بعد فترة من الهدوء انشغلت فيها أوروبا بمشكلات أخرى أكثر إلحاحا فى صدارتها وباء كورونا، عادت ازمات المهاجرين لتثير التوترات داخل القارة العجوز، وتهدد بتفاقم خلافات بين الجيران وتبادل الاتهامات بين الأطراف المختلفة.
الأزمة الأولى تتعلق بزيادة العابرين للقناة الإنجليزية القادمين من فرنسا، والذين تشير التقديرات إلى أن أعداهم تضاعفت ثلث مرات تقريبا عن العام الماضى.
وألقت وزيرة الداخلية البريطانية بريتى باتيل باللوم على الحدود المفتوحة للاتحاد الأوروبى فى أزمة الهجرة الجماعية فى القناة الإنجليزية.
وبحسب ما ذكرت صحيفة التايمز البريطانية، فإن باتيل قالت إن اتفاق شنجن الذى يزيل الحدود بين الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى قد ترك فرنسا بأعداد كبيرة من المهاجرين الذين يحاولون الوصول إلى بريطانيا.
وقالت باتيل خلال زيارة إلى واشنطن لإجراء محادثات مع نظيرها الأمريكى: "دعونا لا ننسى أن المشكلة الحقيقية فى تدفقات الهجرة غير الشرعية هى أن الاتحاد الأوروبى لا يتمتع بأى حماية حدودية على الإطلاق، فشنجن يفتح الحدود".
وكان أكثر من 24.500 مهاجر قد عبروا القناة الإنجليزية فى قوارب صغيرة هذا العام، وهو ما يعادل ثلاثة أضعاف أرقام العام الماضى، وفقا للتايمز.
وقالت باتيل إنها قد حصلت على ضمانات من الحكومة الفرنسية والتى من شأنها أن تنشر مزيد من التكنولوجيا لمراقبة سواحلها الشمالية.
وكان وزير الداخلية الفرنسى إيرالد دارمانين قد أخبر باتيل إن حكومة بلاده تغير قانون حماية البيانات والخصوصية للسماح للسلطات بتشغيل طائرات بدون طيار وغيرها من المراقبة الجوية. كما سيمكن الشرطة الفرنسية من استخدام التعرف التلقائى على لوحة الأرقام لتتبع المركبات التى تفرغ المهاجرين للقوارب.
وقالت باتيل: أعتقد انه من العدل القول بأن فرنسا قد طغى عليها المهاجرون، وهذه حقيقة، فعندما تفكر فى التدفقات، ماذا يفعلون؟ إنهم يقومون بدوريات على الشواطئ بالتأكيد لكنى سأشير إلى أن الأرقام تثير تساءلات عما إذا كان لديهم موارد كافية.
و كان أكثر من ألف مهاجر قد وصلوا إلى بريطانيا يوم الثلاثاء، وهى المرة الثانية خلال أسبوع التى تتجاوز فيها عمليات العبور الألف.
وعلى الجانب الشرقى لأوروبا، لا تزال أزمة الحدود بين بيلاروسيا وبولندا قائمة بسبب تدفق المهاجرين من الأولى إلى الثانية، حيث حذر رئيس وزراء بولندا من أن الملايين من طالبى اللجوء من أفريقيا والشرق الأوسط ربما يتوجهون إلى أوروبا لو تم السماح للمهاجرين المتجمعين على الحدود الشرقية للبلاد بالدخول.
وبحسب ما ذكرت صحيفة التايمز، كانت التداعيات الاقتصادية لوباء كورونا، والتغير المناخى والصراعات فى دول مثل أثيوبيا وأفغانستان أسباب فى فرار الناس من منازلهم، وصعب ذلك على السلطات الأوروبية التمييز بين اللاجئين والمهاجرين الاقتصاديين. وقدرت المنظمة الدولية للهجرة أن هناك 281 مليون مهاجر فى العالم العام الماضى، فيما يمثل 3.6% من إجمالى عدد السكان فى العالم.
وأوضحت تايمز أن طريق شمال أفريقيا عبر ليبيا يظل واحدا من أزحم الطرق. كما يتوجه مهاجرون من آسيا والشرق الأوسط غبر البر والبحر إلى الحدود الجنوبية والشرقية لأوروبا. يريد دعم رئيس بيلاروسيا حليفه لوكاشينكو، ولإقناع الاتحاد الأوروبى برفع العقوبات المفروضة بعد انتخابات بيلاروسيا بسبب مزاعم حدوث تزوير، والحصول على الموافقة على خط إمدادات الطاقة نورد ستريم 2، الذى ينقل الغاز الطبيعى مباشرة إلى ألمانيا عبر بحر البلطيق.
إلا أن الاتحاد الأوروبى قام بفرض عقوبات إضافية على الأفراد والكيانات البيلاروسية، وأقنع الدول التى يعبر بها المهاجرون بوقف رحلاتها إلى بيلاروسيا، فى حين أعلنت البلدان المتضررة بشكل مباشر من الأزمة عن خطط لبناء جدار. وأجرت المستشارة الألمانية محادثة هاتفية طويلة مع لوكاشينكو، ويقال إنها قدمت مساعدات إنسانية للمهاجرين الذين تقطعت بهم السبل.
ولفتت الصحيفة إلى أن الهجرة غير النظامية ليست جريمة، وللمهاجرين الحق فى التقدم بطلب للحصول على اللجوء فى أول دولة يصلون إليها بالاتحاد الأوروبى، ولا ينبغى إعادتهم إلى البلدات التى يتعرضون فيها لخطر سوء المعاملة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة