رحلت الفنانة القديرة سهير البابلي منذ قليل، والتي قدمت دور سكينة بمسرحية "ريا وسكينة" لتلحق بالفنانة شادية قبل أسبوع واحد فقط من ذكرى رحيل شادية التي شاركتها البطولة في مسرحية ريا وسكينة، حيث قدمت دور "ريا".
سهير البابلى النجمة والفنانة والإنسانة الاستثنائية، حازت حب واحترام الملايين وسكنت وجدان الكبار والصغار بأعمالها الخالدة، وشخصيتها الفريدة حملت كل معانى البهجة وحب الحياة، فشعر الملايين بأن ما يربطهم بها ليس مجرد علاقة جمهور بفنانة، ولكنهم كانوا يرون فى روحها وابتسامتها وقربها أمًا تحمل قلب حبيبة الذى يسع الجميع، وقدرة وصبر أبلة عفت على استيعاب الاختلافات وتقويم المشاغبين، وخفة ظل وشعبية سكينة فى "ريا وسكينة"، وبرجوازية بكيزة هانم التى لا يملك من يتعامل معها إلا أن يحبها ويعشق خفة ظلها ومواقفها.
عاشت سهير البابلى للناس ومع الناس حتى بعد حجابها وابتعادها عن التمثيل، كانت تلتقيهم دائمًا، تعاملهم معاملة الأم تتبادل معهم الضحكات والقفشات والنصائح والدعاء والحب والعطاء، ففضلاً عن عطائها الفني الذى امتد لأكثر من 60 عاما أثرت خلالها السينما والمسرح والتلفزيون، لم يتوقف عطائها الإنسانى حتى رحيلها.
في عام 1997 قررت سهير البابلى ارتداء الحجاب والاعتزال، وبالفعل اعتزلت لمدة 9 سنوات، ولكنها عندما قابلت الشيخ الشعراوى في الحج قال لها: "وماله لو مثلتى وإنتى بالزى ده، وتوصلى رسالة مفيدة وهادفة للناس، الناس بتشوف التليفزيون أكتر مابتروح الجامع، وممكن تسمع منك أكتر ما تسمع منى"، فقررت سهير البابلى العودة للتمثيل بشروط، وقدمت مسلسل "قلب حبيبة" عام 2005 وهى مرتدية الحجاب، وبعدها دخلت البابلى تجربة فنية أخرى فى مسلسل "قانون سوسكا" ولكنه لم يكتمل بسبب مشكلات الإنتاج.
وقضت الفنانة الكبيرة الفترة الأخيرة من حياتها مع ابنتها الوحيدة نيفين الناقورى وزوجها الدكتور رضا طعيمة المفكر والمحاضر في علم التربية والاتزان ومع وأحفادها ، فكانت تقضى معظم أوقاتها فى العبادة وقراءة القرآن، وكانت تصوم صيام داود، كما أشارت ابنتها في تصريحات سابقة لليوم السابع ، حيث كانت الفنانة الكبيرة تصوم يوما وتفطر يوما، وتشارك ابنتها وزوج ابنتها جلسات تفسير ومناقشة حول الأمور الدينية.
ورغم ارتدائها الحجاب وحتى خلال فترة اعتزالها لم تعتزل سيدة المسرح الفنانة سهير البابلى الحياة ولم تبتعد عن الجمهور رغم بعدها عن الأضواء، فكانت تخرج بين حين وآخر مع ابنتها الوحيدة نيفين للتسوق أو لحضور بعض المناسبات، وتفرح بالحفاوة والحب فى عيون الشباب والأطفال والكبار حين يرون نجمتهم المحبوبة، وتبادلهم الحديث الضاحك والقفشات، وتستقبل أصدقاءها وتتواصل معهم دائمًا ومنهم إسعاد يونس ويسرا، وتتابع الأحداث وتشارك فى بعض اللقاءات والمناسبات عامة.
وكانت الفنانة الكبيرة تكثر من الأعمال الخيرية ومساعدة المحتاجين كما أكد زوج ابنتها في تصريحات لليوم السابع ، قائلاً :" كانت لا تنام حين تعرف أن هناك مريضاً لا يجد ثمن العلاج أو إجراء جراحة حتى تدبر له ما يحتاجه من أموال وتبكى قائلة مش عاوزة أسمع كلمة أه من محتاج، كما كانت ترعى شئون من يقومون على خدمتها وتعاملهم كأم ، تأكل معهم وتحرص على حل كل مشكلاتهم."
وكشف زوج ابنة الفنانة الكبيرة سهير البابلى كيف تطورت الحالة الصحية للفنانة الكبيرة وتفاصيل الساعات التى قضتها قبل دخولها فى غيبوبة السكر، موضحاً أنها تعرضت لاضطراب فى معدلات السكر، وتدهورت صحتها، ورغم ذلك توضأت وأدت الصلاة وبعدها مباشرة دخلت فى غيبوبة، أى أنها دخلت الغيبوبة وهى على وضوء وبعد أن أدت فريضة الصلاة.
وتابع طعيمة: "كانت مثقفة ومفكرة وعبقرية ومواطنة مصرية صالحة ومخلصة تمثل المرأة المصرية ووقفت فى وجه أعداء الوطن وأيدت الرئيس السيسى وكانت نموذجا أصيلا حريصا على الهوية والانتماء المصرى، وتحالفت مع الدولة المصرية فى شدتها وأعلنت دائما موقفها بشكل واضح ، وكان تدينها تدين وسطى لطيف ليس به تشدد".