تاريخيا زرعت مصر القطن بين عامي 1805 إلى 1848، وأقامت عدة صناعات تعتمد عليه، وبعد مرور 200 سنة أعادت مصر كتابة تاريخ زراعة القطن ونجحت فى زراعة القطن قصير التيلة، فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى وبتوجيهات مباشرة منه.. فما تفاصيل القصة؟.
البداية كانت عام 1820 عندما بدأ حاكم مصر محمد علي باشا فى إدخال القطن طويل التيلة، الذى نجحت زراعته بشكل مناسب في عام 1821 بعد تجارب خلال السنوات السابقة، وتم إقامة صناعات أهمها: الصناعات التجهيزية وتمثّلت في صناعة آلات حلج وكبس القطن، وفي مضارب الأرز ومصانع تجهيزه، وتجهيز التيلة للصباغة، ومعاصر الزيوت، ومصانع لتصنيع المواد الكيماوية.
بجانب الصناعات التحويلية، وهي الصناعات المتعلقة بالغزل والنسيج بكافة أنواعه، وأقام مصانع للنسيج، وكان أول مصنع حكومي بمصر هو "مصنع الخرنفش للنسيج" وكان ذلك في عام 1816، وأيضًا"مصنع الجوخ" الذي استقدم له خبراء من بريطانيا للتأسيس وإدارة تلك الصناعة في مصر، بالإضافة إلى تعليم العاملين في هذا المصنع أسرار الصنعة لتقوم عليهم بعد ذلك تلك الصناعة، وكان الغرض من إنشاء مصنع الجوخ هو توفير الكسوة العسكرية للجيش المصري .
مصر ونجاح زراعة قصير التيلة
بعد 200 سنة بالتمام والكمال أعاد الرئيس السيسى كتابة تاريخ زراعة القطن، لكن هذه المرة بالقطن قصير التيلة، وبنجاح كبير يساوى نسب نجاح زراعته في الدول المنتجة له، من خلال زراعته في شرق العوينات السنة الثانية على التوالى، حيث حققت بعض الزراعات إنتاجية بلغت 19 قنطار وبمتوسط عام بالجمع اليدوى 15.8 قنطار ونحو 10 قناطير للفدان بالجمع الآلى، حيث أن البذور المستخدمة تنتج في بلادها بين 12 الى 14 قنطارا، وانتجت فى مصر أكثر من 16 قنطارا للفدان بزيادة عن الانتاج العالمى.
تكليفات الرئيس السيسى بتكرار التجربة
بداية النجاح كانت من خلال اجتماع الرئيس عبد الفتاح السيسى، بوزير قطاع الأعمال العام هشام توفيق ورئيس جهاز مشرعات الخدمة الوطنية، تم استعرض نتائج التجربة الأولى لزراعة القطن والتى حققت بعض الانتاجية المناسبة في بعض الافدنة بلغت 9 قناطير للفدان، لكن المتوسط العام كان فى 6 قناطير للفدان وبالتالى بعد عرض النتائج كلف الرئيس عبد الفتاح السيسى بزراعته وبتكرار التجربة الموسم الجارى للعام الثانى على التوالى، بإشراف ومتابعة ووزارة قطاع الأعمال العام وجهاز مشروعات الخدمة الوطنية.
مع بداية تنفيذ تجربة زراعة 500 فدان تم الاستعانة بوزارة الزراعة ومركز بحوث القطن، كما تم تكليف المهندس سعيد عبد التواب فرج حمودة، خبير زراعة القطن، بمسؤلية تنفيذ التجربة تحت إشراف الجهات المعنية ، بداية من انتقاء نوعية البذور مرورا بالزراعة والمتابعة حتى عملية الحصاد.
وبحسب المصادر فإنه مع بداية الزراعة تم استبعاد مساحة تبلغ نحو 231.3 فدان نظرا لعدم انباتها وتعرضها لعواصف أثرت عليها فتم استبعادها تماما والتركيز على المساحة المتبقية وحساب التجربة عليها.
متوسط النتائج العامة لتجربة قصير التيلة
بدورها أعلنت وزارة قطاع الأعمال العام عن نتائج تجربة زراعة القطن قصير التيلة بمنطقة شرق العوينات بمساحة (218.7 فدان) للعام الحالي 2021 بالتعاون مع جهاز مشروعات الخدمة الوطنية ووزارة الزراعة واستصلاح الأراضي، وجاء ذلك في إطار الحرص على تقليل فاتورة الواردات وتوفير مستلزمات الإنتاج محليًا، وفي ضوء توجيهات فخامة رئيس الجمهورية.
وقالت الوزارة إنه بلغ متوسط الإنتاجية للفدان الواحد 9.85 قنطار زهر بالجني الآلي مقارنة بـ5.7 قنطار في العام الماضي 2020، ويرجع ذلك إلى الدروس المستفادة من التجربة في عامها الأول، والخبرات المتراكمة عن زراعة الأقطان قصيرة التيلة آلياً في أراضٍ صحراوية لأول مرة في مصر. وكان القرار بالاستمرار في نفس موقع الزراعة لعامي 2020 و2021 وباستخدام نفس البذور لبناء المعرفة المطلوبة للوصول الى أفضل النتائج.
وأضافت الوزارة أن الطلب المحلي والعالمي على الملابس المصنعة من الأقطان قصير التيلة يمثل (97:98%) من إجمالي الأقطان المزروعة مقارنة بـ(2:3%) للأقطان طويلة التيلة، وتقوم مصر باستيراد الملابس الجاهزة والغزول السميكة والأقطان قصيرة التيلة للوفاء باحتياجات السوق المحلي، لذا فإن التوسع في زراعة الأقطان قصير التيلة في الصحراء يوفر واردات مصر منها البالغ قيمتها 2 مليار دولار سنويا.
وأشارت إلى أنه تم التأكيد على أن تكون الزراعة في مناطق بعيدة عن الوادي والدلتا، ضماناً لعدم الخلط مع الأقطان المصرية طويلة التيلة، وعليه كان اختيار مزرعة الشركة الوطنية لاستصلاح وزراعة الأراضي الصحراوية بمنطقة شرق العوينات.
تجدر الإشارة بحسب الوزارة إلى أن مقدار الوفر المحقق من زراعة تلك الأقطان حوالي ألف جنيه مصري أو ما يمثل 43% من تكلفة استيراد القطن اليوناني الذي وصل سعره هذا الموسم إلى 2330 جنيها للقنطار، مما يمثل ضغطًا على العملة المحلية، وجعل الصناعة الوطنية عرضة لتقلبات الأسواق العالمية وتوافر الأقطان فيها.
زراعة من 30 لـ 50 ألف فدان العام المقبل
وكشفت المصادر إنه من المتوقع التوسع فى زراعة تلك النوعية من الاقطان الموسم المقبل، وزراعة ما بين 30 ألف إلى 50 ألف فدان، مما يساهم فى دخول مصر ضمن الدول المنتجة، والمصدرة للأقطان قصيرة التيلة، بجانب توفير العملة الصعبة قيمة الاستيراد من الأقطان القصيرة ومنتجاتها، وبالتالى خفض عجز الميزان التجارى، مع توفير المادة الخام لمصانع قطاع الأعمال العام والقطاع الخاص وتحقيق الأمن القومى بتوفير المادة الخام للمصانع الجديدة التى تتوسع فيها مصر بتكلفة نحو 21 مليار جنيه.
وأشارت المصادر أن التجربة راعت زيادة المساحة وخفض التكاليف، ما يتيحها للمستثمرين والعاملين فى مجال القطن المواسم القادمة، للدخول فى مجال زراعة الأقطان القصيرة، علاوة على فتح المجال لزيادة الرقعة الزراعية المزروعة قطن قصير سنويا وزيادتها تدريجيا، ما يساهم فى توفير فرص عمل عديدة نتيجة الزراعة، واستصلاح الاراضي الصحراوية الجديدة خاصة فى جنوب مصر
كما أن نجاح مصر في زراعة الأقطان قصيرة التيلة شرق العوينات الموسم الجارى، بل وتحقيق إنتاجية عالية منها تفوق مثليتها في مختلف دول العالم بلغت إنتاجية بعض الإفدنة اكثر من 19 قنطارا، سيمكنها خلال السنوات المقبلة على دخول قائمة الكبار من المصدرين، ولا سيما في حالة التوسع في زراعة الأقطان القصيرة بشكل متزايد ، حيث أظهرت النتائج النهائية لتجربة زراعة الأقطان قصيرة التيلة شرق العوينات، أن متوسط إنتاجية الفدان بلغت 10 قناطير قطن بالحصاد الآلى نظرا لضعف نمو الزراعات فى بعض المساحات مما خفض المتوسط العام، في حين بلغت إنتاجية أغلب المساحات 14 قنطارا بالحصاد الآلى، و16 قنطارا بالحصاد اليدوى وبلغت فى بعض الأفدنة 19.3 قنطار، وهى نسب إنتاج عالمية.
وكشفت مصادر لـ"اليوم السابع" أن زراعات القطن قصير التيلة شرق العوينات وفرت 40% من التكلفة مقارنة بتجربة العام الماضى، حيث بلغت تكلفة الفدان الواحد نحو 11 ألف جنيه، مقابل نحو 17 ألف جنيه العام الماضى، مع تضاعف كمية الإنتاج من الأقطان العام الجارى، لافتة إلى أن نسبة هدر الماكينات الآلية بلغت نحو 35% في حين أن المعدل العالمى يتراوح من 10 الى 20% ،وبالتالي يمكن الوصول بالجنى الآلى لنحو 12 قنطار للفدان الواحد.