الماضى هو تراثنا، وجزء من حاضرنا، وكما يقول المثل الدارج والمتداول بين أبناء الصعيد: إن الشخص الذى ليس له ماضى ليس له حاضر، والباحث فى أروقة وجنبات قرى الصعيد يجد أن هناك من الألعاب الشعبية مازالت موجودة حتى الآن، وإن كانت قد اختفت فى العديد من القرى والمدن وأجيال جديدة لا تعلم عنها شيئا، من ألعاب الزمن الجميل "النحلة، والحنجيلة، والأولى، وكيك على العالى، وفتحى يا وردة، السبع بلاطات، والبلى" وغيرها من الألعاب الشعبية.
لكن هناك لعبة لا يعرف عنها شيء ومنتشرة خاصة فى القرى الجبلية وتحديدا فى قرية الكولا دائرة مركز أخميم شرقى محافظة سوهاج، هذه اللعبة الشعبية يصنعها الأطفال بأنفسهم من البيئة والعنصر الأساسى فيها أى قطعة خشب يقوم بنحتها باستخدام صفيحة ويتنافس الأطفال فيما بينهم لساعات طويلة لمن يستطيع أن يجعلها تدور على الأرض لساعات دون أن تسقط، إنها كما يطلق عليها الأطفال والكبار بقرية الكولا "الفرانة".
ومكونات هذه اللعبة قطعة من الخشب ومسمار وعصا بها أستيك مطاطى ويقوم الطفل بضرب الفرانة باستخدام العصا والأستيك الأمر الذى يجعلها تدور وتدور على الأرض دون توقف، والأطفال يلعبون تلك اللعبة للتغلب على حالة الجمود التى خلقها فيروس كورونا حولهم ومنعهم من التجمعات الكبيرة للعب، فأصبح كل 3 أطفال من أشقاء أو أقارب من منزل واحد يلعبون تلك اللعبة التى تشبه فى حركتها كرة الريشة.
"اليوم السابع" انتقل إلى قرية الكولا بمركز أخميم شرقى سوهاج، ورصد اللعبة الشعبية الأولى بين أطفال القرية والتى يتوارثونها جيلا فجيلا من أجل إسعاد أنفسهم والمنافسة فيما بينهم.
يقول وليد أحمد، من أهالى قرية الكولا بمركز أخميم شرقى محافظة سوهاج، إن لعبة الفرانة منتشرة بالقرية بين الأطفال بشكل كبير، حيث يقوم الأطفال بالحصول على أى قطعة خشب من الأرض ويتم تحويلها بإستخدام صفيحه لشكل معين حتى تسير بشكل أسطوانى ويتم وضع مسمار فى مقدمة الفرانه الخشب ويحضر الطفل أستيك وعصا أو جريده ويقوم باللعب بها على مدار اليوم ويتسابق الأطفال فيما بينهم لأن القرية ليس بها متنفس لهم من أجل تفريغ طاقتهم خاصة مع توقف الدراسة بسبب جائحة كورونا، ونحن نطالب بإستغلال طاقات الأطفال بإنشاء أماكن لممارسة الرياضة والألعاب بداخلة وتبنى إحياء الألعاب التراثية القديمة التى أوشكت على الإنقراض من الأماكن التى نشأت فيها.
ويقول أحد الأطفال الممارسين، إن هذه اللعبة وجدنا من هم أكبر منا يلعبون بها وتوارثناها منهم ونحن نقوم بتصنيع لعبة الفرانه بأنفسنا وكل مجموعة من الأطفال تقوم بالتجمع أمام منازلهم واللعب باللعبة وهى اللعبة الوحيدة التى نعرفها لأنه ليس لدينا كرة قدم أو ألعاب متحركة، ونستطيع أن نلعب بها فقررنا أن نخترع اللعاب تتناسب مع الحياة والبيئة التى نعيش فيها فالعصى موجودة والأستيك ثمنه 25 قرشا وقطع الخشب موجودة بكل مكان والمسامير فى كل المنازل ونحن مستمرون فى اللعب طوال اليوم ونتنافس فيما بيننا ونقوم بعمل دورى على من يستطيع أن يجعل الفرانه تدور وتلف لأوقات كبيرة دون توقف لساعات طويله ومن تسقط منه يكون خاسر ويخرج من اللعبة ويدخل غيره.
ومن جانبهم ناشد الأطفال بالقرية الشباب والرياضة والوحدة المحلية ومحافظة سوهاج بتوفير أماكن لممارسة الألعاب الرياضية بها وتوفير أماكن للممارسة الأنشطة وتفريغ طاقتهم من خلالها لأن من بينهم من هو متفوق ولديه قوة وعزيمة فى الأنشطة تحتاج فقط إلى التوجية والإرشاد.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة