتاج إلى ما يشيه بروتوكول بوابة الحدود لإخبارك إلى أين تريد الذهاب، بينما DNS هو بشكل أساسى نظام العنوان لمكان أى موقع، أو عنوان IP الخاص به، أما BGP، فهى خارطة الطريق التى تجد الطريقة الأكثر فاعلية للوصل إلى عنوان IP هذا.
وقال كلاودفلار إن فيس بوك أخبر بشكل أساسى BGP من خلال سلسلة من التحديثات أن كلا الطريقين لفيس بوك لم يعودا موجودين. لكن ليس فقط لفيس بوك، ولكن لكل ما يديره فيس بوك. وهذا يعنى أن من كانوا يحاولون الوصول إلى فيس بوك لا يستطعون إيجاد طريق للوصول إليه.
لماذا توقفت خدمات انستجرام وماسنجر وواتساب أيضا؟
تأثرت كل خدمات فيس بوك، وليس الموقع الأزرق وحده. وشمل أنظمة فيس بوك الداخلية، حيث ذكرت تقارير أن الموظفين لم يستطيعوا الدخول إلى منصة الاتصالات الداخلية الخاصة بهم.
لماذا استغرق الأمر وقتا طويلا لإصلاحه؟
يتم إدارة الأنظمة الداخلية لفيس بوك من نفس المكان، لذلك من الصعب على الموظفين تشخيص المشكلة وحلها.
وكما أوضح محرر التكنولوجيا لصحيفة الجارديان أليكس هيرن، أن فيس بوك يدير كل شئ من خلال فيس بوك، لذلك فإن الطريقة المعتادة لحل مشكلة مثل هذه لم تكن فعالة أيضا. وأشار فيس بوك إلى أن مدة وشدة الانقطاع تعنى إعادة الأنظمة إلى طاقتها الكاملة ببطء.
كيف حل الأمر فى نهاية المطاف؟
حتى الآن لم يكشف فيس بوك عن تفاصيل ما حدث ولا كيف تم حله، إلا أن هناك العديد من التقارير أفادت اتن عملاق السوشيال ميديا أرسل فريقا تقنيا إلى خوادمه فى كاليفورنيا للقيان بإعادة ضبط الخوادم يوميا، حيث كان منبع المشكلة.
هل يمكن تجنب مثل هذا العطل فى المستقبل؟
توضح الجارديان أن هذا العطل ليس معتادا، لكن ليس أيضا شيئا يمكن تجنبه تماما. غير أن المشكلة الأخيرة التى حدثت لفيس بوك، إلا جانب مشكلات أخرى مثل تلك التى حدث لكلاودفلاير فى عام 2020، وشركة فاستلى فى يونيو الماضى، يظهر أن المشكلات يجمعها نقطة فشل واحدة لعدد هائل من الخدمات الإلكترونية التى تعتمد عليها.
ولأن فيس بوك ليس مجرد كيان اقتصادى كبير، بل أحد أضخم الشركات فى العالم، تعاملت السلطات الأمريكية مع احتمالات أن يكون وراء العطل تهديدا أمنيا، وصرح مسئولون فى وزارة الدفاع الأمريكية أنها تدرس إمكانية وجود تهديد أمنى على خلفية ما يحدث لوسائل التواصل الاجتماعى.
من ناحية أخرى، علق البيت الأبيض على الأزمة التى يواجهها فيس بوك، ليس تلك المتعلقة بانقطاع الخدمات، ولكن ما كشفت عنه موظفة سابقة بالشركة من معلومات تفيد بأن مارك زوكربيرج عمل من أجل تحقيق الأرباح على حساب السلامة، وأنه أدرك دور الموقع فى نشر الكراهية والمعلومات المضللة. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكى إن ما تم الكشف عنه يظهر ان الشركة لا تعرف ضبط نفسها، وأن المعلومات تثبت المخاوف بشأن السلطة التى حشدنها الشبكات العملاقة.
واقتصاديا، تسبب أزمة تعطل خدمات فيس بوك فى خسائر هائلة للشركة وانخفاض كبير فى ثروة مالكها مارك زوكر بيرج. انخفضت القيمة السوقية لشركة فيس بوك، المالكة لشركتي إنستجرام وواتساب اللتين تعرضتا لعطل مفاجئ أمس الاثنين، إلى نحو 920 مليار دولار، بينما بلغت خسارة الرئيس المؤسس للشركة مارك زوكربيرج نحو 6 مليارات دولار.
وحسب موقع سكاى نيوز، فقد خسرت شركة فيس بوك ما يصل إلى 20 مليار دولار، وانخفضت القيمة السوقية لها لتصل إلى 967 مليار دولار.
وهبط سهم شركة فيس بوك 4.9 %، ليرتفع إجمالي التراجع في سهم الشركة إلى حوالي 15 % منذ منتصف سبتمبر.
ووصل سعر سهم فيس بوك، بحسب موقع بلومبيرج، الى 322.7 دولارا، الأمر الذي أدى إلى خسارة مؤسس فيس بوك، مارك زوكربيرج حوالي 6 مليارات دولار من إجمالي ثروته.
وتراجعت ثروة زوكربيرج من حوالي 140 مليار دولار إلى 121.6 مليار دولار، ليتراجع إلى المركز الخامس خلف مؤسس مايكروسوفت، بيل جيتس، بحسب مؤشر بلومبيرج لأصحاب المليارات.