حلم تحقيق 100 مليار دولار كصادرات مصرية لم يعد حلم مستحيل في ظل دعم القيادة السياسية في البلاد لهذا التصور، واتخاذ خطوات جادة للتعامل مع هذا الملف عبر إقرار برنامج قوي لدعم الصادرات والذى يحل جزء كبير من مشاكل قطاع التصدير، إضافة إلي إقرار 100 حافز لدعم الصناعة الوطنية لتسهيل الإنتاج في القطاعات الاقتصادية التي لمصر فيها ميزة نسبية، مثل: القطاعات الغذائية والهندسية والكيماويات والصناعات التحويلية.
إذ تعتبر الصناعة الوطنية أحد أهم محفزات النمو وموفر رئيسي للوظائف حيث تساهم الصناعة بقرابة 18 مليون فرصة عمل، وينتظر الصناعة مستقبل مشرق مع استمرار نمو الاقتصاد الوطني خلال الفترة الحالية، بعد تجاوز أزمة فيروس كورونا بنسبة كبيرة، مما سيعود على كافة القطاعات الإنتاجية بالإيجاب، وانعكس نمو الاقتصاد على الصناعة والتصدير خلال الفترة الماضية وتشهد بذلك أرقام صادرات مصر الصناعية.
العالم شهد خلال الفترة الأخيرة العديد من التحديات الاقتصادية التي أثرت على مختلف القطاعات خاصة قطاعات الصناعة والتجارة الدولية وسلاسل القيمة العالمية بسبب جائحة كورونا، ونجحت مصر في تحقيق العديد من المؤشرات الاقتصادية الإيجابية خلال الوباء بفضل برنامج الإصلاح الاقتصادي التي انتهجته منذ عام 2016 والإجراءات التي اتخذتها لمواجهة الجائحة، والتي بلغت حوالي 541 إجراء من مارس 2019 وحتى مايو 2021.
مصر من الدول القليلة التي سجلت خلال الأزمة نمواً اقتصادياً بلغ حوالي 3.57% خلال عام 2019/2020، حيث ظل قطاع الصناعة قاطرة النمو الاقتصادي في مصر، حيث ساهم بحوالي 17.1% في الناتج المحلي الإجمالي في عام 2019/2020 مقارنة بحوالي 16.4% في العام السابق، وبهذا يصبح قطاع الصناعة هو المساهم الأكبر في النمو الاقتصادي المصري مقارنة بباقي القطاعات الاقتصادية الأخرى، وأن قطاع الصناعات التحويلية حقق معدل نمو إيجابي خلال عام 2019/2020 بلغ حوالي 1.4%، وإن كان أقل مما حققه في العام السابق الذي سجل 2.8%، ولكن ظل إيجابياً في عام الجائحة كانعكاس للإجراءات التي تم اتخذها لتعزيز قطاع الصناعة خلال الأزمة، بحسب حديث سابق لوزيرة الصناعة نيفين جامع.
القاهرة نجحت بفضل المرحلة الأولى لبرنامج الإصلاح الاقتصادي بإطلاق المرحلة الثانية من البرنامج الوطني للإصلاحات الهيكلية عام 2021، والذى يركز على رفع تنافسية 3 قطاعات رئيسية شملت الصناعات التحويلية والزراعة والاتصالات وتكنولوجيا المعلومات لزيادة مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، وذلك من خلال رفع كفاءة سوق العمل وتطوير منظومة التعليم الفني والتدريب المهني، وتحسين بيئة الأعمال وتنمية دور القطاع الخاص، ورفع كفاءة المؤسسات العامة بالتحول الرقمي والحوكمة، من أجل تحقيق استراتيجية المائة مليار دولار.
محاور النمو شملت التركيز علي زيادة الصادرات غير التقليدية وتشجيع الصناعات التي يمكنها المنافسة في الأسواق العالمية والعمل على جذب الاستثمارات، بالإضافة إلى تعميق التصنيع المحلي لما تملكه مصر من سوق محلي كبير فضلاً عن الاتفاقيات التجارية العديدة الثنائية ومتعددة الأطراف، والتي تساهم بشكل كبير في نمو الصادرات المصرية، كما يجري العمل على محاور التطوير التشريعي والإجرائي والرقمي بهدف خفض زمن وتكلفة التصدير والاستيراد بهدف تعزيز قطاعي الصناعة والتجارة وفق وزارة الصناعة.
و تستهدف مصر تحقيق التكامل مع سلاسل الإنتاج والقيمة العالمية والإقليمية لا سيما الأفريقية خاصة في ظل اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية، حيث تتضمن أولويات مصر خلال المرحلة المقبلة تطوير الاقتصاد المصري ليكون أكثر ابتكارًا والاستفادة من التقنيات المتقدمة، ليس فقط كسوق للاستخدام النهائي، ولكن أيضًا كمنشئ للمعرفة والتكنولوجيا من خلال التركيز على الأجندة الرقمية والتكامل الإقليمي بإعطاء أولوية للجودة، ولزيادة كفاءة الخدمات اللوجستية كمحرك أساسي للتنمية الصناعية.
خريطة ورؤية الحكومة للنهوض بالصناعة المصرية كان لها انعكاس على الصادرات المصرية، حيث كشفت بيانات التجارة الخارجية المصرية نمو الصادرات خلال الفترة من يناير إلي يوليو 2021 بنسبة 22% محققة أرقام هي الأفضل برغم جائحة فيروس كورونا، وأعلنت وزارة الصناعة والتجارة أن الصادرات المصرية غير البترولية حققت زيادة ملموسة بنسبة 22% خلال الـ7 أشهر الأولى من عام 2021، حيث بلغت 17 مليار و 701 مليون دولار مقابل نحو 14 مليار و 552 مليون دولار خلال نفس الفترة من عام 2020 وبفارق 3 مليار و148 مليون دولار .
وأعلنت وزارة الصناعة، أن الزيادة فى الصادرات المصرية جاءت بفضل الجهود الكبيرة التى بذلتها الحكومة لمساندة القطاعات الإنتاجية والتصديرية خلال أزمة جائحة فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19"، الأمر الذى ساهم فى استمرار دوران عجلة الإنتاج والحفاظ على الأسواق التصديرية.
وعن استراتيجية الوصول بالصادرات لمائة مليار دولار، قال الدكتور كمال الدسوقي نائب رئيس غرفة مواد البناء باتحاد الصناعات، إنه يجب أن تهتم وتركز الحكومة على تنمية الصناعة والتصدير، وهنا لابد أن نقف عند عدد من النقاط أولها الخطة الحكومية لتحقيق مستهدف الـ100 مليار دولار، والنقطة الأخرى التنسيق مع القطاع الخاص ورؤية المصنعين والمصدرين للخطة، وكذلك يجب أن يكون هناك خطة مكتوبة بوضوح من وزارة الصناعة والتجارة بشأن استراتيجية الـ100 مليار.
وأضاف في تصريحات خاصة، "هناك مجهود كبير لتطوير أداء القطاعات التصنيعية والإنتاجية والتصديرية، لكننا بحاجة إلى رؤية مكتوبة عن مستهدفات الـ100 مليار دولار، تحتوى بشكل واضح ومبسط دور كافة الجهات الحكومية في هذا الملف، وكذلك دور القطاع الخاص الذى لا غني عنه، وإذا وقفنا عند الخطوط العريضة لهذه الخطة وعرفنا دور كل جهة فستكون الانطلاقة واضحة نحو تحقيق هذا المستهدف.
وعن مجهودات الارتفاع بالصادرات، قال "هناك جهود كبيرة في ملف رد مستحقات المصدرين سواء بمبادرة خصم 15% ورد باقي المستحقات 85% للمصدرين، وكما تم صرف قرابة 43 مليار جنيه للمصدرين خلال السنوات الماضية، وهذا بالتأكيد وفر المزيد من السيولة النقدية للمصانع المصدرة، مما ساهم في الارتفاع بأرقام الصادرات مؤخراً.
من جانبه، رد المهندس شريف الصياد رئيس المجلس التصديري للصناعات الهندسية على سؤال بعنوان: هل يمكن تحقيق مستهدف الـ100 مليار دولار كإجمالي صادرات؟، بقوله: " القطاع الخاص منفرداً لن يصل إلى هذا الرقم دون دعم حكومي واضح، في النقاط سابقة الذكر مثل برنامج واضح لدعم الصادرات وعلاج التشوهات الجمركية وتعميق التصنيع المحلي وجذب استثمارات في الصناعات المكملة والمغذية، وقتها بالفعل سنحقق هذا المستهدف.
وردا على تأثير برنامج دعم الصادرات الجديد في دعم اتجاه الدولة لتحقيق 100 مليار دولار صادرات، قال في تصريحات خاصة: إنها خطوة جيدة جدا وفرت السيولة لدي المصدرين، وخلقت مزيدا من الثقة بين المصدرين والحكومة، والدولة وعدت وأوفت في هذا الملف، ولابد أن ننظر إلى المستقبل فيما يتعلق بصرف الصادرات المستقبلية وفكرة التأخير في عمليات الصرف، قد تجعل المصدر يزيل دعم الصادرات من حساباته، واختتم "هناك بنود عظيمة في البرنامج الجديد لدعم الصادرات خاصة دعم الشحن إلى أفريقيا والذى ارتفع إلى 80 % وقد يصل الدعم إلى 100 % لشحن الصادرات لبعض الدول، وهذا مشجع وبقوة للتصدير، وهناك دول حبيسة يمكننا المنافسة فيها عبر برامج الدعم".
وقال مصدر مسؤول بوزارة الصناعة والتجارة في تصريحات خاصة لـ"اليوم السابع"، إن هناك حراك واضح في القطاع الصناعي والإنتاجي منه تحديدا خلال الفترة الماضية مع اهتمام واضح من الدولة المصرية بملف الصناعة والتصدير، وجري إقرار 100 إجراء لدعم الصناعة الوطنية، التي من أبرزها توفير تمويلات بفائدة ميسرة وتسهيلات جمركية كما تتضمن هذه الإجراءات شق قانوني يخص تشجيع الاستثمارات والإجراءات المتعلقة بتأسيس الشركات، وكذا الحوافز المقدمة من الدولة لتحفيز نمو الاستثمارات بشكل عام خلال الفترة المقبلة، إلى جانب وضع حوافز جديدة للصناعات ذات المكون التكنولوجي المرتفع والمكون التكنولوجي المحلي، مع الترويج لخريطة الاستثمار الصناعي من خلال تفعيل منصة إلكترونية مستحدثة للمستثمرين لتداول المعلومات والبيانات للصناعات المختلفة، إلى جانب السعي لتوفير دراسات وبيانات متعلقة بكل صناعة من الصناعات الواعدة والفرص الاستثمارية المختلفة، والموزعين المحتملين والأسواق المستهدفة.
وتابع، أنه من بين الإجراءات الحكومية لدعم الصناعة عدة مقترحات لإعداد حصر دقيق بموقف المصانع المُغلقة المتعثرة، وإعداد تقرير بأسباب توقفها أو تعثرها وتقديم الدعم لها لإعادة تشغيلها، كما تهدف الإجراءات لتطوير سلاسل القيمة في الصناعات الغذائية من خلال التوسع في منح تراخيص إنشاء المصانع ومحطات التبريد والتخزين بالقرب من المزارع، وزيادة دعم الهيئة القومية لسلامة الغذاء ورفع الكفاءات الفنية بها، بما يُسهم في تيسير عمليات التصدير، وإنشاء قاعدة بيانات بأفضل أنواع البذور والشتلات التي تنتج محصولا زراعيًا أنسب للتصنيع، وتحديث وتطبيق المواصفات الخاصة بالمبيدات والأسمدة المستوردة والمحلية.