رحل عن عالمنا، اليوم، الفنان القدير أحمد خليل، أحد الممثلين الكبار فى عالم الفن، فى الساعات الأولى من صباح اليوم الثلاثاء، عن عمر ناهز 80 عاما متأثر بإصابته بفيروس كورونا.
وأحمد خليل فنان كبير قدم العديد من الأدوار المميزة فى مسيرته، ولعل دور "عطا المراكيبى" فى مسلسل حديث الصباح والمساء، من إخراج أحمد صقر كان من أبرز هذه الأدوار.
أحمد خليل وليلى علوى
وشخصية "عطا المراكيبى" شخصية مركبة أبدع الكبير نجيب محفوظ فى وصفها والكتابة عنها، ومما جاء فى الرواية:
عطا المراكيبى
فى الأصل كان صبيا فى دكان الصالحية لصاحبها المغربى جلعاد المغاورى، التقطه الرجل يتيما ورباه وأذن له بالبيات فى دكانه. وأثبت الصبى جدارة وأمانه، ولزم صاحبه حتى صار شابا يافعا قوى الجسم ربعة غليظ القسمات ضخم الرأس، فزوجه من ابنته الوحيدة سكينة وجعله نائبه فى الدكان، وأقام معه فى مسكن الغورية جارا للمعلم يزيد وابنه عزيز.
ولما رحل جلعاد وزوجته ورثت سكينة الدكان شرعا وورثها عطا فعلا، وكان متحليا بأخلاق التجار الدمثة يغطى بها خشونة سجاياه فأمكنه أن يكون صديقا ليزيد والشيخ القليوبى.
أما سكينة فكانت على قدر من الوسامة وبنيان هلهله الضعف فتلكأ إنجابها فترة، ثم أنجب نعمة عقب ولادة عسيرة كانت تبذل فى حياتها. وورثت نعمة عن أمها عينيها السوداوين النجلاوين ونعومة بشرتها السمراء وغزارة شعرها الكستنائى مع صحة جيدة، وكانت سكينة حسنة الجوار ففازت بقلب فرجة السماك ومهدت بذلك الطريق لزواج نعمة من عزيز فى الوقت المناسب.
حديث الصباح والمساء
وجمع مقهى الشربينى بالدرب الأحمر بين الشيخ القليوبى ويزيد وعطا ليلة بعد ليلة، وشهد الرجال نابليون بونابرت على جواده وهو يسير على رأس جنوده أمام المشهد الحسينى وعاصروا تقلبات حملته وخاصة ثورتى القاهرة وكاد يزيد يهلك فى الثورة الثانية، وعاصروا بعد ذلك ولاية محمد على ومذبحة المماليك، والثورة التى أحدثها الوالى فى البلد وأهلها.
ورغم أن الشيخ القليوبى كان يمتاز بثقافته الدينية إلا أن الوشائج الشعبية والتراثية كانت تقربه من وجدان صاحبيه، ولم يغب عنه ما طبعا عليه من حرص وجهل ولكنه كان يأخذ الناس على علاتها.
...........
وظل عطا على حالة من القناعة والرقة حتى توفيت امرأته سكينة بعد عام من زواج ابنتها نعمة من عزيز أفندى ابن المعلم يزيد، وإذا بالحى كله يفاجأ بزواجه من الأرملة الثرية هدى الألوزى، كانت تقيم فى بيتها العتيق على الجانب المواجه لدكان المراكيبى فهل كان للقصة تمهيد قديم لم يفطن إليه أحد؟
وقال القليوبى ليزيد: ستحدث أمور، لا يمكن أن توافق هدى هانم على بقاء زوجها فى دكانه.
وراح عطا يفكر بعقل مدير لم يجد من قبل الفرصة المناسبة لاستغلال مواهبه. وشاور فى أمره أهل الحل والعقد فى تلك الشئون من جيرانه الأغنياء واليهود المدربين، وفى الحال اقتنى أرض فضاء وشرع فى تشييد السراى الكبرى بميدان خيرت، وعقب مرور زمن اشترى عزبته فى بنى سويف وأقام فيها السراى الريفية.
عطا المراكيبى
وأنجبت له هدى هانم الألوزى محمود وأحمد، ومضى يدرس الزراعة ويوثق علاقاته بجيرانه الجدد والحق أن الثروة كشفت عن مواهبه الكامنة وقوة شخصيته، كما هتكت حرصه وشحه وجشعه اللانهائى إلى الثراء.
وبخلاف الظنون فرض سيطرته الكاملة على امرأته والمتعاملين معه حته شبهه الشيخ القليوبى بالوالى الذى جاء مصر جندى بسيطا ثم تعملق فوق هامة امبراطورية مترامية. بل كانت نهاية إمبراطور بنى سويف خيرا من نهاية الوالى ألف مرة. ووهنت علاقته بأصدقائه القدامى ولكنه لم ينقطع من زيارة نعمة وعزيز فى الغورية، يغزو الحى فى حنطوره طاويا نظرات الحسد تحت حذائه.
مشهد من مسلسل حديث الصباح والمساء