تصاعد التوتر فى تونس بين الأقطاب الثلاثة..رئيس النهضة يواجه مصير"الإقصاء"باتساع حملة التوقيعات لسحب الثقة منه..الكنل البرلمانية: فشل فى إدراة المجلس وأدخل البلاد فى أزمة بتصارعه على الصلاحيات مع الرئيس..والمشيشي يتحدى الرئيس بإعفاء وزرائه من مناصبهم..سعيد يرد: خرق للدستورنا..الغنوشى يدفع بتونس لآتون الصراع مؤيدا خطوة المشيشى
تصاعدت حدة التوتر السياسى فى تونس جانب منه بين أروقة البرلمان فى ظل استمرا حملة التوقيعات لسحب الثقة من الغنوشى كرئيس للبرلمان، والجانب الآخر بين أروقة قصر قرطاج فى ظل استمرار الخلاف الدستورى بين قيس سعيد رئيس الدولة وهشام المشيشى رئيس الوزراء على خلفية إصرار الأخير على تنفيذ تعديل وزارى بـ11 حقيبة وزارية ما وصفه سعيد بالمخالف لنصوص الدستور، وما زاد النار اشتعالا هو قرار المشيشى بإعفاء 5 وزراء من مهامهم وعين آخرين بالنيابة وهم من المحسوبين على قيس سعيد، فى خطوة تمهيدية لإعادة هيكلة الحكومة دون الرجوع إلى رئيس الدولة، وينتظر المشيشى استكمال إجراءات التعديل الوزاري الذي ما زال عالقا، بعد أن نال بمقتضاه الوزراء الجدد ثقة البرلمان فى 26 يناير الماضي، فيما أيد راشد الغنوشى خطوة المشيشى واعتبرها "حل مؤقت وليس دائما".
فيما قال الرئيس التونسي قيس سعيد، إن التعديل الوزاري الذي أجراه رئيس الحكومة هشام المشيشي، تجاهل بعض أحكام الدستور ولم يحترم الإرادة الشعبية، مشدداً على أن أداء اليمين الدستورية ليس إجراء شكليا، ليغلق سعيد بذلك الباب نهائياً أمام تعديل المشيشي، ويفتح فصلا جديدا من الصراع الذي سيتعثر معه عمل الحكومة، في الوقت الذي تغلي فيه البلاد على وقع احتجاجات اجتماعية وأزمة اقتصادية.
وأوضح أن التعديل الوزاري لم يحترم الفصل 92 من الدستور الذي يقتضي مداولة مجلس الوزراء في حصول تعديل وإحداث وحذف الوزارات، وإعلام رئيس الجمهورية بذلك، مضيفا أن الدستور لم يقض كذلك عرض التعديل الوزاري على البرلمان لنيل الثقة.
الغنوشى يزيد الصراع
ويدفع رئيس حركة النهضة لمزيد من الصراع بين سعيد والمشيشى باصطفافه خلف الاخير مؤيدا خطواته، وأكد في تصريحات لوسائل إعلام محلية "أن المشيشي يتجه نحو حل جزئي يوفق بين الجانب الدستوري ورعاية مصلحة البلاد"، نافيا في المقابل تنفيذ رئيس الحكومة " إرادته بالقوة"، في إشارة إلى تطبيق التعديل الوزاري عبر سياسية الأمر الواقع ودعوة الوزراء الجدد لمباشرة مهامهم دون تأدية اليمين الدستورية .
اعتبر أن المحكمة الدستورية هي الجهة الوحيدة المخولة للنظر في الخلاف السياسي حول أزمة التعديل، مشيرا إلى أنه في غيابها "يتعين على الأطراف المعنية التعامل بمرونة حتى لا تتعطل مصالح البلاد"، وفق تعبيره.
وكانت حركة النهضة الإخوانية، قد أصدرت بيانا الاسبوع المنصرم جددت فيه دعمها لرئيس الحكومة هشام المشيشي، متحدية الرئيس قيس سعيد، وقالت حركة النهضة في بيانها "إن الحوار الجدّي والمسؤول بين الأطراف المعنيّة هو الآلية الوحيدة الكفيلة بحل الأزمة المتعلّقة بمسألة التعديل الوزاري الذي أدخله هشام المشيشي على حكومته بمقتضى ما يخوله له الدستور من صلاحيات". ويرى مراقبون أن بيان التنظيم الإخواني يأتي في سياق محاولته إضعاف خصمها السياسى، الرئيس قيس سعيد، الذى يبدو أكثر تفوقا أمام الرأى العام وأكثر وضوحا وثباتا فى مواقفه.
في المقابل، انتقد النائب عن كتلة الديمقراطية بالبرلمان والقيادي بحركة الشعب زهير المغزاوي، قرار رئيس الحكومة المتعلق بإقالة 5 وزراء، قائلا إنه "هروب إلى الأمام"، كما أكد أن قرار المشيشي "لن يحلّ الأزمة بل سيذهب بها إلى التصعيد وتأزيم الوضع"، مضيفا "نعيش اليوم أزمة أخلاقية كبيرة" وفق تعبيره.
الغنوشى يواجه "الإقصاء"
يأتي وسط دعوات سحب الثقة من الغنوشى فقد وقع أكثر من 73نائبا برلمانيا من كتل سياسية مختلفة على لائحة سحب الثقة من كتل الإصلاح الوطني والتيار وحركة الشعب إضافة إلى كتلة الحزب الدستوري الحر، ونواب مستقلين، حيث شرعت كتل برلمانية تونسية مؤثرة في المشهد السياسي في إجراءات سحب الثقة من رئيس البرلمان راشد الغنوشي، تمهيدا لعزله بعد التصويت على ذلك في جلسة عامة، وذلك بعد اتساع دائرة الغضب منه، بسبب فشله في تسيير البرلمان وتسببه في احتقان الأجواء بداخله، إلى جانب دخوله في صراع على الصلاحيات مع رئيس الدولة قيس سعيد، تسبب في أزمة سياسية بالبلاد، وفق ما اكدت الكتل البرلمانية الموقعة على العريضة.
ومن جانبه قال رئيس كتلة "الإصلاح" في البرلمان التونسي، حسونة الناصفي، إن موقف الكتلة من سحب الثقة من رئيس البرلمان، راشد الغنوشي، لن يتغير، معتبرا ذلك ضرورة لتغيير المشهد البرلماني بما يكفل حسن إدارة الخلافات والتعامل على المسافة ذاتها مع الجميع، حسب تعبيره، مشيرا إلى وجود اتفاق بين الكتل على تقديمها عند بلوغ 109 إمضاءات، وسيتم الكشف عن كافة الإمضاءات عند الانتهاء منها، وفق قوله.
وبحسب الفصل 51 من النظام الداخلي للبرلمان في تونس، فإنه يجوز للنواب سحب الثقة من رئيس البرلمان أو أحد نائبيه بموافقة الأغلبية المطلقة من نواب البرلمان بناء على طلب كتابي معلّل يقدم إلى مكتب البرلمان من ثلث الأعضاء على الأقل (73 توقيعا)، ويعرض الطلب على الجلسة العامة للتصويت بسحب الثقة من عدمه، في أجل لا يتجاوز ثلاثة أسابيع من تقديمه لمكتب الضبط".
وسبق وأن واجه الغنوشي خطر الإبعاد من منصبه في يوليو الماضي، عندما تقدمت 4 كتل نيابية بلائحة لسحب الثقة منه، أسقطها البرلمان في جلسة عامة، بعد تصويت 97 عضوا بـ"نعم" بينما عارض اللائحة 16 نائبا، فيما اعتبرت 18 ورقة ملغاة، إذ يعود الفضل في بقاء الغنوشي على رأس البرلمان إلى حليفه حزب "قلب تونس".
ومن جانبه يتجاهل القيادى الإخوانى المظاهرات المطالبة برحيله والغضب الواضح ضده وضد حركته بالشارع التونسى، وخرج يتحدى الجميع ويؤكد فى تصريحات صحفية أنه متمسك بالسلطة مهما حدث، فقد زعم الغنوشى فى تصريحات نقلها موقع موزاييك التونسى، أن تونس تعيش وضعا انتقاليا قد يُسهل مهمة جُنوح البعض إلى ممارسات تحاول من خلالها تَرذيل هذه المؤسسة الجوهرية في المشروع الديمقراطي وهى البرلمان، لكننا نبقى مُلتزمين بالنظام الداخلي للمجلس الذى نعمل على تحويره حتى نُوقف أو نحد من بعض السلوكيات الغريبة والمتَّسمة بالعنف أحيانا.
وعن وثيقة جديدة لسحب الثقة منه بعد انقضاء فترة الشهور الستة منذ التصويت الأخير، أكد أن هذه المحاولات "عبث".
وضمت قائمة الوزراء المحسوبين على الرئيس قيس سعيد، والذين تم إعفاؤهم من مناصبهم كلا من وزير العدل محمد بوستة، وزيرة الصناعة والطاقة والمناجم سلوى الصغير، وزير الشباب والرياضة والإدماج المهني كمال دقيش، وزيرة أملاك الدولة والشؤون العقارية ليلى جفال، وزيرة الفلاحة والموارد المائية والصيد البحري عاقصة البحري.
وكان رئيس الوزراء أقال في وقت سابق أيضا وزير الداخلية توفيق شرف الدين، ووزير الثقافة وليد الزيدي، المحسوبين كذلك على سعيد.
وأكدت رئاسة الحكومة في بيان اليوم أنها منفتحة على كل الحلول الكفيلة باستكمال إجراءات التعديل الوزاري ليتمكّن الوزراء من مباشرة مهامهم، في إطار الدستور.
خطوة تمهيدية
جاءت تلك الخطوة تمهيدا لإعادة هيكلة الحكومة دون الرجوع إلى رئيس الدولة، حيث إن تشكيل حكومة مصغرة يدخل ضمن صلاحيات واختصاصات رئيس الوزراء ولا يشترط إلا عقد مجلس وزاري لتنفيذ هذا الخيار السياسي.
وقبل 3 أسابيع، نال 11 وزيرا جديدا ثقة البرلمان، لكن سعيد، رفض دعوتهم لأداء اليمين الدستورية أمامه، بسبب الخروقات التي يقول إنها شابت عملية التعديل وشبهات الفساد وتضارب المصالح التي طالت عددا من الوزراء الجدد، وهوما تسبّب في حدوث قطيعة بينه وبين المشيشي ورئيس البرلمان راشد الغنوشي، الذي دعم موقف رئيس الحكومة.
ويوم الجمعة الماضي، أكد المشيشي، المدعوم من النهضة، أنه لن يستقيل من منصبه، في تحد واضح لسعيد الذي كان يدفع نحو استقالته أو سحب الوزراء، في تصعيد للأزمة السياسية التي تتخبط فيها البلاد.