هتعيش كأنك معاهم.. تفاصيل الحياة اليومية لملوك وأبناء الأسرة 12 الفرعونية داخل "المقصورة البيضاء" للملك سنوسرت الأول".. مدير الكرنك: تحوى نقوشا رائعة وتم إحياؤها عام 1936 بأيدى عالم فرنسى.. فيديو

• ترصد المقصورة أقاليم الشمال والجنوب بالعصور الوسطى

• وتضم نقوش وأسماء ومظاهر تقديم القرابين للآله والأكل اليومى للمصرى القديم

• ونقوش للخس والشعير ومأكولات المائدة والطيور واللحوم والثعابين وجعران

قدم "تليفزيون اليوم السابع" بثا مباشرا لأول مرة داخل مقصورة الملك سنوسرت الأول فى قلب المتحف المفتوح بمعابد الكرنك، رصد خلاله تفاصيل وأسرار وتاريخ المقصورة ونقوشها التى مازالت متواجدة بسحرها وجمالها الطبيعى رغم مرور آلاف السنين على إنشاء تلك المقصورة المميزة.

والتقى "اليوم السابع" بالطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، والذى أكد أن تلك المقصورة تعود للملك سنوسرت الأول أحد ملوك الأسرة 12 بالأسر المصرية القديمة فى عصر الدولة الوسطى، وسميت بالمقصورة البيضاء بسبب لون الحجر الخاص بها فهى من "الحجر الجيري" وكان يسميه المصرى القديم "إينيرحج" وهو الحجر المشرق أو الحجر الأبيض، حيث أن أفضل محجر للحجارة الجيرية هى محاجر طرة وبها أفضل أنواع الحجر الجيرى، والمصرى القديم كان يكتب على تلك الحجارة أنه جلبها من أفضل محاجر الحجر الجيرى بمصر بمنطقة طرة.

وأضاف الطيب غريب، أن تلك المقصورة وجدت عبارة عن مجموعة من الكتل والأحجار داخل الصرح الثالث للملك أمنحتب الثالث، وهى كانت الواجهة للمعبد فقرر أن يستخدم تلك الكتل كحشو داخل الصرح الثالث، وفى خمسينات القرن الماضى وخلال الترميم والصيانة بتلك الفترة لوحظت بعض الأحجار المنقوشة وتم إخراجها وتنظيفها ووصلت لآلاف الكتل من الأحجار، وعكف على دراسة تلك المقصورة العالم الفرنسى هنرى شيفرييه ونجح فى عام 1936 فى إعادة بناء تلك المقصورة بكل أبعادها وكل تفاصيلها وألوانها التى مازالت حتى الآن وهى "الأخضر والأزرق والأحمر"، قائلاً: "نلاحظ شيئا جميلا بالمقصورة وهو قمى الرقى لملوك الحضارة المصرية القديمة، وهى الميازيب التى كانت توضع أعلى المقصورات لسحب المياه من الأعلى بالمقاصير والمعابد وتجميعها للخارج وهى التى انتشرت فى العمارة الإسلامية فيما بعد وفى أوروبا بالعصر الحديث، والمصرى القديم كان يجهزها بأشكال هندسية وفى تلك المقصورة عبارة عن رأس أسد لتؤكد على أن المصرى القديم صاحب حضارة عظيمة من القدم ويقوم بكل شىء عظيم ومتطور وقتها".

واستطرد مدير معابد الكرنك حديثه عن المناظر والنقوش فى المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول، مؤكداً على أن أهم ما يوجد عليها تسجيل كل الأقاليم المصرية التى كانت موجودة بعصر الدولة الوسطى خلال فترة حكم الملك سنوسرت الاول، وعلى سبيل المثال "تا سى تي" وهو الإقليم الأول من إقليم مصر العليا والآله المعبود ومساحة الإقليم فى جدول مميز على جدران المقصورة، مشدداً على أن المصرى القديم كان دقيق جداً فى كل شىء، حيث أنه كان ينقش الأقاليم من الناحية الشمالية لأقاليم الشمال، ومن الناحية الجنوبية أقاليم الجنوب، وهو يعلم تماماً الاتجاهات والشمال الحقيقى والشمال الجغرافى، وفى محيط المقصورة الجدول الذى يضم اسم الإقليم والإله الذى عبد فى ذلك الإقليم ثم مساحة كل إقليم ليكون عبارة عن كتاب منقوش لجغرافيا الدولة فى ذلك الوقت.

وأكد الطيب غريب، على أنه فى مدخل المقصورة يوجد نقش لاسم الملك سنوسرت "سن أوسرت" ولقب التتويج بجانبه وهو "خبر كا رع"، وبداخل المقصورة توجد أجمل وأروع نقوش ساحرة فى مقصورات الدولة الوسطى والحضارة المصرية القديمة، فيوجد رسم رائع للصقر بتفاصيل الريش كاملة، والجعران "خبر" والنحلة "نسو بيتي" وهو أحد الألقاب المصرية القديمة الخمسة للملك فى تلك العصور ومنها، "نسو بيتي" و"سا رع" واللقب الحورى عبارة عن صقر على واجهة القصر و"عنخ ميسوت" أحد ألقاب الملك سنوسرت الأول ويعنى ولادة العهد الجديد، فهو ثانى ملك فى الأسرة 12 وكان يبشر بعهد جديد ومجموعة من الإنشاءات والمشاريع التنموية، وسمى فترته "عنخ ميسوت" بمعنى ولادة العهد الجديد.

وأوضح مدير الكرنك الطيب غريب، أنه كل التفاصيل والنقوش على جدران المقصورة البيضاء من الداخل، وهو ما يميز فن فترة الدولة الوسطى حيث أنها من أجمل المقاصير المفتوحة للزيارة بمعابد الكرنك، حيث أنه تلك المقصورة تفككت وتم إعادة إحياؤها مرة أخرى عام 1936، قائلاً:- "توجد على المقصورة نقوش لأحد أشهر آلهة الحضارة المصرية وهو الإله مونتو وهو أحد الآلهة التى تتخذ شكل الصقر، ويتم معرفتها من الشكل العام للوجه ومع أعلاه والاسم، وهو مشهد للإله مونتو وهو يهب الحياة المباركة للملك سنوسرت الأول".

واستكمل "اليوم السابع" جولته داخل المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول، برصد نقوش ومناظر رائعة لعيش الشعير وهو أحد أنواع الخبز المقدس الذى يقدم للآلهة فى القرابين المختلفة، ونقش للإله "آمون مين" شكل ثانى للإله آمون رع وهو رب الإخصاب والحياة الجنسية عند المصريين القدماء، وذلك خلال تقديمه القرابين للآلهة فى شكل عيش مثلث، وتوجد مناظر أخرى لتقديم قربان للإله "آمون مين" وهو تقديم النبات المقدس للإله وهو نبات الخس والذى كان من الخضروات المقدسة عن المصرى القديم، حيث أن حياته كانت تعتمد على الحياة الطبيعية والإكثار من الخضروات مثل البطل والثوم والخس والجرجير، بالإضافة للخبز من الشعير أو القمح حسب الطبقة للشخص، كما توجد زهور تكون من المقدمات الرئيسية للقرابين عند الملوك القدماء، بجانب قرابين من لحوم وطيور وبخور وعطور وشعلة جميعها لها مغزى دينى عند المصرى القديم.

وفى نهاية الجولة، أكد الطيب غريب مدير بمعابد الكرنك، لـ"اليوم السابع"، أنه فى المجمل تقدم المقصورة البيضاء للملك سنوسرت الأول لمحة هامة وعظيمة جداً عن الفن فى تلك الفترة بالدولة الوسطى، وما كان يتم وضعه من لمسات تفصيلية على الحيوانات والخضراوات والفاكهة وغيره من الحياة اليومية والطقوس الدينية والقرابين، وهو ما كان يقوم به المصرى القديم فى حقبة الدولة الوسطى.