نحو 6% من إجمالى الوحدات مؤجرة بقانون الإيجار القديم قبل صدور قانون الإيجارات الجديد الصادر سنة 1996 - بواقع 1.8 مليون وحدة متنوعة ما بين سكنية وتجارية، ويوجد ما يقرب من 90% من هذه الشقق المؤجرة غير مستغلة "موروثة"، الأمر الذى يعد إهدرا للثروة العقارية والتى يمكن أن تدر دخلا إلى خزينة الدولة، وبالتالى هناك ثروة عقارية معطلة فى حين أن هناك طلب على السكن.
وقانون الإيجار الجديد لم يحل هذه المشكلة بل عقدها، لأنه لم يجبر أصحاب الشقق المغلقة على فتحها للاستفادة منها، وإفادة من يحتاج إلى وحدات سكنية، وبالتالى أصبحت الوحدة معطلة، خاصة تلك المتواجدة بالأماكن الحيوية مثل منطقة وسط البلد، وبالتالى كل هذا أدى إلى صراع بين المالك والمستأجر، وكل طرف متمسك بوجهة نظره، وعليه قد وافق مجلس الوزراء على تعديلات قانون الإيجار القديم.
فى التقرير التالى، يلقى "اليوم السابع" الضوء على حزمة من الأسئلة والإجابات الخاصة بالتعديلات التى وافقت عليها الحكومة، والتى تقضى بإخلاء وحدات أو أماكن الإيجار القديم للأشخاص الاعتبارين لغير غرض السكن، وذلك خلال مدة لا تتجاوز الـ5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون، وإلزام المستأجر بإخلاء المكان المؤجر ورده إلى المالك، وفى حالة امتناع المستأجر يحق للمالك اللجوء للقضاء، وتحديد القيمة الإيجارية 5 أمثال القيمة القانونية السارية، وزيادة سنوية وبصفة دورية بنسبة 15%، وهذا القرار مقيد بشرطين – بحسب الخبير القانونى والمحامى بالنقض حسام حسن الجعفرى:
1- أن يكون المستأجر من الاشخاص الاعتبارية فقط "الشركات بأنواعها - مؤسسات - هيئات منظمات".
2- أن يكون الغرض من الإيجار غير معد للسكن كأن يكون "مقر إدارى للشركة - مخزن - معرض … إلخ".
ما هى التعديلات الجديدة؟
حددت المادة الأولى نطاق سريان مشروع القانون، وقد جاء قاصرا على الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لغير غرض السكنى، وفقا لأحكام القانونين رقمى 49 لسنة 1977 فى شأن تأجير وبيع الأماكن، وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، و136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، ما لم يتفق الطرفان على غير ذلك – وفقا لـ"الجعفرى".
ما هى المدة التى يجب خلالها إخلاء الأماكن المؤَجرة للأشخاص الاعتبارية؟
نصت المادة الثانية على أن أجل إخلاء الأماكن المؤَجرة للأشخاص الاعتبارية خلال مدة لا تجاوز 5 سنوات من تاريخ العمل بالقانون.
كيف يتم تحدد القيمة الإيجارية؟
تضمن المادة 3 تحقيق التوازن بين طرفى العلاقة الإيجارية، بأن حددت القيمة الإيجارية خمسة أمثال القيمة القانونية السارية، وتُزاد سنويًا، وبصفة دورية، بنسبة 15%.
متى يتم إخلاء المكان المؤَجر ورده إلى المالك؟
تلزم المادة الرابعة المستأجر بإخلاء المكان المؤَجر ورده إلى المالك أو المؤِجر بحسب الأحوال فى اليوم التالى لانتهاء المدة المبينة بالمادة 2 من هذا القانون.
ماذا لو امتنع المستأجر عن رد العين؟
فى حالة امتناع المستأجر عن ذلك يكون للمالك أو المؤجر بحسب الأحوال أن يطلب من قاضى الأمور الوقتية بالمحكمة الكائن فى دائرتها العقار بطرد الممتنع عن الإخلاء، دون الإخلال بالحق فى التعويض إن كان له مقتضى.
ما هى الفئات التى سيتم تطبيق هذه التعديلات عليها؟
1- الوحدات الإدارية التى يتم تأجيرها للأفراد العاديين.
2- المبانى التى يتم تأجيرها من قبل السفارات الأجنبية.
3- المحلات التجارية التى يتم تأجيرها من قبل الحكومة.
4- الوحدات السكنية التى يتم تأجيرها من الحكومة بهدف تجارى أو إدارى.
5- المكاتب التابعة للشركات.
6- المكاتب الخاصة بالمحاماة.
7- عيادات الخاصة بالأطباء.
8- المكاتب الاستشارية.
9- المحلات التى يتم تأجيرها من قبل الأفراد العاديين.
هل هناك تعارض بين التعديلات الجديدة وحكم المحكمة الدستورية العليا رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية؟
صدر حكم المحكمة الدستورية رقم 11 لسنة 23 قضائية دستورية والذى انتهى إلى أمررين:
أولا: بعدم دستورية صدر الفقرة الأولى من المادة (18) من القانون رقم 136 لسنة 1981 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر، فيما تضمنه من إطلاق عبارة: "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء المكان، ولو انتهت المدة المتفق عليها فى العقد،…"، لتشمل عقود إيجار الأماكن المؤجرة للأشخاص الاعتبارية لاستعمالها فى غير غرض السكنى، وألزمت الحكومة المصروفات، ومبلغ 200 جنيه مقابل أتعاب المحاماة – الكلام لـ"الجعفرى".
ثانيًا: بتحديد اليوم التالى لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره.
فمنح فترة انتقالية يتعارض مع أحكام المحكمة الدستورية التى تقضى بالإخلاء الفورى فالسؤال هنا.. كيف يكون هناك حكم صادر من المحكمة الدستورية بالإخلاء، ويكون هناك قانون يعطى فرصة انتقالية 5 سنوات قبل تحرير العقود.
وهناك أحكام قضائية صدرت بالفعل خلال الفترة السابقة عقب صدور حكم الدستورية ببطلان مادة القانون، فالتعديلات مجرد اقتراح أعلنته الحكومة فى صورة مشروع قانون لن ينفذ إلا بعد إقراره رسميا ونشره فى الجريدة الرسمية.
هل يصبح حكم الدستورية العليا سنداً بذاته لدعاوى إخلاء وطرد للمستأجرين من الشخصيات الاعتبارية؟
هناك رأيان:
الرأى الأول: يرى بأنه يجوز أن يكون الحكم بعدم دستورية صدور المادة 18 من القانون 136 لسنة 1981 سنداً لإقامة دعاوى إخلاء للأشخاص الاعتبارية العامة – سنده - أن فقد السند القانونى بعدم دستورية صدور تلك المادة يعنى أن البقاء فى العين المستأجرة من أشخاص اعتبارية سيكون بدون سند من القانون.
الرأى الثانى: يرى أن حكم المحكمة الدستورية لا يصح أن يكون سنداً لأسباب حاصلها التالى:
1- أن عدم الدستورية انصرف إلى تأبيد عقود الإيجار التى تعقد للأشخاص الاعتبارية، وبالتالى جوهر القضاء بعدم الدستورية كان (تأبيد) العقود وهو ما يتعارض مع حقوق الملكية الخاصة والتضامن الاجتماعى وفقاً لنصوص الدستور التي تقرر ذلك وغير ها من النصوص التي رددها الحكم.
2- أن تطبيق الحكم بذاته سيخلق هو الآخر نوعاً من عدم التكافؤ، وهو ما حرص الحكم على جعله سنداً للقضاء بعد الدستورية، فيصبح الشخص الطبيعى الذى تعاقد على مكان لغير أغراض السكنى إذا ما توافرت الشروط للامتداد متمتعاً بهذا الحق له وورثته حتى الدرجة الثانية، وربما يكون عقد إيجاره أسبق من عقد إيجار شخصية اعتبارية، بتطبيق الحكم بذاته سيبقى المستأجر الطبيعى مدة أطول كثيراً بعد تاريخ حكم الدستورية فيما لو أعتبر سنداً بذاته.
3- إن حكم الدستورية يتطلب ضرورة تدخل تشريعى حين جاءت الفقرة (ثانياً) فى منطوق الحكم على هذا النحو (بتحديد اليوم التالي لانتهاء دور الانعقاد التشريعى العادى السنوى لمجلس النواب اللاحق لنشر هذا الحكم تاريخًا لإعمال أثره.
ما هو موقف محكمة النقض؟
المشرع نظم الأحكام العامة لعقد الإيجار فى القانون المدنى وهى واجبة التطبيق فى الأصل على ما يبرم فى ظلها من عقود ما لم يرد فى تشريعات إيجار الأماكن الاستثنائية نص خاص يتعارض وأحكامها لتعلق أحكام التشريعات الأخيرة بالنظام العام، فإذا خلا التشريع الاستثنائى من تنظيم حالة معينة تعين الرجوع فيها إلى أحكام القانون باعتبارها القواعد الأساسية حتى لو كانت المدة المتعاقد عليها قد انتهت وأصبح العقد ممتداً بقوة القانون الاستثنائى.
ووفقا للمادتين 601, 602 من القانون المدنى فقد جعل المشرع القاعدة هى أن موت أحد المتعاقدين فى عقود الإيجار لا ينهيه بل تنتقل الحقوق والالتزامات الناشئة عنه إلى الورثة أخذاً بأن الأصل فى العقود المالية أنها لا تبرم عادة لاعتبارات شخصية، فإذا لم يعقد الإيجار خلافاً للأصل إلا بسبب حرفة المستأجر أو إذا كان الإيجار لم يبرم إلا لاعتبارات شخصية فإن الإيجار لا ينتهى بقوة القانون بل يجب أن يطلب إنهاؤه.
ولإن كان ظاهر نص المادة 602 سالفة الإشارة يفيد أن طلب الإنهاء مقرر لكل من المؤجر وورثة المستأجر المتوفى فى الحالتين المنصوص عليهما فيه إلا أنه استهداء بالحكمة التى أملته، فإن طلب الإخلاء مخوّل لورثة المستأجر دون المؤجر إذا لم يعقد الإيجار إلا بسبب حرفة المستأجر لأن مباشرة مهنة المستأجر المورث تقضى كفاية قد لا تتوافر فيهم بخلاف الحالة التى يراعى فى إبرام الإيجار اعتبارات متعلقة بشخص المستأجر فإنه يجوز طلب الإخلاء لكل من المؤجر وورثة المستأجر على حد سواء يؤيد هذا النظر ما أوردته المذكرة الإيضاحية لنص المادة 602 من أنه إذا كان الإيجار قد عقد لاعتبارات شخصية فى شخص المستأجر - فيجوز للمؤجر أن يطلب إنهاء العقد.
ومن ثم لا يستطيع المؤجر مع بفرض تطبيق حكم المحكمة الدستورية أن يلجأ إلى إنهاء عقد الإيجار وإلى طلب الإخلاء استنادا إلى هذا الحكم دون صدور نص تشريعى ذلك أن تلك الحالة تعنى كونها حالة لا تشملها القوانين الاستثنائية التى عقد الإيجار فى ظلها، وبالتالى فإن إعمال المادتين 601 و 602 من القانون المدنى هى الواجبة التطبيق، وبالنسبة إلى أن المادة الأخيرة ظاهرها يعطى الحق للمؤجر وللمستأجر وورثته إنهاء العقد فإن محكمة النقض مع حكمة النص قصرت ذلك على المستأجر وحدة دون المؤجر مسايرة لحكمة النص وفقاً لما أقرته محكمة النقض.
ما هى وجه نظر بعض الملاك لهذا القانون؟
مشروع القانون قد يراه بعض الملاك مجحفا فى حقهم لأن حكم المحكمة الدستورية الذى صدر عام 2018 أعاد العلاقة إلى القانون المدنى وحصل العديد منهم على أحكام بانتهاء العلاقة الإيجارية، وتسليم العين لمالكها طبقا للمادة 563 من القانون المدنى التى تتيح للمالك استرداد العقار المؤجر في حالة التنبيه بالإخلاء من المالك فى المدد القانونية بالمادة المشار إليها وفى حالة عدم التسليم يجوز للمالك رفع دعوى طرد للغصب، أما مشروع الحكومة فقد يؤدى إلى إرجاء أثر حكم المحكمة الدستورية لمدة 5 سنوات، حيث لم ينص على التحرير الفورى ولكن بموجب حكم قضائى مما يستلزم إجراءات طويلة.