أكد الفائز بجائزة نوبل للآداب 2021 الكاتب والروائي التنزاني من أصول عربية عبد الرزاق جرنة، أنه يرى الكتابة كقطعة موسيقية، نسمعها ولا نعرف سر جمالها، وأنه عمل في سنوات حياته الأدبية على إبراز معاناة المهاجرين الذين أفضت بهم الحياة إلى ركوب المخاطر والسفر خلف حياة أفضل.
جاء ذلك خلال جلسة حوارية عقدتها هيئة الشارقة للكتاب مع الكاتب والروائي عبد الرزاق قرنة، أدارتها الإعلامية سالي موسى، ضمن فعاليات الدورة الأربعين من معرض الشارقة الدولي للكتاب، الذي يقام في مركز إكسبو الشارقة حتى 13 نوفمبر الجاري.
وقال عبد الرزاق: إن الجميل في حصولي على الجائزة أنني رأيت السعادة على وجوه أشخاص بعثت الجائزة في أنفسهم رسائل إيجابية، وحملت لهم مشاعر صادقة عن إنسان عمل قدر الإمكان ليجعل حياتهم أفضل مما هي عليه من خلال كتبه ورواياته"، مشيراً إلى أنه لا يستطيع تغيير حياة الآخرين بالكتابة، وإن كان يتمنى ذلك.
وأضاف قرنة، أكتب للوصول إلى حياة أكثر تعبيراً عن أعماق الناس الذين أتحدث عنهم بكل صدق، بحيث أنقل الصورة الحقيقية عن معاناة المهاجرين، ولا أكذب،وأنا أعبر عن تجاربهم لصالح الحبكة، وبالتالي فإنه ينبغي أن ننظر بأعين ثاقبة إلى ما نحاول أن نكتب عنه، دون مغالاة أو مزايدة على الواقع".
وحول رحلته إلى جائزة نوبل للآداب، أشار عبد الرزاق قرنة إلى أنه لم يكن يمتلك العناصر التي تجعله يتوقع أن يصبح كاتباً محترفاً في يوم ما، وأنه كتب العديد من القصاصات التي جمعها خلال رحلته مع الكتابة بعد أن حط رحاله في بريطانيا مهاجراً عندما كان في الثامنة عشرة من عمره، ومرت تلك القصاصات على الكثير من دور النشر، التي كان يحاول أن ينشر لديها، إلى أن شاءت الظروف أن تقبل إحدى دور النشر بروايته التي أصبحت نافذته نحو عالم القُراء.
وحول المحاولة وأثرها في دخول عوالم الكتابة، قال عبد الرزاق، إن المحاولة عنصر مهم من عناصر دخول عالم الكتابة، وإن الفشل والإخفاق في إيصال الرسالة التي يسعى الكاتب إلى إيصالها ينبغي أن لا تجره إلى الخلف، بل ينبغي له أن يتمسك بالمحاولة مراراً وتكراراً، وبعد ذلك لا بد من أن يصل إلى مرحلة من المراحل التي تتوج فيها كافة محاولاته بالنجاح والتفوق، مشيراً إلى أن الكتابة التي دخل عبرها إلى القراء كان سيمثل رفضها رسالة انتحار بالنسبة له، لأنها جاءت بعد محاولات وتجارب كثيرة في الكتابة.
وحول عناصر العمل الأدبي الناجح، أوضح قرنة أن الكتابة الإبداعية كقطعة موسيقية، نسمعها ولا نعرف سبب جمالها، وذلك أنه وإن لم تكن مألوفة لدينا، إلا أن فيها من عناصر الجمال ما يدفع مستمعها إلى الإعجاب بها وإن لم يكن عارفاً أو ناقداً أو خبيراً في شأن الموسيقى، وكذلك الكتابة، فإن القارئ يستحسن الكتابة مع أنه قد لا يستطيع معرفة عناصرها أو أسرار جمالياتها.
وعن رأيه بالكتَاب الأفارقة، وأسباب عدم انتشار أعمالهم في الوسط العالمي، أوضح عبد الرزاق أن القارة السمراء تحفل بالكثير من المبدعين الذين برزت أعمالهم على الساحة الأدبية في السنوات الأخيرة وما قبلها أيضاً، وأن لديهم تجارب ثرية يمكن أن تدهش القراء في مختلف بلدان العالم، مؤكداً أن عدم انتشار تلك الإبداعات خارج إفريقيا لا يقلل من شأنها، خاصة وأن هناك تفضيلات عديدة من القراء والناشرين بدأوا بالالتفات إلى الأدب الإفريقي، الذي يترشح العديد من رواده لجوائز مرموقة في كل عام.