حكاية حوار لم يتم بين أنديرا غاندى ومحمد سلماوى بعد القبض عليها.. اعرف القصة

الجمعة، 19 نوفمبر 2021 10:27 ص
حكاية حوار لم يتم بين أنديرا غاندى ومحمد سلماوى بعد القبض عليها.. اعرف القصة أنديرا غاندى
كتب محمد عبد الرحمن

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تمر اليوم الذكرى الـ104 على ميلاد رئيسة الوزراء الهندية السابقة انديرا غاندى، وهى سياسية هندية، المرأة الوحيدة التي تولت منصب رئيس وزراء الهند ولحد الآن وقد شغلته ثلاث فترات متتالية (1966-1977) والفترة الرابعة (1980-1984)، انتهت باغتيالها بيد أحد المعارضين السيخ المتطرفين. وقد كانت رئيسة حزب المؤتمر الوطني الهندي والشخصية المحورية فيه، وهي ابنة جواهر لال نهرو أول رئيس وزراء للهند.
 
الأديب الكبير محمد سلماوى، فى الجزء الأولى من سيرته الذاتية التى حملت عنوان "يوما أو بعض يوم" تحدث عنه موقف جمعه برئيسة الورزاء الهندية، ومشاهدته واقعة القبض عليها فى الهند بعد خروجها من الحكم.
 
يقول سلماوى: وسط الجو الخانق الذى تلا إعلان الرئيس السادات نيته زيارة القدس فى نوفمبر 1977، تفاقم الوضع السياسى، وازدادت حدة الهجوم على كل ما يمت بصلة لمرحلة المد القومى فى الخمسينيات والستينيات، وصلتنى دعوة لزيارة الهند فى جولة صحفية تتضمن لقاءات مع كبار المسئولين فى الحكومة، فقبلتها على الفور، وسافرت أنا وزوجتى وفى ذهنى أن أعيش فى أجواء الحضارة الهندية العريقة لأبتعد قليلا عن المناخ السياسى الضاغط فى القاهرة.
 
كنت سألتقى برئيس الوزراء مورارجى ديساى بعد بضعة أيام من وصولى فانتهزت الأيام الأولى من الزيارة للقيام ببعض الجولات السياحية للتعرف على معالم البلد وتاريخه، وقد وضعت لى وزارة الخارجية الهندية مشكورة برنامجا يفى بهذا الغرض، فذهبت بالطبع الى أجرا حيث وقفت مشدوها أمام تاج محل، رمز الوفاء الذى لا يظهر لك جلاله إلا عند مشاهدته على الطبيعة، حيث يغزو كيانك لون أحجاره البيضاء النقية، ويطغى عليك حجمه الذى لا يمكن تبينه فى الصور، وتلك خاصية تجدها فى الأهرامات أيضا حيث لا تظهر لك الصور الا مبنى حجريا مثلثا، ولا تشعر بعظمة وهول ذلك الصرح الفريد الا حين تكون فى حضرته.
 
ويكمل سلماوى، وقد قابلت كثيرين فى الهند، سواء من المسئولين أو غيرهم والذين كان أهمهم وزير الخارجية أتال بيهارى فادچبايى الذى أصبح رئيسا للوزراء بعد ذلك بـحوالى عشر سنوات، وقد دهشت وأنا ذاهب الى مكتبه أن وجدت القردة تقفز فوق الأشجار وتدخل من الشبابيك، وحين أبديت له تلك الملاحظة قال: «نحن لا نختلف عن بقية دول العالم، لدينا الكثير من القردة فى وزارة الحكومة».
 
على أنى كنت أطوق لمقابلة إنديرا غاندى، وقد سعيت أثناء زيارتى لإجراء حوار مع تلك الشخصية الفذة التى كنت أكن لها احتراما كبيرا، وتمكنت عن طريق صديق لها هو الدكتور ڤيهان بهاتيا أستاذ العلوم السياسية، من الاتصال بها وتحديد موعد لحوار صحفى، وفى الموعد المحدد وصلت إلى منزل الزعيمة الهندية، والذى كان يقع فى ميدان صغير وله بوابة خارجية تؤدى بممشى فى الداخل إلى باب الفيلا. كان الميدان مزدحما بالناس بشكل مُلفت للنظر. كان بعضهم يصيح بهتافات لم أفهمها. قطعت طريقى بصعوبة إلى أن وصلت إلى البوابة الخارجية فوجدت قوات الأمن تقتاد رئيسة الوزراء السابقة بـ«الكلبشات» من داخل الفيلا إلى سيارة الشرطة الواقفة وسط الميدان. يا إلهي! وقفت مشدوها أتابع المشهد. كانت مرفوعة الرأس تعلو شعرها الأسود خصلة الشعر البيضاء التى ميزتها كما تميز الجواد شهبته البيضاء، هى نفس الزعيمة العظيمة التى تصدت بصلابة للولايات المتحدة والتزمت بسياسة عدم الانحياز التى كان والدها جواهر لال نهرو أحد مؤسسيها مع جمال عبد الناصر والزعيم اليوغوسلافى جوزيف بروز تيتو، والتى أشاهدها الآن وهى تساق أمامى فى الأصفاد كالقتلة والمجرمين، وما إن ركبت السيارة حتى انطلقت بها بسرعة وسط صيحات الغضب التى تعالت فى الميدان.
 
كان مشهدًا مهيبًا تأثرت له كثيرا، وللوهلة الأولى أسفت أننى لم أتمكن من إجراء الحوار الذى كنت أتطلع اليه، لكنى أدركت بسرعة أن لدى موضوعا صحفيا أخطر من أى حوار كنت سأجريه مع رئيسة الوزراء السابقة.
 
حين عدت الى مصر قررت أن أبدأ المقالات التى كنت أنوى كتابتها عن زيارتى بهذه الواقعة المثيرة والتى كنت قد تابعت أصداءها وتحدثت الى الكثيرين فى الهند حولها، فوجدت من بينهم من خرجوا فى المظاهرات فى مختلف أنحاء البلاد احتجاجا على القبض على رئيسة الوزراء السابقة، ومن أغلقوا محالهم فى اليوم التالى ورفضوا أن يفتحوها، ومنهم من اتهم حكومة ديساى بالعمالة للولايات المتحدة.






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة