يثير تقنين الحشيش جدلا واسعا فى أوروبا، بعد اتجاه ألمانيا إلى تشريعه، حيث ينجذب الألمان إلى الحشيش التى تعكف الحكومة الجديدة على دراسة تقنينه، ويأتى الدور على إيطاليا التى تعانى من انقسام فى حكومة ماريو دراجى بسبب تقنينه.
وقالت صحيفة "السوسي دياريو" الإيطالية إن الحشيش يعيد انقسام القوى السياسية الداعمة لحكومة دراجى، كما حدث بالفعل في البرلمان بمناسبة التصويت على اعتماد النص الأساسي الذي يهدف إلى تقنين الحشيش، فإن الانقسام الواضح بين يسار الوسط ويمين الوسط يتكرر بشكل مرن على أعلى المستويات، مع حزب الخمس نجوم M5s والحزب الديمقراطى Pd من جهة، لصالح تشريع يراجع القواعد الحالية بشأن استخدام وزراعة الحشيش، ويمين الوسط من جهة أخرى، يعارض بشدة أي مبادرة في هذا الصدد.
وأشارت الصحيفة، إلى أنه تم طرح فكرة تقنين الحشيش مرة أخرى فى المؤتمر الوطني السادس حول الإدمان، الذي روجت له وزيرة سياسات الشباب المنتمية إلى حزب الخمس نجوم، فابيانا دادون، التى قالت إنه تم فتح القضية مرة أخرى بعد 12 عاما من التوقف.
في مقدمة المؤتمر، أوضحت الوزيرة أنه بشكل عام فيما يتعلق بموضوع الإدمان، "الأمل هو وضع خطة عمل وطنية".
ودعت الوزيرة باتباع ألمانيا فى مسألة تقتنين الحشيش، وهو ما أثار الجدل فى إيطاليا فى اجتماع مجلس النواب حيث صوت كلا من أحزاب (الخمس نجوم والحزب الديمقراطى وحزب أحرار ومتساوون) لصالح التقنين، بينما فض أحزاب فورزا إيتاليا وليجا التقنين، ولكن تم إيقاف الأمر الآن حين يتم التقارب فى وجهات النظر ويتم التصويت عليه مرة أخرى، وفقا لوكالة "أجى" الإيطالية.
كما يتضح من النقاش حول هذا الموضوع، مع جبهتين متعارضتين بشكل واضح، وبحسب وزير العمل، أندريا أورلاندو ، من الضروري التغلب على "مجرد نهج قمعي" للمشكلة وتجنب "النفاق والأيديولوجيات والتعصب والدعاية السياسية".
لاحظ حاكم فريولي، ماسيميليانو فيدريجا، وهو من المعارضين لإضفاء الشرعية على التقنين: "أتفق مع أولئك الذين قالوا إنه يجب علينا عدم استخدام المخدرات في الحملة، لكنني لا أعتقد أن المخدرات يمكن محاربتها بإضفاء الشرعية عليها".
على نفس المنوال، قالت الوزيرة للشؤون الإقليمية مارياستيلا جيلميني: "أقول بوضوح إنني جزء من فكر، تيار ثقافي، لا يعارض فقط أي شكل من أشكال تقنين أي نوع من المواد المخدرة ، لكنني كما أنني مقتنع بأنه لا حرية لتعاطي المخدرات "، حسبما قالت صحيفة "الفاتو كوديتيانو" الإيطالية.
لوكسمبروج
في نهاية شهر أكتوبر الماضي، صارت دولة لوكسمبورج من أوائل دول أوروبا في تقنين زراعة الحشيش في المنازل، وقررت الحكومة أن زراعة كل أسرة 4 نبتات حشيش، واستهلاك أو حمل كميات أقل من 3 جرامات لن يعد جريمة جنائية.
ورغم ذلك سوف يبقى نقل الحشيش ممنوعًا، بالإضافة إلى وضع قيود للاتزام بقانون الزراعة، منا أن كل مخالف سوف يدفع غرامة قدرها 25 يورو، بعدما كانت 251 يورو، إذ أصدرت حكومة لوكسمبورج هذا الإعلان التاريخي مستندة إلى عدم فعالية الحظر والحاجة إلى مواجهة سلاسل التوريد غير القانونية للحشيش.
ألمانيا
تتجه ألمانيا نحو إضفاء الشرعية على الحشيش، حيث توصلت لقوى السياسية ذات الأغلبية للحكومة الجديدة إلى اتفاق، ووفقا لصحيفة " السوسي دياريو" الإيطالية.
ويبدو أن الاشتراكيين الديمقراطيين الألمان والديمقراطيين الأحرار والخضر، الذين يمثلون الحكومة الجديدة، توصلوا إلى اتفاق لتضمين الإجراء ، وستفرض الحكومة "التوزيع المحكوم للحشيش على البالغين" للاستهلاك الترفيهي من خلال المتاجر المرخصة. الهدف هو "فرض رقابة صارمة على المنتج لضمان جودته" وفي نفس الوقت "حماية القاصرين".
وأكدت الصحيفة أن الأمر لن يتعلق الإجراء باستخدام الماريجوانا كدواء، لأنه كان قانونيًا في الاتحاد الأوروبي منذ عام 2017. بالإضافة إلى ذلك ، يجب أن ينص العقد الجديد أيضًا على التمديد لمن لديهم 16 عامًا على الأقل من الحق للتصويت لأوروبا والفيدرالية ، ولكن لهذا يحتاجون إلى دعم المعارضة.
ويقول الرئيس التنفيذي لجمعية القنب الألمانية، جورج وورث، بشأن ذلك: إن "الجميع متحمسون، لأن ذلك قد يحدث بالفعل. يمكن أن تصبح ألمانيا ثالث دولة في العالم تقنن الحشيش"، مضيفا أن إلغاء تجريم تعاطي مادة الحشيش، أي إزالة العقوبة الجنائية بحقّ مستهلكيه، يسبق التقنين الكامل، وهو الأمر المرجح، على الرغم من أن الأطراف لا تزال داخل دائرة المفاوضات.
ويقول وورث: "في العشرين عاما الماضية أو نحو ذلك، ساد اعتقاد بأن إلغاء التجريم سيأتي أولاً، ثم يأتي التقنين كخطوة ثانية، ولكن سنرى، فربما تحققت الخطوتان بقفزة واحدة".
ويعد تعاطي وحيازة مادة الحشيش أمراً محظوراً في ألمانيا، ويواجه المتعاطون تهمة ارتكاب جريمة جنائية، فيما يواجه الأشخاص الذي تضبط بحوزتهم كميات من الحشيش عقوبة السجن لمدّة قد تصل إلى خمس سنوات.
من ناحية أخرى ، رفضت وزارة الصحة الألمانية أمر تفتين الحشيش فى البلاد، وقال متحدث باسم وزارة الصحة إن الحشيش مادة خطرة ولا ينصح بتقنينه، بينما أقر بأن النبات المخدر قد يكون مفيدا طبيا في حالات معينة.
ومن جانبه، ذكر رئيس نقابة الشرطة الألمانية (DPolG)، راينر فينت، أن الحشيش ليس فقط بوابة خطيرة نحو المخدرات، بل يشكل أيضا خطرا، خاصة بالنسبة للشباب، لأنه لا يمكن السيطرة على تركيبته.
وأعرب فينت عن خشيته من العواقب الوخيمة لتقنين محتمل لهذه المادة المخدرة، خاصة على حركة السير على الطرق، وقال"إذا أصبح الأشخاص المدخنون للحشيش جزءا من حركة المرور، سيصبح لدينا مشكلة"، مشيرا إلى أن تعاطيه يتسبب بالفعل في حوادث متكررة تُسفر عن جرحى أبرياء، موضحا أن سيطرة الشرطة وحدها لن تكون كافية على الإطلاق.
كتالونيا
وأشارت صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية إلى أن كتالونيا تعتبر بؤرة الزراعة الغير مشروعة للماريجوانا أو الحشيش فى القارة العجوز حتى تم إطلاق عليها "حديقة الحشيش الأوروبية"، وقالت مديرة الزراعة بكتالونيا، إليسيندا جويلومس إن هناك العديد من المشاورات الجديدة حول المتطلبات القانونية في مؤتمر في جامعة البوليتكنيك في كتالونيا.
وتعتبر إسبانيا هى جنة وبستان الماريجوانا فى أوروبا، وبعد عقود من كونها بوابة الحشيش ، تتكاثر مزارع الماريجوانا، وتجذب العصابات الإجرامية من جميع أنحاء القارة.
وقال رامون تشاكون، نائب رئيس وحدة التحقيقات الجنائية التابعة للشرطة الإقليمية الكتالونية، موسوس دى إسكوادرا: "إن جذور الماريجوانا ترسخت بطريقة تجعل كل الجريمة المنظمة من جميع أنحاء أوروبا تأتى إلى إسبانيا وتحديدا كتالونيا، وذلك لأن كتالونيا هى التى نسميها حديقة أوروبا، فهى تنتج معظم الماريجوانا".
وأضاف: "تلك البنية التحتية لهؤلاء الأشخاص الذين اعتادوا العمل بالحشيش أدركوا الآن أنهم يكسبون المزيد من المال باستخدام الماريجوانا، ثم توقفوا عن استيراد الحشيش، والذى يتم استيراده أيضا، ولكن كل الأعمال تقريبا تتجه نحو الماريجوانا".
ويصل سعر جرام الماريجوانا 5 يورو في إسبانيا، لكنه يزيد بثلاث مرات في بقية أوروبا، وحتى ستة أضعاف سعره في بعض دول الشمال، ومع وجود حوالى 25 مليون متعاطٍ، يعتبر الماريجوانا العقار المفضل في أوروبا. ووفقًا لليوروبول أنفق الأوروبيون 11.6 مليار يورو على الماريجوانا، العام الماضي 39٪ من إجمالى الاستثمار فى المخدرات.