تمر اليوم ذكرى رحيل أمير المؤمنين الفاروق عمر بن الخطاب، ثانى الخلفاء الراشدين، الـ 1377، إذ رحل فى مثل هذا اليوم فى 7 نوفمبر من عام 644م، الموافق 26 ذو الحجة 23 هـ، كان واحدًا من أقرب الصحابة إلى قلب الرسول، فيكفى أن النبى قال عنه قبل إسلامه: "اللهم أعز الإسلام بأحد العمرين"، ليكون ساندًا وعونًا ورفعة وعزة لدين الله، فكان إسلام الفاروق عمر بن الخطاب، صاحب النبى، وثاني الخلفاء الراشدين، وصاحب الفتوحات العظيمة.
الأديب الراحل عباس العقاد، كتب عن الفاروق فى سلسلة العبقريات، كتاب بعنوان "عبقرية" عمر تحدث فى ثقافة الفاروق، فى الجاهلية، وفى الإسلام، فقال: ظل فى إسلامه كما كان فى جاهليته عظيم الشغف بالشعر والأمثال والطرف الأدبية، بل ظل كذلك بعد قيامه بالخلافة واشتغاله بجلائلها ودقائقها التى تدع له من وقته فراغًا لغيرها، فكان يروى ويتمثل به ويحث على روايته ويعتدها من تمام المروءة والمعرفة، كما قال لابنه عبد الرحمن: "يا بنى، انسب نفسك تصل رحمك، واحفظ محاسن الشعر يحسن أدبك، فإن من لم يعرف نسبه لم يصل رحمه ومن لم يحفط محاسن الشعر لم يؤد حقا ولم يقترف أدبًا"، وقال للمسلمين عامة: "ارووا الأشعار فإنها تدل على الأخلاق".
"العقاد" أيضًا قال عن الفاروق، إنه كانت متعته بطرائف الأدب من متع الحياة التى لا يبالى لو حرم نصيبه منها، فكان يقول: لولا أن أسير فى سبيل الله، وأضع جبهتى لله، وأجالس أقواما ينتقون أطايب الحديث كما ينتقون أطايب الثمر، لم أبال أن أكون قد مت.
وسره أن عاد العرب إلى رواية الشعر بعد أن شغلهم عنه الجهاد فى سبيل الدين، فكان يقول إن الشعر "كان علم قوم لم يكن لهم علم أصح منه، فجاء الإسلام فتشاغلت عنه العرب بالجهاد وغزو فارس والروم ولهيت عن الشعر وروايته فلم يألوا إلى ديوان مدون، ولا كتاب مكتوب، فألفوا ذلك وقد هلك من العرب من هلك بالموت والقتل فحفظوا أقله وذهب منهم أكثره".
ومن ناحية الأدب فيه وناحية الدين معًا حثه على تعلم العربية، "لأنها تثب العقل وتزيد فى المروءة" وقد أوصى بوضع قواعد النحو لأنه قوام العربية.
صاحب العبقريات، تحدث عن عمر بعد الخلافة، فقال، لم يزل عمر الخليفة، هو عمر الأديب طوال حياته، ولم ينكر من الشعر إلا ما ينكره المسئول عن دين، ولم ينس قط أنه الأديب الحافظ الراوية، إلا حيث ينبغى أن ينسى ذلك ليذكر أنه القاضى المتحرر الأمين، فنهى عن التشبيب بالمحصنات، كما نهى عن الهجاء، وجىء له بالخطيئة متهما بهجاء الزبرقان بن بدر حيث يقول فيه: دع المكارم لا ترحل لبغيتها واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى.
فنسى أنه الأديب الرواية، ولم يذكر إلا أنه القاضى الذى يدر الحدود بالشبهات ولا يحكم بما يعلم دون ما يعلمه أهل الصناعة، وقال للزبرقان: ما أسمع هجاء ولكنها معاتبة، ثم سأل حسان بن ثابت، فقضى بأنه هجاء وأفحش فى هجائه، فحبسه وأنذره ونهاه أن يعود إلى مثلها فانتهى طوال حياة عمر، ثم عاد إليه بعد وفاته.
أما فيما يخص التاريخ، فذكر العقاد، أن المشهور عن عمر أن كان عليمًا بتاريخ العرب، وأيامها ومفاخر أنسابها، كعلمه بالمتخير من شعرها والسائر من أمثالها، ويتابع: وفقه عمر بالشريعة التى كان مسئولاً نفاذها مشهور بين الفقهاء كاشتهار أدبه وأطلاعه على تاريخ قومه، فكان عبد الله بن مسعود يقول: "كان عمر أعلمنا بكتاب الله، وأفقهنا فى دين الله، وكان إذا اختلف أحد قراءة الآيات قال له: اقرأها كما قرأها عمر".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة