خيانة الائتمان ما بين التزوير وخيانة الأمانة.. الخلاف القانوني بين تكييف الجريمة لا يزال قائم.. وكلا الجريمتين تستند على خيانة المتهم ثقة المجنى عليه ووضع بيانات أخرى.. جريمة فى جوهرها تزوير جائز الإثبات

الجمعة، 31 ديسمبر 2021 05:30 ص
خيانة الائتمان ما بين التزوير وخيانة الأمانة.. الخلاف القانوني بين تكييف الجريمة لا يزال قائم.. وكلا الجريمتين تستند على خيانة المتهم ثقة المجنى عليه ووضع بيانات أخرى.. جريمة فى جوهرها تزوير جائز الإثبات خيانة الائتمان - أرشيفية
كتب علاء رضوان

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

التزوير هو تغيير الحقيقة في محرر بإحدى الطرق، المقررة قانونا تغييرا من شأنه أحداث الضرر، ومن طرق التزوير تغيير اقرارات ذوي الشأن التي كان من الواجب ادراجها في المحرر وكذا جعل واقعة مزورة في صورة واقعه صحيحة، ولهذا كان الأصل أن من يعطي آخر ورقة ممضاه علي بياض لمليء بياناتها على نحو معين، فيعمد مستلم الورقة إلي ملئ البيانات على نحو مختلف يعاقب بمقتضي نصوص التزوير.

 

ولكن المشرع خرج عن هذا الأصل وافرد نص تجريمي خاص، وهو المادة 340 من قانون العقوبات لسلوك الشخص الذي يؤتمن على ورقة مسلمه إليه علي بياض، وموقع عليها من المجني عليه لملى بياناتها على نحو معين، ثم يملئها بسند دين أو خلافه على غير ارادة المجني عليه الذي سلمه الورقة، حيث أن جرائم خيانة الأمانة وإساءة أو خيانة الائتمان من الجرائم المستقلة بذاتها التي زادت معدلات ارتكابها في الوقت الراهن، نتيجة تشابك، وتعقد المصالح والمعاملات بين الناس في ظل تدنى الوازع الديني والأخلاقي، من خلال اعتداء شخص على ملكية شخص أخر وانتهاك حقوقه عن طريق خيانة الثقة التي أودعت فيه. 

 

44778-20190517030350350

 

الخلاف حول تكييف جريمة خيانة الائتمان على التوقيع ما بين التزوير وخيانة الأمانة

 

في التقرير التالي، يلقى "اليوم السابع"، الضوء على إشكالية في غاية الأهمية تتمثل في الخلاف حول تكييف جريمة خيانة الائتمان على التوقيع ما بين التزوير وخيانة الأمانة، وأثر ذلك في الإثبات، حيث عدم إلمام الكثير من المواطنين بمعنى خيانة الأمانة وخيانة أو إساءة الائتمان، والعقوبة المرتبة عليهما، وعدم معرفة الفروق الجوهرية بينهما، يجعل الكثير منهم يقعون فيها، فيبددون أموال الناس وينتهكون حقوقهم بغير رادع في ظل إيثار المصلحة الخاصة على المصلحة العامة وغياب الوازع الأخلاقي والديني - بحسب أستاذ القانون الجنائي والمحامى بالنقض ياسر الأمير فاروق.

 

في البداية – تعرف خيانة الأمانة على بياض كما ورد في نص المادة 340 من قانون العقوبات: "كل من ائتمن على ورقة ممضاه أو مختومة على بياض فخان الأمانة، وكتب في البياض الذي فوق الختم أو الإمضاء سند دين أو مخالصة أو غير ذلك من السنادات والتمسكات التي يترتب عليها حصول ضرر لنفس صاحب الإمضاء أو الختم أو لماله عوقب بالحبس ويمكن أن يزاد عليه غرامة لا تتجاوز خمسين جنيها مصريا، وفي حالة ما إذا لم تكن الورقة الممضاة أو المختومة على بياض مسلمة إلى الخائن، وإنما استحصل عليها بأي طريقة كانت فإنه يعد مزورا ويعاقب بعقوبة التزوير".  

164142-603595_o

 

رأى يرى أن جريمة خيانة الائتمان على التوقيع هي نوع من خيانة الأمانة

 

ويري بعض الفقهاء، أن جريمة خيانة الائتمان على التوقيع هي نوع من خيانة الأمانة، إذ تنطوي على خيانة ثقة، وضعها المجني عليه في الجاني الذي ائتمنه على الورقة الممضاة علي بياض، ولكن تختلف عنها في كون المال المسلم عبارة عن ورقة ممضاة علي بياض ليثبت فيها أمور معينة ذكرها له صاحب التوقيع لثقته فيه، فيخون تلك الثقة ويثبت فيها سند دين أو خلافة على غير ارادة صاحب الامضاء – وفقا لـ"فاروق".  

 

رأى يرى خيانة الائتمان على التوقيع تزويرا

 

في حين أن البعض الآخر يعتبر خيانة الائتمان على التوقيع تزويرا، ولكن الرأي مستقر على أن شرط وقوع جريمة خيانة الائتمان على التوقيع هو سبق تسليم المجني عليه الورقة للمتهم اختياريا والاتفاق علي ملئ بيانتها ثم يخون المتهم ثقة المجني عليه ويضع بيانات أخري، أما إذا تم الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض وملئ بياناتها من خلال الخلسة أو الغش أو الطرق الاحتيالية أو أي طريقة أخرى غير التسليم الاختياري للورقة يعتبر تزوير من خلال المباغتة معاقب عليه بمقتضى المواد 213 و214.  

2017070508060161

الرأي الأول لمحكمة القض في الأزمة 

 

هذا وقد سبق لمحكمة النقض التصدي لمثل هذه الأزمة في الطعن المقيد برقم 8031 لسنة 87 قضائية، حيث اعتقدت الدوائر المدنية والتجارية بمحكمة النقض أنه مادام خيانة الائتمان نوع من خيانة الأمانة، فانه يسري عليها القيد المنصوص عليه في المادة 225 إجراءات التي تلزم القاضي الجنائي عند اثبات المسائل الاولية غير الجنائية طرق الإثبات المقررة في القانون الخاص بتلك المسائل، فلا يجوز اثبات عكس ما اشتملت عليه الورقة الممضاة علي بياض، إلا بالكتابة أو من خلال مبدأ الثبوت بالكتابة بعكس التزوير الذي يجوز اثباته بكافة طرق التزوير.

 

وقالت "المحكمة"، إن تغيير الحقيقة فى الأوراق الموقعة على بياض ممن استؤمن عليها هو نوع من خيانة الأمانة، وهو الذى يرجع فى إثباته للقواعد العامة ومن مقتضاها أنه لا يجوز إثبات عكس ما هو فى الورقة الموقعة على بياض إلا أن تكون هناك كتابة أو مبدأ ثبوت بالكتابة، أما إذا كان الاستيلاء على الورقة الموقعة على بياض قد حصل خلسة أو نتيجة غش أو طرق احتيالية أو بأية طريقة أخرى خلاف التسليم الاختيارى فعندئذ يعد تغيير الحقيقة فيها تزويرا يجوز إثباته بطرق الإثبات كافة والاحتيال والغش الذى يجعل من تغيير الحقيقة فى الورقة الموقعة على بياض تزويرا يجوز إثباته بكافة الطرق هو الذى يكون قد استخدم كوسيلة للاستيلاء على الورقة ذاتها بحيث ينتفى معه تسليمها بمحض الإرادة.

1362274-1362274-جنحة-خيانة-الامانة

رأى أخر لمحكمة النقض في الأزمة     

 

في حين رأت الدائرة الجنائية بمحكمة النقض، أن جريمة خيانة الائتمان علي التوقيع هي في جوهرها تزوير جائز الإثبات بكافة طرق الاثبات وهو ما استقرت عليه الدوائر الجنائية، وقالت الدائرة الجنائية بمحكمه النقض في ذلك بأن تسليم الورقة الممضاة على بياض هي واقعه مادية لا تقتضي أكثر من إعطاء صاحب الامضاء امضاءه المكتوبة على تلك الورقة الى شخص يختاره، وهذه الواقعة المادية منقطعة الصلة بالاتفاق الصحيح المعقود بين المسلم وامينه عن ما يكتب فيما بعد بتلك الورقة بحيث ينصرف اليه الامضاء، أما الاتفاق الذي يكتب زورا فوق الامضاء، فيجوز اثبات عكسه دون تقييد طريق الكتابة، إذ القول بعكس ذلك معناه ترك الأمر في الاثبات لمشيئته مرتكب التزوير، وهو لا يقصد سوي نفى التهمة عن نفسه وهو ما يمتنع قانونا لما فيه من خروج بقواعد الاثبات عن وضعها.  

 

حقيقة الاختلاف حول تكييف جريمة خيانة الائتمان

 

ووأضح، أن الخلاف المار ذكره يرجع إلى الاختلاف حول تكييف خيانة الائتمان علي التوقيع، وما اذا كان يعد خيانة أمانة أم تزوير، فالدائرة المدنية والتجارية رأت أنه "خيانة أمانة" فأعملت القيد الوارد في المادة 225 اجراءات بعكس الدائرة الجنائية التي رأت أنه "تزوير" جائز الإثبات بكافة طرق الاثبات، واتجاه الدائرة الجنائية أصح إذ القيد الوارد في المادة 225 اجراءات لا يسري علي جريمة "خيانة الائتمان" علي التوقيع حتي وأن كانت تلك الجريمة نوع من خيانة الأمانة، إذ ليس هناك مسائلة مدنية أولية في صورة تصرف قانوني، لأن سبق تسليم ورقة موقعة علي بياض واقعة مادية وليس عقدا، فتثبت بكافة طرق الإثبات – هكذا يقول "فاروق".

 

أما التصرف الذي كان من الواجب كتابته، وإثبات الجاني في الورقة ما يخالفه، فهو من أركان الجريمة، وبالتالي يخضع للقواعد العامة في الإثبات الجنائي، وهو حرية القاض الجنائي في الإثبات دون قيد أو شرط، والقول بغير ذلك من شأنه إفلات الجاني من العقاب، بأن يكتب علي البياض ما قيمته يزيد عن حد النصاب الجائز الإثبات بالبينة.









الموضوعات المتعلقة


مشاركة

لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة