تحركت الضفادع البشرية المصرية إلى ميناء إيلات، الساعة الخامسة والنصف مساء 15 نوفمبر 1969 لتفجير ثلاث قطع بحرية إسرائيلية، حسبما يذكر اللواء محمود فهمى (الفريق فيما بعد) قائد القوات البحرية المصرية فى كتاب «تاريخ البحرية المصرية» للكاتب الصحفى عبده مباشر، ونجحت القوة المصرية فى تحقيق هدفها، وفى 18 نوفمبر 1969، كشف قائد العملية، دون أن يكشف عن اسمه، بعض أسرارها فى حواره مع «الأهرام»، «راجع، ذات يوم، 18 نوفمبر 2021».
وزعت إسرائيل الاتهامات على أطراف عدة بعد نجاح العملية، اتهمت فرنسا بتدريب قوات الكوماندوز المصرية، فردت فرنسا ببيان رسمى شديد اللهجة، جاء فيه: «لم يحدث إطلاقا تدريب أى كوماندوز مصرى فى فرنسا، بل على العكس كنا فى الماضى ندرب كوماندوز من إسرائيل»، حسبما تذكر «الأهرام»، 20 نوفمبر 1969، واتهمت الأردن، وتذكر «الأهرام»، 19 نوفمبر 1969، «أن ضابطا إسرائيليا رفض ذكر اسمه قال، إنه بالرغم من قيام الضفادع البشرية المصرية بنسف السفن الإسرائيلية فى إيلات، إلا أن إسرائيل تعتبر الأردن مسؤولة أيضا»، ورد المتحدث الرسمى باسم مصر، الدكتور عصمت عبدالمجيد، فى مؤتمر صحفى، يوم 19 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1969، قائلا: «العملية التى قام بها رجال الضفادع البشرية المصريون مصرية فى جميع مراحلها»، وفقا لـ«الأهرام»، 20 نوفمبر 1969.
فى حقيقة الأمر أنه لا فرنسا دربت، ولا الأردن كانت تعلم شيئا، يذكر اللواء محمود فهمى، أن العملية كانت فى شهر رمضان، وتحركت القوات وقت إفطار قوات الحدود الأردنية، وكان اليوم «سبت»، ولأسباب دينية هو نقطة ضعف كبيرة عند اليهود، حتى فى المجال العسكرى، وأدركت هذا من بلاغات معظم الغواصات التى أرسلتها للاستطلاع أمام موانئ حيفا وأشدود وتل أبيب، يضيف: «انقسمت المجموعة إلى ثلاث جماعات، تتكون الجماعة من ضابط وجندى وتعرف مهمتها، وفى الساعة التاسعة والربع نزل قائد الأولى، الملازم أول عمر عزالدين إلى الماء، ومعه الرقيب محمد العراقى، ثم قائد المجموعة الثانية الملازم أول حسين جاويش، ومعه الرقيب عادل البطراوى، ثم قائد الثالثة الملازم أول نبيل عبدالوهاب، ومعه الرقيب محمد فوزى البرقوقى، وفى أقل من ثلاثة دقائق كانت الجماعات الثلاث فى الماء على بعد مسافة 2 كيلومتر من أرصفة إيلات».
تؤكد الباحثة إنجى جنيدى، فى كتابها «حرب الاستنزاف بين مصر وإسرائيل 1967 - 1970»، أن العملية بدأت بعد إشارة متفق عليها من إذاعة «صوت العرب» بالقاهرة، وكانت أغنية «بين شطين ومية» للمطرب محمد قنديل، وتعنى أن الأهداف موجودة فى مكانها، فيما يذكر اللواء نبيل عبدالوهاب لجريدة «البوابة»، 5 أكتوبر 2014»، أن أغنية «غاب القمر يا ابن عمى» لشادية، كانت تعنى أن الأهداف غير موجودة، يؤكد «فهمى»، أن الخطة تضمنت أن ينتظر القارب المطاط الذى أقل أبطال العملية فى نفس مكان نزولهم للمياه، لالتقاطهم بعد عودتهم، وإذا حدث طارئ، يتوجهون إلى الشاطئ الأردنى والتسليم إلى السلطات الأردنية، وكان الرائد إبراهيم الدخاخنى، الملحق العسكرى المصرى، بعمان ينتظر بميناء العقبة لتغطية هذه الظروف.
يضيف: «سبحت الجماعات الثلاث، وفى الحادية عشرة وخمس دقائق، وصلت الجماعة الأولى لهدفها، لكن صف ضابط الجماعة اضطر إلى الصعود للسطح لنفاد الأوكسجين من جهازه، فتقدم الملازم عمرعزالدين لتلغيم السفينة بمفرده، ثم بدأ رحلة العودة، لكن تعذر وصوله لقارب المطاط، فاتجه سباحة إلى الشاطئ الأردنى وسلم نفسه، وفى الحادية عشرة وعشرين دقيقة، ثبتت جماعة الملازم أول حسنين جاويش اللغمين فى الهدف، وعادت سباحة إلى نقطة الالتقاط، ولم تستطع أيضا العثور على القارب المطاط، فاتجهت إلى الشاطئ الأردنى، واختبأت فى مبنى مهجور حتى الصباح».
شهدت الجماعة الثالثة، دراما من نوع خاص، يتذكر نبيل عبدالوهاب أنه بعد تأدية المهمة استشهد البرقوقى بتسمم الأوكسجين»، وهو وارد حدوثه حتى فى التدريب، وحله بسيط جدا وهو، الصعود إلى السطح وأخذ نفس عادى، لكن البرقوقى رفض، وأصر على استكمال مهمته، يضيف: «بعد تركيب لغمه أشار لى تحت المياه أنه يحتاج الصعود إلى السطح لأنه يشعر بالتعب، وما إن فعل حتى لفظ أنفاسه، وخالفت التعليمات التى تنص بأن أترك جثته، وعدت سابحا بها حتى العقبة بالأردن.
يؤكد عبدالوهاب: «أوصتنا القيادة بأنه فى حالة الوصول إلى العقبة نعترف بأننا ضباط ضفادع بشرية مصرية، ألقتنا طائرة هليوكوبتر لتنفيذ عملية فى إيلات، ولم تعد لتأخذنا، وقيادتنا أوصتنا أن نسلم أنفسنا لكم، وتم نقلنا لمبنى الاستخبارات الأردنية فى عمان، وفيما يؤكد اللواء فهمى، أن ما فعله «عبدالوهاب» مع الشهيد البرقوقى لم يحدث فى تاريخ الحروب البحرية، يتذكر عبدالوهاب أنه وأثناء احتجازه فى العقبة أحضر الأردنيون ملابس بدلا من ملابس الغطس، واستمع إلى الانفجارات التى هزت إيلات والعقبة.