يبدو أن استقالة وزير إعلام لبنان جورج قرداحى الجمعة الماضى، قد مهدت الطريق أمام مبادرة الرئيس الفرنسى إيمانويل ماكرون لحل أزمة لبنان مع الخليج، خلال جولة ماكرون الخليجية، وقال الرئيس الفرنسي"إن اللقاء الذي جمعه بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان يمثل إعادة التزام للسعودية في لبنان وعمل وثيق بين فرنسا والسعودية إزاء هذا البلد".
وأضاف ماكرون أنه في الوقت الحاضر السعودية أخذت في عين الاعتبار أمرين: استقالة وزير الإعلام اللبناني بعد ما قاله من تصريحات وموقف، وتصريحات الرئيس ميقاتي القوية بالنسبة للسعودية".
مساعدة لبنان
وقال ماكرون إنه تحاور مطولاً مع ولي العهد السعودى حول لبنان وعمل معه على الملف اللبناني. ثم اتصلا معاً برئيس الحكومة نجيب ميقاتي وقالوا له إن السعودية وفرنسا ستلتزمان معاً العمل لدعم الشعب اللبناني، وكان بن سلمان واضحاً في قوله إنه سيبذل كل الجهود لإعادة فتح المجالات الاقتصادية والتجارية مع لبنان وإنه أيضاً سيعمل لمساعدة الشعب اللبناني فيما يخص الاحتياجات الطارئة إن كانت بالنسبة للطاقة أو الحاجات الإنسانية.
كشف ماكرون أنه سيتصل اليوم بالرئيس اللبناني ميشال عون، قائلاً: "عن لبنان، الرسالة كانت واضحة بين السعودية وفرنسا وإننا توصلنا إليها معاً وقد أبلغناها معاً في اتصالنا للرئيس ميقاتي. والآن سنعمل معاً على تنفيذ هذا البرنامج معاً".
وعما إذا كان انطباع ماكرون بأن السعودية ستعود وتلتزم لمساعدة لبنان مالياً عندما ينفذ البلد إصلاحاته وتعمل الحكومة، قال ماكرون: "نعم هذا التزامهم إزاء فرنسا".
ميقاتي يكشف
وعلى الصعيد نفسه، كشف رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي تفاصيل المحادثة مع الرئيس الفرنسي وولي العهد السعودي.
وقال" بمسعى وجهد من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي لا يدخر جهدا لدعم لبنان، جرى تواصل بين الرئيس الفرنسى و ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان وبيني فتح الباب أمام صفحة جديدة من العلاقات بين لبنان والمملكة نريدها علاقات لا يعتريها أى شوائب، كما كانت دائماً وتاريخياً. فنحن لا ننسى وقوف المملكة وسائر دول الخليج الى جانب لبنان واللبنانيين في كل الأوقات، ونقدّر أيضاً إحتضانهم اللبنانيين بروح الأخوة".
وأضاف ميقاتي "أكدت لولي عهد المملكة عزم لبنان على العمل لتعود العلاقات إلى سابق عهدها، وان الحكومة ملتزمة بتنفيذ الإصلاحات الأساسية التي من شأنها أن تفتح الباب مجدّداً لدعم لبنان في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها على الصعد كافة.
أضاف ميقاتى:"قد أجريت اتصالين هاتفيين مع الرئيس العماد ميشال عون و رئيس مجلس النواب نبيه بري لوضعهما في صورة الاتصال مع الرئيس ماكرون والأمير محمد بن سلمان، فعبّرا عن ارتياحهما وشددا على تمسكهما بأفضل العلاقات مع المملكة العربية السعودية والدول العربية الشقيقة كافة، لاسيّما دول مجلس التعاون الخليجي".
تحركات بالداخل
وعلى صعيد متصل، في الداخل اللبنانى يتحرك المعنيون على خط الإتصالات التي لم تتوقف لتأمين عودة آمنة لجلسات مجلس الوزراء من خلال بعض الخطوات، التي سترى النور من خلال ما يتم العمل عليه عبر مجلس النواب، الذي يبدو أنه سيمسك من جديد بملف التحقيق في انفجار المرفأ، عبر تفعيل عمل الهيئة الوطنية لمحاكمة الرؤساء والوزراء، وذلك من خلال ضمان مشاركة كتلة " لبنان القوي" في الجلسة العامة التي دعا إليها رئيس البرلمان اللبنانى نبيه برى الثلاثاء المقبل، مع إصرار الجميع على تحييد القضاء عن التدخلات السياسية.
ميقاتى وماكرون
تهدئة الأجواء
الأجواء التي ترافق الإتصالات الحثيثة لنزع فتيل الأزمة توحي بحلحلة قريبة وسريعة على صعيد إيجاد حل مقبول من الجميع لملف التحقيق في جريمة المرفأ.
وعلى صعيد الإتصالات الخارجية، فهناك جهود لتفعيل ما قام به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون خلال زيارته لدول الخليج العربي، وبالأخص للمملكة العربية السعودية، تتزامن مع تبريد الجبهة الداخلية وضمان عدم التعرض والإساءة إلى أي دولة عربية شقيقة من أي جهة لبنانية، الأمر الذي سيسمح بإعادة العلاقات إلى سابق عهدها، والتي ستكون هذه المرة مبنية على أسس واضحة وشفافة وغير قابلة للتأويل أو التحريف أو الإجتهاد.