أصدرت محكمة جنح مستأنف شرق القاهرة، حكماَ قضائياَ في غاية الأهمية ببراءة فى إيصال أمانة بشهادة شهود اشقاء المتهم بانتفاء ركن التسليم وتغلبهم على شهود المدعى بالحق المدنى، وذلك بعد أن رسخت لمبدأ قضائى قالت فيه: "العبرة بحقيقة الواقع وليس بما يسرد فى صلب الإيصال ووجود معاملات تجارية تفسد إيصال الأمانة".
صدر الحكم في الدعوى المقيدة برقم 2874 لسنة 2019، لصالح المحامى عماد الوزير، برئاسة المستشار أحمد عزت، وعضوية المستشارين مينا نصر، وأحمد دبوس، وبحضور وكيل النيابة عمر صبيح، وأمانة سر عاطف عبد السلام.
الوقائع.. شخص يتهم الأخر باختلاس مبالغ مالية
الواقعة المستوجبة للعقاب والنصوص الواجبة التطبيق قد سبق وأحاط بها الحكم الطعين، ومن ثم فإن المحكمة تأخذ من أسبابه مكملاَ لأسباب قضائها هذا منعاَ للتكرار وتكتفى بإيراد موجزاَ لها حاصله أن المدعى بالحق المدنى نسب للمتهم المستأنف، وكما أورد بصحيفة الادعاء المباشر أنه بدائرة قسم النزهة تسلم منه مبلغ 22000 جنية، وذلك بموجب عقد من عقود الأمانة لتوصيلهم إلى المدعو "ع.ن"، فأختلسها لنفسه اضراراَ به وطالب عقابه بالمادة 341 من قانون العقوبات.
وقدمت النيابة المتهم للمحاكمة ومثل المدعى بالحق المدنى بوكيل عنه محام، وقدم حافظة مستندات طويت على الإيصال سند الجنحة، كما قدم مذكرتين بدفاعه صمم فيها على طلباته بحصيفة الادعاء المباشر ومثل المتهم بوكيل عنه محام، وطعن بالتزوير على صلب الايصال وتم تحقيق الطعن بالتزوير من جانب النيابة العامة، وانتداب الطب الشرعى، وقد أودع الخبير تقريراَ انتهى فيه إلى نتيجة مؤداها أن المتهم هو الكاتب بخط يده لإيصال الأمانة موضوع الجنحة صلباَ وتوقيعا باستثناء بيان اسم المسلم إليه حرر بمداد وخط معاير وأصرت النيابة أمراَ بالأوجه لإقامة الدعوى بشأن جنحة التزوير، كما قدم 3 حوافظ مستندات طويت الأولى شهادة استئناف الأمر بألا وجه وطويت الثانية على صورة ضوئية من صحيفة ادعاء مباشر مقامه من ذات المدعى بالحق المدنى ضده، والحكم رقم 44310 لسنة 2006 جنح مستأنف شرق القاهرة والمقضى فيها ببرءاة المتهم.
محكمة أول درجة تقضى بحبس المتهم سنة.. والمتهم يستأنف الحكم
وفى تلك الأثناء – قضت محكمة النزهة الجزئية حضورياَ بتوكيل بحبس المتهم سنة مع الشغل وحيث أن المتهم لم يرتضى ذلك القضاء، فطعن على هذا الحكم بالاستئناف بموجب تقرير أودع قلم كتاب المحكمة، وحيث تداول نظر الجنحة أمام المحكمة مثل طرفيها بوكيل عنه محام، وتم تقديم المستندات، وقضت المحكمة بهيئة مغايرة بإحالة الجنحة للتحقيق على نحو ما هو ثابت بهذا القضاء، وحيث أنه نفاذا لهذا القضاء استمعت المحكمة بهيئة مغايرة لشاهد الطرفين، فاستشهد المتهم شاهدين، وقد قرر الأول بأن المتهم لم يتسلم مبالغ نقدية من المدعى بالحق المدنى، وأن تحرير ذلك الايصال كان بسبب وجود معاملات تجارية، وأن المتهم وقع على الايصال دون استلام المبالغ الثابته به، وأنه حضر واقعة تحرير الايصال.
المحكمة في حيثيات الحكم قالت عن الموضوع أنه من المقرر بقضاء النقض أنه لا تصح إدانة متهم بخيانة الأمانة إلا إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات، والعبرة في القول بثبوت قيام عقد من هذه العقود في صدد توقيع العقاب إنما هي بالواقع، بحيث لا يصح تأثيم إنسان ولو بناء على اعترافه بلسان أو بكتابته متى كان ذلك مخالفا للحقيقة، طبقا للطعن رقم 1971 لسنة 32 ق.
المحكمة تطمئن لبراءة المتهم
إعمالاَ لما سبق وهدياَ به – ولما كان الثابت للمحكمة من أقوال شاهدى المتهم والتي تطمئن إليها المحكمة أن المتهم لم يتسلم مبالغ نقدية من الدعى بالحق المدنى وأن تحرير ذلك الايصال كان بسبب وجود معاملات تجارية وأن المتهم وقع على الإيصال دون استلام المبالغ الثابتة به، وأن هناك معاملات تجارية بينهما حرر الايصال بمناسبتها وهو ما تأكد للمحكمة من الصورة الضوئية من الإقرار المنسوب للمدعى بالحق المدنى باستلامه مبلغ نقدى من المتهم لتسوية مديونية، وكذا الصورة الضوئية من عقد الاتفاق على جدولة المديونية بينهما، والمقدم بها حافظة مستندات من المتهم وهو ما تنتهى معه المحكمة، والحال كذلك إلى أن المتهم لم يتسلم المبلغ الوارد بايصال الأمانة سند الجنحة من المدعى بالحق المدنى وكان المقرر بقضاء النقض أنه لا تصح إدانة متهم بخيانة الأمانة إلإ إذا اقتنع القاضي بأنه تسلم المال بعقد من عقود الائتمان الواردة على سبيل الحصر في المادة 341 من قانون العقوبات، ومن ثم فإن المحكمة تنتهى إلى عدم توافر أركان الجريمة في حق المتهم الأمر الذى ترى معه المحكمة والحال كذلك القضاء بإلغاء الحكم المستأنف والقضاء مجدداَ ببرءاة المتهم .