"لم تيأس أبدًا من رحمة الله وكافحت من أجل تربية أولادها الأربعة المعاقين ذهنيا الذين وصلوا إلى العقد الرابع من عمرهم".. إنها السيدة فايزة سنبل أو الحاجة نجاح كما يطلق عليها جيرانها التى شارفت على سن السبعين وتعول 4 أبناء من ذوى الاحتياجات الخاصة منذ أكثر من 45 عاما بدون أى تعب أو كلل من صعوبة تربيتهم.
فعندما تطأ قدميك قرية ابتوك التابعة لمركز شبراخيت بالبحيرة، لا بد أن تتعرف على حكايتها بل قل مأساتها لأنها أصبحت أحد معالم القرية الإنسانية ونموذجا ملهما للإرادة والتحدى والمثابرة حتى أصبحت تعرف بين محيطها بأم الصبر لشدة صبرها على الابتلاء.
اليوم السابع اقترب من هذا المشهد أكثر لرصد قصة كفاح الحاجة نجاح ابنة قرية أبتوك، التابعة لمركز شبراخيت، بالبحيرة التى تحدت الظروف القاسية من اجل تربية أولادها.
وقالت الحاجة نجاح سنبل، إنها اكتشفت إصابة أولادها وائل وخليفة وتامر وهشام فى سن مبكرة بالإعاقة الذهنية رغم عدم وجود أى عوامل وراثية وعدم وجود ثمة قرابة مع زوجها وأنها حاولت بكل الطرق علاجهم ولكن دون أى جدوى.
وتابعت: "لفيت كعب داير على الدكاتره علشان ولادى وكلهم قالوا أن حالتهم ميؤوس منها فحمدت ربنا على عطائه وقعدت أربى عيالى مع زوجى المزارع أكتر من 45 سنة بدون كلل أو تعب".
وأضافت: "نفسى أطمن على ولادى قبل ما أموت.. وأمنية حياتى أنهم يتعالجوا لأنى مش عارفة مصيرهم ايه.. لأنى بالنسبة لهم كل حاجة فى الدنيا وميعرفوش حد غيرى فى الدنيا.. علشان كده خايفة عليهم لأنهم زى الطير الأخرس عايزين معاملة خاصة مش زى بقية الناس".
وأكدت الحاجة نجاح، أنه رغم ظروفها المعيشية الصعبة لكنها لم تقصر أبدا فى حق أبنائها الذين لا يعرفون شيئا عن الدنيا سوى أسمائهم.
وأضافت:" الحمد لله على كل حال.. رغم قسوة الحياة إلا أنى أشعر أن اللى بيحصل ده اختبار من عند ربنا علشان يجازينى فى الآخرة عشان كده بحاول أراعى ربنا فيهم فى كل شيء لدرجة أنى لبستهم أساور عليها أسمائهم عشان ميتهوش منى لما يطلعوا فى الشوارع".
وأوضحت الحاجة نجاح، أن أسرتها تعتمد فى معيشتها على دخل زوجها الضئيل بالإضافة إلى منحة مبادرة تكافل وكرامة الذى يصرف بأكمله على شراء أدوية لعلاج أبنائها.
وعن أصعب المواقف التى مرت بها خلال رحلتها مع أبنائها قالت الحاجة نجاح، أن كل حياتها مواقف صعبة بداية من اكتشاف مرض أبنائها وقدرتها على رعايتهم انتهاء بعدم السيطرة على أفعالهم وضبط سلوكهم فى التعامل مع الناس.
وأضافت: "كل يوم مواقف صعبة بتعدى عليا من أول ما أصحى من النوم لغاية لما أنام لكن ربنا بيهون عليا.. حد يتصور إنى مطلوب منى وأنا بطولى أراعى 4 رجالة شعرهم شاب وأشوف أكلهم وشربهم وأنضفهم وأنيمهم معايا لأنهم مش عارفين حاجة عن الدنيا".
وتابعت: "كل ده كوم وجرى وراهم على الطرق كوم تانى لأنى خايفة عليهم عربية تضربهم على السكة ولا حد من الناس يضربهم ولا يأذيهم علشان كده لازم تكون عينى وسط رأسى وأنا مفتحة عين ومغمضة التانية لأنهم فى الأول وفى الآخر دول أرواح ربنا أمنا عليهم ونتحاسب بيهم".
وعن أسباب وضع أساور حديد فى أيدى أبنائها أكدت الحاجة نجاح أو أم الصبر أنها وضعت أساور مكتوب عليها أسماء أبنائها لتسهيل العثور عليهم فى حال اختفائها أو تغيبهم عن المنزل.
وأوضحت: "هعمل إيه الولاد بيهربوا منى فى البلاد ومش عارفة أجيبهم فحطيت لهم أساور حديد مكتوب عليها اسمهم وعنوانهم عشان أى حد يقدر يتعرف عليهم ويوصلهم لبيتهم خاصة أنهم بيسافروا بلاد بعيدة آخرها حد من الولاد جبناه من محافظة كفر الشيخ بعد ما فضلنا ندور عليه لما انقطع قلبنا".