عقد قطاع شئون الإنتاج الثقافى، برئاسة المخرج خالد جلال، وتحت إشراف الفنان شادى سرور مدير مركز الهناجر للفنون، ملتقى الهناجر الثقافى الشهرى تحت عنوان "التعليم.. وتحديات المرحلة"، وأدارت النقاش الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة الملتقى ومؤسسته، بمركز الهناجر للفنون بساحة دار الأوبرا المصرية.
قالت الناقدة الدكتورة ناهد عبد الحميد، مديرة ملتقى الهناجر الثقافى ومؤسسته، إن بوصلة الملتقى تتجه الليلة نحو أحد أبرز الموضوعات وأكثرها أهمية لوطننا خلال هذه المرحلة بشكل خاص، لأنها تخصنا جميعًا، فالتعليم هو الأساس فى بناء الدولة المصرية الحديثة، فقضية التعليم هى قضية الوطن، التى تمثل نقطة البداية وحجر الزاوية والركيزة الأساسية لبناء دولة مصرية حديثة، وتشييد جمهورية جديدة قادرة على تخطى الصعاب ومواجهة كل الأزمات والتحديات والمحن أيًا ما كانت.
وأوضحت الدكتورة ناهد عبد الحميد، أن التعليم هو أساس بناء الإنسان المصرى الحديث الذى يتوافق مع الدولة المصرية الحديثة، مؤكدة على أهمية التعليم بمراحله المختلفة سواء المرحلة الجامعية أو ما قبلها، فإن الدول المتقدمة كافة اهتمت أولًا ببناء الإنسان والارتقاء بجودة تعليمه، فهو سبيل تطور الأمم وقاطرة تقدمها، وأشادت مؤسسة ملتقى الهناجر الثقافى الدكتورة ناهد عبد الحميد، بتوجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى فى بداية ولايته الثانية، تحديدًا فى خطابه أمام مجلس النواب فى مطلع شهر يونيو عام 2018م، حينما شدد على كل الجهات المسئولة بأهمية وضع مفهوم بناء الإنسان المصرى على رأس أولويات الدولة، وذلك يقينًا منه أن الإنسان المصرى نفسه هو الكنز الحقيقى، ولذلك ينبغى بناءه على أساس شامل ومتكامل بدنيًا وتعليميًا وصحيًا ومعرفيًا وثقافيًا، فالإنسان هو رأس مال وطنه، والمخزون الاستراتيجى لتقدم الأمم، واختتمت كلمتها مستشهدة بأبرز تجارب الناجحة فيما يخص مسألة بناء الإنسان، التى خاضتها عدة دول مثل: ماليزيا سنغافورا كوريا الجنوبية اليابان.
وقال تحدث الدكتور حسام بدراوى، رئيس لجنة التعليم والبحث العلمى الأسبق بمجلس النواب، ورئيس اللجنة الاستشارية لمؤسسة (التعليم أولًا)، إن التعليم فى مصر طريق طويل بدأ منذ أمد بعيد، ووفقًا له تزامنت بداية التعليم مع إصدار عميد الأدب العربى طه حسين كتابه: "مستقبل الثقافة فى مصر"، موضحًا أن طه حسين عرف الأمية بأنها ليست عدم القدرة على القراءة والكتابة فقط، بل إنها عدم القدرة القراءة والكتابة والفهم، لأن من يقرأ ويكتب دون أن يفهم ينتهى به الأمر مطية لمن يفهم، واليوم صرنا نضيف إلى ما سبق البعد عن الرقمية، لأن كل من هو ليس رقمى الآن يجد نفسه خارج منظومة المستقبل، وهو الأمر الذى يأخذنا إلى إستراتيجية مصر فيما يخص التعليم، التى أعلنت عام 2015 بواسطة رئيس الجمهورية، وقد تمت من خلال لجنة عملت طيلة عامين وضمت سبعين خبير، واعتمدت هذه الإستراتيجية على خمس ركائز أولها: الإتاحة والجودة وعدم التمييز، والركيزة الثانية تتمثل فى الإدارة المركزية واللا مركزية، وهو ما يأخذنا للاهتمام بالمدرسة، التى تُعد الخلية الأولى فى المنظومة التعليمية، والركيزة الثالثة تتمثل الرقمية أو رقمنة العملية التعليمية، رابعًا بناء الشخصية السوية، وهو ما يجب أن يتم تنميته داخل المدرسة تعليم الموسيقى والفن وممارسة الأنشطة الرياضية فى إطار المعايشة.
وتابع حسام بدراوى، فالمعايشة هى التى تخلق الوجدان، خامسًا وأخيرًا تأتى القدرة التنافسية، على المستويين المحلى والعالمى، مستشهدًا بمقولة الأديب الكبير جبران خليل جبران التى يقول فيها: "أولادكم أبناء الحياة المشتاقة إلى نفسها، بكم يأتون إلى العالم، ولكن ليس منكم، ومع أنهم يعيشون معكم، فهم ليسوا ملكًا لكم. أنتم تستطيعون أن تمنحوهم محبتكم، ولكنكم لا تقدرون أن تغرسوا فيهم بذور أفكاركم، لأن لهم أفكارًا خاصة بهم، وفى طاقتكم أن تصنعوا المساكن لأجسادكم، ولكن نفوسهم لا تقطن فى مساكنكم؛ فهى تقطن فى مسكن الغد، الذى لا تستطيعون أن تزوروه حتى ولا فى أحلامكم، وإن لكم أن تجاهدوا لكى تصيروا مثلهم، ولكنكم عبثًا تحاولون أن تجعلوهم مثلكم، لأن الحياة لا ترجع إلى الوراء، ولا تلذ لها الإقامة فى منزل الأمس، أنتم الأقواس وأولادكم سهام حية قد رمت بها الحياة عن أقواسكم.".
ومن جانبها أكدت الدكتورة راندا شاهين، رئيسة قطاع التعليم بوزارة التربية والتعليم، على أهمية عنصر الاستمرارية فى عملية تطوير التعليم، موضحة وجود العديد من النقاط المضيئة، الناتجة من تعاون مؤسسات المجتمع المدنى مع وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى، واستشهدت بعدة نماذج ناجحة فى هذا الإطار مثل: التعليم أولًا، والمعلمون أولًا، وأكدت ضرورة كون الاستمرارية آتية من داخل المؤسسة الحكومية بطبيعة الحال، فهذا هو ما يضمن استدامة النجاح مستقبلًا.
وأوضحت راندا شاهين، أن مشروع تحسين التعليم "سيدا" للوكالة الكندية، الذى كان من المفترض أن يطبق على خمس محافظات فقط كمرحلة تجريبية، حيث كانت حينها تشغل منصب مدير عام الإدارة العامة لرياض الأطفال، وأصرت وقتها أن لا ينحصر تطبيق هذا المنهج المطور على تلك المحافظات الخمس، بل أن يعمم على كامل محافظات الجمهورية.
وقال الدكتور إبراهيم فتحى، أستاذ الذكاء الاصطناعى بجامعتى عين شمس والجلالة، إن اصطلاح الذكاء يعنى الحصول على المعرفة وتطبيقها، أما الذكاء الاصطناعى فيعنى كيفية تغذية الحاسوب بالمعارف لكى يطبقها لحل المشاكل المختلفة بشكل آلى، وهو ليس مصطلح جديد، فقد ظهر الذكاء الاصطناعى بداية منذ عام 1956مز
وأشار الدكتور إبراهيم فتحى، إلى أن الذكاء الاصطناعى بشكل عام ينقسم إلى قسمين أساسيين، ألا رهنًا الذكاء الاصطناعى القوى، والذكاء الاصطناعى التطبيقى، وقد ظهرت فى الفترة الأخيرة عدة علوم حديثة فى هذا الإطار، مثل "تعلم الآلة" ثم "التعلم العميق"، مؤكدًا على أهمية مجالات علوم الحاسب وتكنولوجيا المعلومات، وأنه ينبغى على أولياء الأمور ألا يرغموا أبناءهم على الالتحاق بكليات الطب والهندسة، فهناك العديد من المهن المهددة بالاختفاء، ومن المرجح أن تحل محلها تطبيقات التقنيات الحديثة للذكاء الاصطناعى بفضل تطورها الرهيب المتواصل، مثل مهن طبيب الآشعة والمحاماة وغيرها من الأعمال التى يمكن أن تقوم بها تطبيقات الذكاء الاصطناعى بكل جدارة؛ فلا شك أن المستقبل الآن أصبح متمثلًا فى مجالات علوم الحاسب والذكاء الاصطناعى".
وأشار الدكتور محمود حمزة، المدير التنفيذى لمؤسسة (التعليم أولًا)، إلى أخطر حلقة فى العملية التعليمية تتمثل فى مديرى المدارس، وأوضح أن مصر بها نحو 54 ألف مدرسة، نحتاج أن نُحسن اختيار مديروها، ومنحهم السلطة والحافز، لا شك أن العملية التعليمية ستكون ناجحة حينها، كما أكد أهمية التنمية المهنية، للمعلمين والمديرين كذلك.
وأكد الفنان طارق الدسوقى، على أهمية قضية التعليم، متسائلًا عن وجود مادة التربية الموسيقية والمسرح المدرسى وسائر الأنشطة الرياضية والثقافية والفنية المهمة؟ للأسف اختفت كل أشكال الأنشطة الثقافية والفنية من مدارسنا، وأشار أنه تخرج من مدرسة حكومية فى محافظة القليوبية، وجد فيها كل هذه الأنشطة التى تُعد جزء لا يتجزأ من العملية التعليمية السليمة، وأكد أهمية دعم نشر الوعى والتنوير، وكذلك أهمية عودة الأنشطة المختلفة للنهوض بالعملية التعليمية.
واشار طارق الدسوقى، إلى أهمية زيادة التعاون بين وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى مع مؤسسات المجتمع المدنى، وفى مختتم حديثه أشاد بالدور المهم الذى يقوم به ملتقى الهناجر الثقافى، مؤكدًا أنه يعُد نفسه واحدًا من الشهود على ما يقدمه الملتقى من ثقافة وتنوير، كونه أحد رواد الملتقى منذ أن كان يحتضنه قصر الأمير طار، والفضلات استمرار هذا النجاح يعود فى الأساس لجهود وعزم مؤسسته الدكتورة ناهد عبد الحميد، على مواصلة هذا الدور التوعوى التنويرى المهم.
ختامًا قدمت الدكتورة ناهد عبد الحميد، مبادرة: (الفريق الذكى الموهوب الدولى) للأطفال، بحضور مؤسسة المبادرة وقائدة الفريق الدكتورة داليا هيكل، الأستاذة المساعدة بجامعة المنصورة، التى أوضحت أنها قامت بإعداد هذه المبادرة التطوعية، واعتمادها من شركة مايكروسوفت العالمية، وذلك انطلاقًا من واقع دورها المجتمعى كمعلمة، وإيمانًا منها بأن أطفالنا هم الاستثمار الحقيقى لكل بيت مصرى وعربى، وتعتمد تلك المبادرة فى الأساس على تنمية الإمكانيات الرقمية لدى الأطفال، وشارك فيها مجموعة من الأطفال، وقد حرصت كوكبة من الأطفال المشاركين فى هذه المبادرة على المشاركة ملتقى الهناجر، وإلقاء بعض الأبيات الشعرية، وهم: محمد حمدى، طلال حمدى، مريم عابدين، مريم جودة، وبدورها قامت الدكتورة ناهد عبد الحميد باستقبالهم وتقديم التحية الحارة لهم، دعمًا لمواهبهم وتشجيعًا لهم.
جاء الملتقى بمصاحبة فرقة: (عشاق النغم) بقيادة المايسترو الدكتور محمد عبد الستار، الذى قدم كوكبة متميزة من الأصوات الشابة وهم: (شمس الأسوانى، نهى المصرى، عمر حمدى، هايدى جلال، آية المصرى، نغم فتحى)، وقدموا باقة من الأغنيات المتنوعة منها: (الليلة يا سمرا، نعناع الجنينة، يعنى وبعدين يا حبيبى بقى، يا تمر حنة، ما بيسألش عليا أبدًا، كل ده كان ليه، صورة، قلبى دليلى، والله براوة)، وشهدت الفاعلية الالتزام بنسبة حضور 70% من القدرة الاستيعابية لمسرح الهناجر، وفقًا للإجراءات الاحترازية التى تتبعها سائر جهات وزارة الثقافة المصرية، بهدف الوقاية والحد من انتشار فيروس: (كوفيد-19).
الدكتورة ناهد عبد الحميد
خلال الملتقى
خلال الملتقى