حالة من الغموض تحيط بالحالة الصحية للرئيس الأمريكى جو بايدن، برغم رسائل التطمين المتكررة التى أطلقها البيت الأبيض بعد جراحة طارئة تم خلالها استئصال ورم "حميد" من قولون الرئيس الأمريكى، واضطر على إثرها بايدن لنقل صلاحياته لنائبته كامالا هاريس التى أصبحت رئيس "كامل الصلاحيات" لمدة 85 دقيقة نهاية الشهر الماضى.
وبعد تأكيدات البيت الأبيض وطبيب الرئيس الأمريكى كيفين أوكونر والتى نشرتها لصحيفة واشنطن بوست بأن جراحة بايدن الأخيرة "آفة تسرطن محتملة، تتطلب مواصلة المراقبة الطبية الروتينية"، فوجئ الأمريكيين بالرئيس الأمريكى وهو يسعل بشدة فى مؤتمر صحفى مساء الخميس، ويتحدث بصوت خشن، الأمر الذى برره بقوله "أنا على ما يرام، وأجرى اختبار كورونا يومياً ليوقف الجميع الشائعات التى من الممكن تداولها.. وما أملكه هو حفيد يبلغ من العمر عام ونصف العام مصاب بنزلة برد، و"بو الصغير" يحب تقبيل جده".
يعتبر الرئيس الأمريكى جو بايدن هو أكبر رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة الامر الذى سلط الضوء على ملف صحته البدنية والعقلية خاصة بعد احتفاله بعيد ميلاده الـ 79 منذ أيام قليلة والذى حل بالتزامن مع جراحة القولون المثيرة للشكوك.
وبحسب صحيفة بوليتيكو الأمريكية لوحظ تغير فى مشية وصوت بايدن إلا أنها فسرت الأمر بأنهما "ثانويتين نسبيًا"، رغم أن سعال الرئيس المستمر كان أكثر وضوحا ويشير إلى الارتجاع المعدى المريئي.
وقال تقرير للصحيفة أن مشية الرئيس "أكثر صلابة بشكل ملحوظ وأقل مرونة" مما كانت عليه فى العام الماضى وقالت أن سبب ذلك اعتلال العصب الخفيف فى القدمين والتهاب المفصل الشوكى الكبير.
وعن صحته العقلية، اظهر استطلاع لمجلة بوليتيكو إنه عند السؤال عما إذا كان بايدن لائقاً عقلياً، قال 46 فى المائة إنه لائق وعارض 48 فى المائة ذلك، وهو الاستطلاع الذى جاء بعد أشهر من الشائعات التى لاحقت بايدن منذ المعركة الانتخابية مع دونالد ترامب حول اصابته بمرض الزهايمر والتى لم تقل حدتها، حيث ظهر الرئيس الأمريكى فى مناسبات عدة وهو مرتبك ومتلعثم بعض الشئ، ولعل أبرزها خطابه الذى ألقاه فى 23 نوفمبر الماضى عن خططته للنهوض بالاقتصاد، حيث قال فى ختام كلمته "انتهى الاقتباس"أى الكلمة التى كتبها مساعدوه فى نهاية الخطاب، وما كان من المفترض أن يتلوها بايدن.
وقالت مجلة بولتيكو أن الشكوك لدى الناخبين تتزايد حول صحة بايدن ولياقته العقلية، ويأتى الاستطلاع بعد تساؤلات مستمرة حول ما إذا كان بايدن سيرشح نفسه حقاً لإعادة انتخابه فى غضون ثلاث سنوات رغم إعلان بايدن فعلياً أنه سيقدم على هذه الخطوة.
ونقلت المجلة عن من أسمتهم بـ"حلفاء بايدن القدامى” قولهم أن هناك شكوك حول ما إذا كان الرئيس "صافى الذهن" بدرجة كافية، حيث قالت سيليندا لايك، وهى مستطلعة آراء ديمقراطية أجرت استطلاعاً لصالح بايدن، إن التقييمات المكثفة لسنه وأخطائه اللفظية تثير القلق.
وفى نفس السياق، أثارت سقطات بايدن الجدل بشأن قدرته على القيام بعمله الرئاسى فى ظل ظهوره عدة مرات وهو غير قادر على تذكر أسماء بعض الشخصيات أو عدم قدرته على الحديث الكامل، فعلى سبيل المثال، نسى بايدن، اسم رئيس الوزراء الأسترالى، سكوت موريسون، خلال إعلانه فى خطاب تاريخى عن شراكة أمنية ثلاثية بين الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا، الامر الذى وصفته وسائل الاعلام بالخطأ الفادح.
وفى 15 من سبتمبر قال بايدن: "شكرا لك بوريس"، بعد ذلك، بالنظر إلى الشاشة التليفزيون التى كان يظهر عليها موريسون خلال اجتماع الفيديو وبدا متردد، ثم قال: "وأود أن أشكر ذلك الرفيق تحت" فى إشارة إلى رئيس الوزراء الأسترالى سكوت موريسون الذى نسى اسمه، وأكمل بايدن: "شكرًا جزيلاً لك يا صديقى، وأضاف: "أقدرك يا سيادة رئيس الوزراء".
فى النهاية، فهم الرئيس الأمريكى الأمر بشكل صحيح، وقال بعد لحظات: "يشرفنى اليوم أن ينضم إلى اثنان من أقرب حلفاء أستراليا، أستراليا والمملكة المتحدة، لإطلاق مرحلة جديدة من التعاون الأمنى الثلاثى بين بلدينا". "كما قال رئيس الوزراء موريسون ورئيس الوزراء جونسون، أود أن أشكركم على هذه الشراكة".
وفى مارس الماضى، ظهر بايدن فى لقطة محرجة عندما سقط ثلاث مرات أثناء صعوده مصعد الطائرة، لكن مسئولى البيت الأبيض بررا ذلك الأمر حينئذ بالطقس العاصف، والرياح القوية إلى سببت سقوطه.
يذكر أن ملف الحالة الصحية للرئيس الأمريكى وما يحيط به من شائعات فى هذا الشأن، فتح بدوره الحديث داخل العديد من وسائل الإعلام الأمريكية والغربية بشكل عام حول احتمالات إقدام الحزب الديمقراطى على الدفع بنائبة بايدن، كامالا هاريس فى الانتخابات الرئاسية المرتقبة، والمقررة نوفمبر 2024، بدلاً من بايدن، برغم إعلان الأخير اعتزامه خوض تلك الانتخابات التى سيكون مع انعقادها فى عمر الحادى والثمانين.