عبر العمال فى معابد الكرنك عن سعادتهم الكبيرة، بحفل افتتاح مشروع إحياء طريق الكباش العظيم، موجهين الشكر لكل من كان سبب فى ذلك الحدث العظيم على أرض الأقصر، المتحف المفتوح الأكبر فى العالم، حيث رصد "اليوم السابع"، من قلب معابد الكرنك، احتفالات عمال الكرنك وطريق الكباش بيوم الاحتفالية العالمية لافتتاح الطريق مساء اليوم الخميس بمعبد الأقصر.
وقال محمود فاروق لـ"اليوم السابع"، قبل ساعات من الافتتاح العالمى أمس الخميس، إنه فخور بالعمل في هذا المشروع العظيم على مدار السنوات الماضية، ليخرج للنور أخيرا في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، مؤكداً أن العالم أجمع على موعد مع التاريخ الذى يعيده أحفاد الفراعنة من جديد في طريق الكباش واحتفالات عيد الأوبت داخله.
ويقول محمود فاروق لـ"اليوم السابع"، إنه ترعرع في عائلة تعشق العمل في المعابد والمقابر الفرعونية منذ قديم الأزل، وبدأ العمل رسمياً في معابد الكرنك في 1986م، كعامل ثم تدرج في المناصب حتى وصل لملاحظ عمال الكرنك، فأسرته من أبناء محافظة قنا، وتعمل في مجال الحفر والتنقيب عن الآثار بمقابر وادى الملوك والملكات وجبل القرنة مع هيئة الآثار منذ أكثر من 100سنة، فوالده "فاروق شارد"، من كبار رجال التنقيب والحفر عن الآثار التاريخية وتقديمها للعالم في مختلف متاحف ومعابد مصر، وعمل في تلك المهنة منذ أن كان عمره 13 سنة حتى وصل لكبير عمال الحفائر والتنقيب وورث المهنة عنه شقيقه الأكبر على فاروق.
ويؤكد كبير عمال معابد الكرنك، أنه حرص على تعلم تلك المهنة العظيمة من والده، الذي كان خبيراً بكافة فنون الحفر والتنقيب والعمالة في المعابد، وظل يرافقه منذ أن كان طفلاً لا يتعدي عمره 5 سنوات، وهو ما يقوم به الآن مع أبنائه في معابد الكرنك، وكان يتابع كل ما يقوم به والده في السابق للتعلم والحصول على ذلك الشرف الكبير بالعمل في خدمة الحضارة والتاريخ الفرعوني العظيم.
وأوضح، أنه ورث تلك المهنة عن والده منذ الطفولة وتعاقد رسمياً مع وزارة الآثار في عام 1986م، ومن وقتها تم الاستعانة به وعماله في مختلف المواقع الأثرية حول مصر في منطقة تونة الجبل بالمنيا ومنطقة صان الحجر بالشرقية وإدفو وسوهاج، والعمل في طريق الكباش وإخراج عدد كبير منها، حيث يشارك برفقة مجموعة من العمال بجنوب الصعيد لقدرتهم على تحمل الطقس الحار في جميع أنحاء محافظات مصر في تلك الأعمال الأثرية، ويقومون بتجميع القطع الفرعونية وحملها من مواقعها وتجميعها، حيث أقاموا أكثر من مسلة وتماثيل مختلفة في معابد الكرنك ومعبد الأقصر ومعابد البر الغربي والمقابر الفرعونية المختلفة.
وتتجه أنظار العالم، مساء اليوم الخميس، على الاحتفالية الترويجية والحضارية لمدينة الأقصر، احتفالا بالانتهاء من مشروع الكشف عن طريق المواكب الكبرى "طريق الكباش"، وهو من أهم الطرق والعناصر الأثرية الخاصة بمدينة طيبة القديمة، التى توليها الدولة اهتماما كبيرا فى الكشف عنها، فقد تم الكشف عن الطريق التاريخى لملوك الفراعنة منذ أكثر من 72 سنة، واستمرت أعمال الحفائر خلال الفترة الماضية بعد فترة توقف فى عام 2011 وعادت أعمال الحفائر والتطوير الخاصة بالطريق فى عام 2017، نظرا لكونه أحد العناصر المهمة لموقع طيبة على قائمة التراث العالمى التابعة لمنظمة اليونسكو، ما سيجعل من مدينة الأقصر متحفا مفتوحا.
طريق الكباش الفرعونى
هو عبارة عن طريق مواكب كبرى لملوك الفراعنة وكانت تحيى داخله أعياد مختلفة، منها عيد "الأوبت"، وعيد تتويج الملك، ومختلف الأعياد القومية تخرج منه، وكان يوجد به قديما سد حجرى ضخم كان يحمى الطريق من الجهة الغربية من مدينة الأقصر العاصمة السياسية فى الدولة الحديثة «الأسرة 18» والعاصمة الدينية حتى عصور الرومانية.
تاريخ طريق الكباش
يعود طريق الاحتفالات إلى قبل أكثر من 5 آلاف عام، عندما شق ملوك مصر الفرعونية فى طيبة "الأقصر حاليا" طريق الكباش لتسير فيه مواكبهم المقدسة خلال احتفالات أعياد الأوبت كل عام، وكان الملك يتقدّم الموكب ويتبعه علية القوم، كالوزراء وكبار الكهنة ورجال الدولة، إضافة إلى الزوارق المقدسة المحملة بتماثيل رموز المعتقدات الدينية الفرعونية، فيما يصطف أبناء الشعب على جانبى الطريق، يرقصون ويهللون فى بهجة وسعادة، وبادر إلى شق هذا الطريق الملك أمنحوتب الثالث، تزامنا مع انطلاق تشييد معبد الأقصر، لكن الفضل الأكبر فى إنجاز "طريق الكباش" يعود إلى الملك نختنبو الأول مؤسس الأسرة الثلاثين الفرعونية «آخر أسر عصر الفراعنة».
بدأت أعمال الحفائر بالطريق فى نهاية الأربعينيات من القرن العشرين بواسطة الأثرى زكريا غنيم، حيث قام عام 1949 بالكشف عن 8 تماثيل لأبى الهول، كما قام الدكتور محمد عبدالقادر 1958م- 1960 م، بالكشف عن 14 تمثالا لأبى الهول، وقام الدكتور محمد عبدالرازق 1961م - 1964 بالكشف عن 64 تمثالا لأبى الهول، وقام الدكتور محمد الصغير منتصف السبعينيات حتى 2002 م بالكشف عن الطريق الممتد من الصرح العاشر حتى معبد موت، والطريق المحاذى باتجاه النيل، كما قام منصور بريك عام 2006م بإعادة إعمال الحفر للكشف عن بقية الطريق بمناطق خالد بن الوليد وطريق المطار وشارع المطحن، بالإضافة إلى قيامة بصيانة الشواهد الأثرية المكتشفة، ورفعها معماريا وتسجيل طبقات التربة لمعرفة تاريخ طريق المواكب الكبرى عبر العصور.