تظهر خبرات الطفولة عادة فى كتابات الأدباء إذ يستخرج منها الكتاب شخصياتهم، وهو ما حدث مع أديب نوبل نجيب محفوظ الذى تأثرا عموما بأحداث كبرى شهدها فى طفولته ومنها ثورة 1919 التى ظهرت بشكل واضح فى ثلاثيته الشهيرة.
وقد تابع نجيب محفوظ ثورة 1919 من شرفة منزله ورأى الجنود الإنجليز وهم يحتلون قسم الجمالية كما جاء فى كثير من المراجع والكتب ومنها كتاب محمد شعير "الأعوام.. سيرة الطفولة".
أما عن نموذج الست أمينة فى الثلاثية فهو نموذج قريب من والدة الأديب الراحل فقد كانت تصطحبه طفلا إلى الموالد والأضرحة، لتخرج به من حيز الجمالية إلى فضاء القاهرة الواسع حيث الأولياء والدارويش والصوفيين والعوالم التي استلهم منها نجيب محفوظ عالمه الكتابي.
سمع نجيب محفوظ الحكايات من والدته وهو أمر يبدو مميزا لسيرة الغالبية العظمى من الأدباء الكبار فالأم عادة ما تكون حكاءة تؤثر فى ابنها من خلال القصص التى تشكل عالمه المستقبلى أيضا.
وعندما تطلع على نموذج الطفل فى الثلاثية تشعر أنه يمثل نجيب محفوظ، فالطفل كمال السيد أحمد عبد الجواد كان حاضرا بقوة في الرواية كما أنه كان محور كثير من الأحداث خصوصا فى النسخة السينمائية والدرامية من الرواية.
لكن ثورة 1919 تظل المؤثر الأكبر فى طفولة نجيب محفوظ ويشهد على ذلك حضورها فى كتاباته ورسمه لشخصية فهمى فى الثلاثية وهى الشخصية التى مثلت محورا دراميا رئيسا يشى بإحساس الشعب المصرى تجاه الثورة والمشاعر المختلطة بين مشاركة شباب المصريين فيها بين سعى الآباء لحماية أبنائهم من جهة واندفاع الشباب نحو التضحية فى سبيل الوطن من أجل الاستقلال.