توترات لم تختف، شهدتها العلاقات الأمريكية الروسية، رغم ما بدا على السطح من مشاهد دبلوماسية على مدار أسبوع منذ انعقاد القمة التى جمعت الزعيمين الأمريكى جو بايدن ، والروسي فلاديمير بوتين الثلاثاء الماضي، فما بين حشد أمريكي ـ أوروبي للضغط علي موسكو في أزمة أوكرانيا، ونبش لأزمات الماضي من جانب الرئيس الروسي، ورسالة عزاء خص بها الأمريكيين بعد نكبة الأعاصير، بدا واضحاً أن قمة الفيديو لم تؤت ثمارها، ولم تخلف إلا المزيد من الأجواء المشحونة.
وبعد يوم من انتهاء القمة التي جمعت بوتين وبايدن الثلاثاء، ورغم ما أشار إليه مسئولو الطرفين من أن الاتصال كان إيجابيا، إلا أن بايدن قال إنه "حذر" بوتين من عقوبات لم يشهدها أحد من قبل إذا هاجم أوكرانيا، وقال جو بايدن: حذّرت فلاديمير بوتين من عقوبات "لم يرَ مثلها أبدا" في حال تعرضت أوكرانيا لهجوم.
ويوم الخميس، أجرى الرئيس الأمريكي اتصالا جماعيا بالفيديو مع رئيس أوكرانيا فلوديمير زيلينسكى وتسعة من قادة دول أوروبا الشرقية، وكان الهدف المعلن لهذا اللقاء هو إبلاغهم بما دار بينه وبين بوتين. إلا أن بايدن وعد خلال الاتصالات بتقديم الدعم فى حال هاجمت روسيا أوكرانيا، وقال إنه لن يتم الاتفاق مع روسيا على شيء حول المنطقة دون أن يتم إخبارهم، بحسب ما قال مسئولون من هذه الدول.
بوتين رد على بايدن وتحذيراته وتعهداته بطريقة غير مباشرة، بحديث عن نجاح موسكو من قبل كشف عمل عملاء السى أي إيه فى روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتى. وتحدث بوتين يوم الجمعة عن أن كوادر من العاملين فى وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية قد عملوا لدى الحكومة الروسية فى منتصف التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفيتى.
وقال بوتين: فى أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، قمت بتطهير الجميع، ولكن في منتصف التسعينيات، كانت كوادر من العاملين في وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، كما اتضح ذلك في وقت متأخر، يعملون كمستشارين وموظفين رسميين في الحكومة الروسية، فيما بعد تمت محاسبتهم جنائيا لأنهم بعملهم معنا فيما هم يعملون في الـ CIA، انتهكوا التشريعات الأمريكية، بمشاركتهم في الخصخصة بروسيا".
وربما كانت تلك رسالة من بوتين للولايات المتحدة بأنه قادر على كشف محاولاتهم المستمرة لهدم روسيا ودوائر نفوذها والتصدى لها فى مجالات عديدة.
كذلك جاءت اجتماعات وزراء خارجية مجموعة السبع فى لندن ليكون شعارها تحذير روسيا من غزو أوكرانيا.و دعا وزراء خارجية المجموعة ، روسيا إلى عدم التصعيد والالتزام بالقنوات الدبلوماسية وتعهداتها الدولية بشأن شفافية الأنشطة العسكرية تجاه أوكرانيا، محذرين من أن مزيدا من العدوان العسكري ضد أوكرانيا من شأنه أن يؤدي إلى عواقب وخيمة وكلفة باهظة في الرد.
ووسط حرب التصريحات بين الجانبين، كانت هناك إشارات على إمكانية تلطيف الأجواء، تجلى ذلك فى الإشارة إلى احتمال عقد لقاء مباشر بين بوتين وبايدن، حيث قالت شبكة سى إن إن أن بوتين قال لبايدن أثناء الاتصال الأخير بينهما أنه سيود حقا أن يلتقيا لإجراء المزيد من المحادثات. إلا أن أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكي، قد استبعد صراحة احتمال حدوث ذلك فى ظل ما وصفه بالعداء المستمر من موسكو. ومن المتوقع أن يسافر أبرز مسئولي أوروبا بالخارجية الأمريكية إلى روسيا الأسبوع المقبل لمناقشة تطورات الأوضاع.
وفى لافتة إنسانية، حرص بوتين على أن يقدم العزاء لبايدن فى ضحايا الأعاصير القوية التي ضربت عددا من الولايات الأمريكية فى الأيام الأخيرة.
ونشر الحساب الرسمي لبوتين على تويتر بيان الكرملين، والذى جاء فيه أن الرئيس الروسى أعرب عن تعازيه للرئيس الأمريكى جوزيف (جو) بايدن للتداعيات الكارثية لـ إعصار كنتاكى وعدد من الولايات الأخرى.
وجاء فى رسالته إن روسيا تتشارك الحزن مع هؤلاء الذين فقدوا أفراد عائلتهم او أصدقائهم فى هذه الكارثة. ونتمنى بصدق تعافيا سريا لكل المصابين، وتاكل ان تتغلبوا سريعا على تداعيات هذه القوة للطبيعة.