دخلت الصومال، مرحلة جديدة من الأزمات المتتالية، هذه المرة تعتبر أزمة دستورية، حيث انقضت مهلة الرئيس الحالي للبلاد محمد عبد الله محمد فرماجو، يوم 8 فبراير 2021، دون وجود خطة واضحة لخلافته.
وبعد يوم واحد من انقضاء المهلة الرئاسية للرئيس "فرماجو" اقترح تحالف لأحزاب المعارضة الصومالية تشكيل مجلس وطني من النواب وزعماء المعارضة والمجتمع المدني لإدارة البلد، مع تأكيد رفض المعارضة لتمديدة ولاية جديدة للرئيس " فرماجو".
انفجارات مفخخة
الانقسامات وفراغ السلطة في الصومال، يعطي فرصة ودفعة لحركة الشباب الإرهابية المرتبطة بتنظيم القاعدة، وغيرها من الجماعات المسلحة التي تستهدف القوات الحكومية باستمرار.
كان الصومال يعتزم في البداية تنظيم أول انتخابات مباشرة منذ الحرب الأهلية التي اندلعت في 1991، لكن تأخيرات في الإعداد وهجمات حركة الشباب المتواصلة أجبرت السلطات على التخطيط لاقتراع آخر غير مباشر، وكان من المفترض أن ينتخب شيوخ العشائر النواب في ديسمبر الماضي، وينتخب النواب بدورهم رئيسا يوم 8 فبراير 2021.
لكن اختيار النواب تأجل بعدما اتهمت المعارضة الرئيس " فرماجو"، الذي يسعى إلى ولاية ثانية، بملء المجالس الانتخابية الإقليمية والوطنية بحلفائه.
مظاهرات ضد الرئيس
تطور الأمر، ودوّت أصداء الأعيرة النارية والصواريخ في العاصمة الصومالية مقديشو أمس الجمعة حين اشتبكت القوات الحكومية مع مؤيدين للمعارضة، في قتال قد يقسّم الجيش على أسس قبَلية ويعزز قبضة المتشددين المرتبطين بالقاعدة.
انفجرت السياسات الصومالية الهشة والعنيفة وازدادت حدة، حيث نظمت المعارضة مظاهرات احتشدت في العاصمة مقديشو، ووضعوا على وجوههم كمامات ويلوحون بالعلم الصومالي، يرافقهم جنود بقبعات عسكرية حمراء وأحزمة ذخيرة حول أجسادهم، قبل اندلاع إطلاق النار، وفق فيديوهات تداولتها وسائل إعلام صومالية.
وأظهر شريط مصور آخر، ألسنة لهب حيث سقطت قذيفة صاروخية على صف متاجر في الجهة المقابلة لمدخل المطار.
أعمال العنف
وقبل ساعات من المظاهرات، اتهم الرئيس الصومالي السابق شيخ شريف شيخ أحمد قوات الحكومة بمهاجمة فندق كان يمكث فيه مع رئيس سابق آخر، كما اتهم وزير الأمن الصومالي حسن حندبي جمعالي المعارضة ببدء القتال.
وقال في بيان: "هاجمت ميليشيات مسلحة القوات الحكومية. تصدينا للميليشيات وتغلبنا عليها".
وفي غياب أي وساطة، من المحتمل أن ينتشر القتال سريعا. وتمزق الحرب الأهلية الصومال منذ عام 1991، وبوسع كل من الحكومة والمعارضة أن تستدعي مؤيدين مسلحين تسليحا كثيفا.
وينتمي الرئيس الصومالي محمد عبد الله، المعروف أيضا باسم فرماجو، إلى قبيلة دارود القوية بينما تنتمي معظم وحدات الجيش داخل مقديشو وحولها إلى قبيلة هوية التي تشارك بكثافة في تحالف المعارضة.
هروب الأهالي
قلق دولي بسبب أحداث مقديشو
من جانبها أصدرت الخارجية المصرية بيانا للتعليق على ما يحدث، قالت فيه: تابعت وزارة الخارجية المصرية عن كثب وبمزيد من الاهتمام التطورات السياسية التى تشهدها جمهورية الصومال الشقيقة مؤخرًا، والمنحى الذى اتخذته تلك التطورات من اندلاع أعمال العنف بالعاصمة مقديشيو خلال اليومين الماضيين.
وأكدت الخارجية دعوتها لجميع الأطراف على الساحة السياسية فى الصومال للعمل المشترك لمعالجة أسباب الأزمة الحالية والتوصل إلى حل توافقى بشأنها، فإنها تدعو جميع الأطراف إلى ضبط النفس والالتزام بالطرق السلمية والحوار، والعمل على عقد انتخابات حرة ونزيهة وشفافة فى أقرب وقت يتوافق عليه الصوماليون أنفسهم.
العنف في مقديشو
كما تؤكد مصر كذلك دعمها ومساندتها لكافة الجهود السياسية الهادفة إلى حلحلة الوضع السياسى الحالى بما يحقق آمال الشعب الصومالى فى الأمن والاستقرار والتنمية والقضاء على خطر الإرهاب، وتدعو جميع الشركاء إلى تقديم الدعم والمساندة لجمهورية الصومال الشقيقة لتجاوز الأوضاع الحالية وتحقيق السلام والاستقرار فى البلاد.
كما صرحت وزارة الخارجية السعودية بأن حكومة المملكة تتابع ببالغ القلق والاهتمام تطورات الأحداث فى الصومال، والتي أدت إلى وقوع قتلى ومصابين فى العاصمة مقديشو، وأكدت الوزارة - وفقا لما أوردته وكالة الأنباء السعودية "واس" اليوم السبت أهمية التهدئة وعدم التصعيد، معبرة عن التطلع بأن يتوصل الأشقاء في الصومال لحل بالطرق السلمية عبر الحوار، بما يحفظ أمن الصومال واستقراره ووحدته، ويجنب شعبه الشقيق كل سوء ومكروه، معربة عن خالص العزاء والمواساة لذوى الضحايا ولجمهورية الصومال، والتمنيات للمصابين بسرعة الشفاء.
كما أعرب المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس، عن قلقه البالغ بشأن عدم وجود اتفاق بين القوى السياسية في الصومال على إجراء الانتخابات.
وقال "برايس"، "ندعو قادة الصومال إلى مواصلة الحوار بشكل عاجل حتى يكون من الممكن إجراء انتخابات وطنية الآن".
وأضاف المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، أن المأزق الحالي يعرقل الإصلاحات الضرورية وجهود محاربة الإرهاب، ومن شأن التأجيل المستمر أن يزيد من مخاطر عدم الاستقرار