ربما تكون فعالية التضامن مع الشعب الفلسطيني، التي نظمتها جامعة الدول العربية، اليوم الاثنين، مناسبة دورية، عادة ما يتم إحياءها سنويا، بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطيني، لكن يبدو أن الحدث هذا العام يحمل قدرا كبيرا من الاستثنائية، في ظل انقطاع خلال العام الماضى بسبب تفشى وباء كورونا، ناهيك عن المستجدات الكبيرة التي شهدتها الأراضى الفلسطينية، خلال العام الجارى، إثر انتهاكات كبيرة، تمركزت معظمها في مدينة القدس المحتلة، لتستهدف المقدسات الدينية، وعلى رأسها المسجد الأقصى، في إطار خطة أكبر تهدف في الأساس إلى تهويد المدينة المقدسة، وهو الأمر الذى بلغ ذروته في شهر مايو الماضى، مع الاشتباكات التي شهدتها الكثير من أحياء المدينة المقدسة، وأهمها حى الشيخ جراح.
ولعل اهتمام "بيت العرب" الكبير بالقضية الفلسطينية، تجلى في الانتصار لها، بعد سنوات من محاولات دولية وإقليمية لتهميشها، خاصة بعد حقبة "الربيع العربى"، وهو ما بدا بوضوح في الاجتماعات التي عقدتها خلال الأشهر الماضية، بدءً من اجتماع غير عادى لوزراء الخارجية العرب، مرورا بالاجتماعات التشاورية، وحتى الدورة العادية لوزراء الخارجية العرب، وانتهاءً بالاجتماع غير الرسمي بين الجامعة العربية والجمعية العامة للأمم المتحدة، في سبتمبر الماضى، في نيويورك، لتعيد الزخم من جديد إلى القضية التي تمثل أولوية قصوى لها، منذ عقود طويلة.
فعالية التضامن مع الشعب الفلسطينى
ففي كلمته أمام الفعالية، قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن إن الوقت قد حان للانتقال من مرحلة إدارة الصراع والحلول المؤقتة إلى التسوية النهائية والحل الدائم بالنسبة لقضية فلسطين، محذرا من أن سد الطريق فى وجه الفلسطينيين الراغبين فى السلام والتعايش سيكون له تبعاتٌ خطيرة على مستقبل هذه المنطقة، ومدى تمتعها بالسلام والاستقرار وأن الارتكان إلى استمرار الوضع القائم إلى الأبد هو وهمٌ وسراب.
وأضاف أبو الغيط، أمام الفعالية السنوية التى أقامتها جامعة الدول العربية اليوم بمناسبة اليوم العالمى للتضامن مع الشعب الفلسطينى وألقاها نيابة عنه الأمين العام المساعد السفير سعيد أبو علي، أن فرصة تطبيق حل الدولتين لن تبقى قائمة أو متاحة لوقتٍ طويل، خاصة وأن مقومات هذا الحل تتآكل على الأرض، إذ يقوم الاحتلال يومياً بتقويضها عبر قضم الأرض والتهويد، وبدائل حل الدولتين ستضع الاحتلال نفسه فى مأزق سياسى وأخلاقى ووجودى ليس من الواضح أنه يُدرك مدى خطورته.
غياب أبو الغيط عن الفعالية، بسبب مشاركته في مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد من أجل المتوسط في برشلونة، لم يمنعه من أن يحمل معه القضية ليعيد طرح رؤية بيت العرب من جديد، تجاه أحد أكثر القضايا التي طال أمدها لعقود طويلة من الزمن، حيث اعترف بتفاقم التحديات التي تواجهها المنطقة بسبب الأزمات التي ضربت دولها في السنوات الماضية، إلا أنها لا يمكنها تغييب أولوية "فلسطين"، منتقدا طروحات تدور حول حول تحسين الظروف المعيشية للفلسطينيين باعتبارها حلا للنزاع، مؤكدا أن هذا الطرح مصيره الفشل لأنه مرفوض عربيا وفلسطينيا ولا يعدو أن يكون مسكناً وقتياً للهروب من استحقاقات التسوية وفق حل الدولتين.
مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط ببرشلونة
وتبقى رؤية فلسطين لدور "بيت العرب" في دعمها أحد المحاور الهامة التي تناولها مندوب فلسطين لدى الجامعة العربية، مهند العكلوك، خلال كلمته أمام الفعالية، معربا عن تقديره للموقف التاريخى لجامعة الدول العربية، المساند لفلسطين، ونؤكد مؤكدا بأن إسرائيل لم ولا تستحق التطبيع والمكافآت، لأنها لم تفِ بشروط السلام ولم تدفع ثمنه ولم تتجه نحوه، بل إنها مازالت تحتل أراضى العرب وتسرق تاريخهم فى فلسطين، وتسلب مواردهم هناك، وتنتهك مقدساتهم بإمعانٍ وإصرار، وعلى رأسها المسجد الأقصى المبارك.
وأضاف العكلوك أن التضامن مع الشعب الفلسطينى ينبغى أن يأخذ الأشكال العملية التى يفهم من خلالها الاحتلال الإسرائيلى بأن المجتمع الدولى لم يعد يطيقه أو يتسامح مع جرائمه، معربا عن تحيته لكل من يرفض تجميل وجه الاحتلال الإسرائيلى.
ومن جانبه، دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيريش الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى إلى تجنب اتخاذ خطوات أحادية الجانب تقوض فرص التوصل إلى حل سلمي للنزاع استنادا إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ذات الصلة. وأدعو الطرفين كذلك إلى العمل البناء لإنهاء إغلاق غزة وتحسين الظروف المعيشية لجميع الفلسطينيين الخاضعين للاحتلال.
وأضاف خلال كلمته فى فعالية التضامن مع الشعب الفلسطينى التى نظمتها جامعة الدول العربية، وألقاها نيابة عنه منسقة الأمم المتحدة المقيمة لدى مصر إيلينا بانوفا، اليوم الاثنين، أن الهدف العام ما زال يتمثل في وجود دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن، وتلبيان التطلعات الوطنية المشروعة لكلا الشعبين، على أن تقوم الحدود بينهما على خطوط عام 1967 وتكون القدس عاصمة كلتا الدولتين.