كانت الساعة الثامنة إلا الربع من صباح 5 نوفمبر، مثل هذا اليوم، 1969 حينما بدأت قوة مصرية خاصة كبيرة بعبور القناة والقيام بأجرأ عملية هجوم ضد القوات الإسرائيلية فى «وضح النهار»، وفقا لجريدة الأهرام 6 نوفمبر 1969.
فاجأت قواتنا المصرية فى هذه العملية إحدى الدوريات الإسرائيلية، بعد أن توغلت فى خطوط العدو حسب اعتراف إسرائيل، وكان تشكيل الدورية مكونا من عربيتين مدرعتين جنزير ودبابة، وكانت حصيلة الهجوم المفاجئ قتل 9 إسرائيليين من قوة تشكيل الدورية بينهم قائد الدورية، وعادت القوة المصرية سالمة، ومعها أسير إسرائيلى .. تذكر «الأهرام» أن المتحدث العسكرى الإسرائيلى اعترف ببعض الخسائر التى وقعت لهم فى هذا الهجوم.
كانت هذه العملية البطولية إحدى بطولات حرب الاستنزاف التى خاضها الجيش المصرى ضد القوات الإسرائيلية بعد هزيمة 5 يونيو 1967، أما القوة الخاصة التى نفذتها فيكشف النقاب عنها أحد أبطالها وهو «عبدالمنعم قناوى» للكاتب الصحفى محمد الشافعى فى كتابه «شموس فى سماء الوطن- أبطال المقاومة الشعبية فى مدن القناة»، مؤكدا أن العملية استغرقت 9 دقائق.
ولد «قناوى» فى السويس يوم 21 فبراير 1945، ولسنوات طويلة كان بطل المدينة فى الدراجات والرماية، وبعد هزيمة يونيو 1967، أصبح محاربا من نوع خاص شأنه شأن كل مواطن فى السويس، بتعبير الشافعى، وبدأ العمل الفدائى مع زملائه فى أوائل 1968، لكنه وحسب روايته، كان يبحث عن دور أكبر ولم يجده فى السويس، فذهب مع زملائه إلى مكتب منظمة فتح الفلسطينية فى شارع «عبدالحميد سعيد» بالقاهرة، وطلبوا الانضمام للمقاومة الفلسطينية، فقدم المسؤولون الشكر لهم وأعطوهم أعلاما فلسطينية واعتذروا.
يتذكر قناوى: «عندما علم المسؤولون فى مصر بما أقدمنا عليه فكروا فى القيام بنفس العمل فى سيناء وذلك بالتعاون مع الأفراد الذين يعرفونهم جيدا، وقام مكتب مخابرات جنوب القناة فى السويس باختيار بعض شباب السويس لتكوين «منظمة سيناء العربية»، وبدأت بعبدالمنعم خليل، غريب محمد غريب، محمود عواد، ومصطفى أبو هاشم».
تم تدريب عناصر المنظمة على الأسلحة البرية والبحرية والجوية لتبدأ بعدها فى تنفيذ عملياتها.. يؤكد قناوى: «كنا نعبر القناة ليلا لنزرع الألغام فى الطرق «المدقات» التى يستخدمها العدو، وكانت منطقة عملياتنا تقع جنوب البحيرات وبور توفيق، ثم امتدت جنوبا حتى شرم الشيخ - رأس محمد، وبعد نجاحنا طلب قائدنا الرائد حسين دراز أن نقوم بعمل كبير يلفت الأنظار ويحدث دويا، وذلك بمهاجمة دورية للعدو فى وضح النهار، وحدد لنا منطقة على بعد 8 كم شمال السويس، تمر دورية للعدو كل يوم منها إلى بور توفيق، تضم عربيتين نصف جنزير ودبابة لتوزيع جنود الخدمة على شط القناة».
طلب الرائد «دراز» من قائد الجيش أن تتعاون المدفعية فى العملية بتغطية أبطالها أثناء الانسحاب ولكن تعذر ذلك، وحسب قناوى: «بدأنا عملية استطلاع المكان بواقع اثنين منا فى كل ليلة إلى أن جاء الدور على الشهيد مصطفى أبوهاشم ومحمود عواد، فاستأذنا من قائد السرية التى يتم المراقبة من عنده العبور سرا بالسباحة إلى البر الشرقى، وبالفعل عبرا وعاينا المكان على الطبيعة، وقبل التنفيذ بيوم سألنا القائد عن استعدادنا، وفوجئ عندما علم أن مصطفى ومحمود عبرا إلى البر الشرقى».
يشرح قناوى تفاصيل الخطة، وتوزعت إلى، مجموعة اقتحام أولى، ومجموعة اقتحام ثانية، ومجموعة قطع طريق يمين، ومجموعة قطع طريق شمال ومجموعة للمراقبة ومجموعة مهندسين بعد أن أصبح العدو يستخدم إمكانيات الحرب الإلكترونية.
عبر الجميع ليلا وانتظروا الدورية الإسرائيلية التى تمر فى الصباح بعد أن وضعوا عبوة متفجرة فى وسط الطريق الذى ستمر عليه «سيارتان ودبابة وأمامهما جنديان ويتقدمها ثلاثة من سلاح المهندسين الإسرائيلى مترجلين على شكل رأس حربة، وكان هذا غير معتاد، يضيف قناوى: «فجأة انكفأ الجندى الذى فى المنتصف على العبوة مباشرة يفحصها بجهاز معه وأصبحنا فى موقف لا نحسد عليه يهددنا بفشل العملية بل ويهدد حياتنا جميعا، فقرر «أبوهاشم» فى أقل من ثانية إطلاق النار على الجندى فقتله، وتعاملنا مع بقية الدورية بعد أن اختلفت الخطة تماما، حيث أصبحت مجموعة الاقتحام الأولى فى مواجهة جنود المهندسين، والثانية فى مواجهة السيارة الأولى، وبسرعة انتقل الكل أمام السيارتين والدبابة وأصبح الالتحام وجها لوجه وبالبنادق فقط».
نجحت العملية وعبر الأبطال فى زورق مطاطى وكان على البر الغربى مجموعة فدائيين لحمايتهم.. يؤكد «قناوى»: «تركنا تحذيرا مكتوبا باللغة العبرية يقول: «هذا أول عمل وانتظرونا فى عدة أماكن من أرض سيناء».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة