تشكل الزيادة السكانية فى الوقت الراهن تحديا على الدولة والتنمية التى تتم، فإنها بقدر ما تمس الفرد والمجتمع فإن أبعادها تجاوزت الحدود الإقليمية إلى العالمية حتى أصبحت تفرض على المجتمع الدولى مواجهتها والتصدى لها، وللنمو السكانى فى مصر أثر سلبى فى قدرة الدولة على تحقيق التنمية المستدامة؛ فنجد الآثار الاقتصادية للزيادة السكانية تتمثل فى: زيادة الاستهلاك لدى الأفراد، وزيادة نفقات الدولة على الخدمات، وانتشار ظاهرة البطالة، والانخفاض فى نسبة الأجور فى القطاع العام والخاص، وارتفاع أسعار الوحدات السكنية والزحف العمرانى على الأراضى الزراعية، وانهيار المرافق العامة.
وتحتاج مشكلة الزيادة السكانية إلى الوقوف عندها طويلا، وفهم أسبابها ومحاولة علاجها كى لا يمتد أثرها السلبى إلى المجتمع ككل، لأن ذلك سيؤدى إلى حدوث اختلالات فى النظام المجتمعى فى الدولة، وقد يسبب ظهور الجريمة وانتشارها بسبب تفشى البطالة وقلة الفرصة وحاجة الناس إلى الدخل، ومن آثارها أيضًا زيادة المخصصات العامة للإنفاق على الخدمات الأساسية، كالتعليم والصحة والمواصلات والإسكان والحماية الاجتماعية والأمن، وذلك على حساب مخصصات الإنفاق الرأسمالى على المشروعات التنموية بقطاعات الإنتاج الرئيسية كالزراعة والصناعة التحولية، وهو ما حذر منه عدد من أعضاء البرلمان.
وقال المستشار بهاء أبو شقة، رئيس حزب الوفد، وكيل مجلس الشيوخ، إن استمرار ارتفاع نسبة المواليد فى مصر، الذى سجل مؤخرًا طبقًا لما أعلنه جهاز التعبئة والإحصاء، أكثر من 2٫3 مليون مولود سنويًا، يضع الدولة فى حرج شديد وفى عقبات اقتصادية مستمرة، وفى حالة عدم التصدى لهذه الظاهرة التى تلتهم أية تنمية تقوم بها الدولة يجعل الحكومة تزيد من عمليات الاستيراد للوفاء بحقوق هذه المواليد، إضافة إلى زيادة مسئوليات الدولة تجاه كل مولود حتى مرحلة الشباب.
وأضاف أبو شقة أن كل تنمية تقوم بها الدولة فى ظل هذه الزيادة السكانية -وما أكثر ما قامت به من تنمية شاملة ومستدامة- إلا أن آثارها ليست ملموسة بسبب الزيادة السكانية المستمرة والمطردة بشكل بشع، ولذلك أيضا بات من المهم والضرورى أن تنتهج الدولة سياسة جديدة فى مواجهة التزايد السكانى البشع، وهذا واجب كل مؤسسات الدولة ومن بينها أيضا المؤسسة الدينية، والمؤسسة التشريعية فلا بد من وضع قوانين جديدة تلزم الأسر بعدد معين من الأطفال، لأنه لا بد من الحد من هذا التزايد السكانى البشع الذى يلتهم كل تنمية تقوم بها الدولة. ولذلك يبرز دور المؤسسة الدينية فى عملية نشر ثقافة الوعى لدى الناس للتقليل من الإنجاب.
وأوضح: "الكل مفروض عليه أن يتكاتف من أجل مواجهة هذا التحدى الخطير؛ لأن الزيادة السكانية بمثابة قنابل موقوتة، وفى ظل تأسيس الدولة العصرية الحديثة، لا مجال فيها لهذه الظاهرة السلبية التى يجب أن تختفى من حياة المصريين وفى أسرع وقت، وهذا يجعلنا نثور على الثقافة القديمة الموروثة التى لا تعبأ بزيادة المواليد، فهذه الثقافة يجب أن تختفى من حياة المصريين، من أجل أن يشعر الناس بالرفاهية والحياة الكريمة؛ لأن كل تنمية تتم تلتهمها هذه الزيادة السكانية".
فيما قال النائب عمرو فهمى، عضو مجلس الشيوخ، إن الزيادة السكانية تعتبر فى الوقت الراهن عقبة للدول على اختلاف أنظمتها سواء المتقدمة أو النامية، مضيفا أن أبعاد المشكلة السكانية تجاوزت الحدود الإقليمية إلى العالمية حتى أصبحت فرضا على المجتمع الدولى مواجهتها والتصدى لها.
وأوضح فهمى فى بيان له أن الأخطر فى قضية الزيادة السكانية هو التأثير بالسلب على قطاع الصحة، وذلك من خلال زيادة الطلب على خدمات الرعاية الصحية والجهات المقدمة للخدمة، فضلا عن أن الدولة ملتزمة بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3% من الناتج القومى الإجمالى، تتصاعد تدريجيا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
وأشار عضو مجلس الشيوخ إلى أن أهم التحديات التى تقف أمام تقدم الدول وتحسين مستوى حياة المواطن هى الزيادة السكانية، ولذلك لا يشعر المواطنين بارتقاء وتحسن حالة الأسرة والأبناء وعدم التمتع بحياة كريمة بسبب تكدس أفراد الأسرة، مطالبا بضرورة أن تكتفى كل أسرة بطفلين فقط حتى يشعرن بحياة كريمة وجيدة.
وأكد النائب أن كثرة عدد الأبناء لا تعتبر قوة كمفهوم العزوة تحديداً بل يمثل مسئولية وحملا كبيرا على المجتمع والدولة، فضلاً عن أن قلة الموارد المتاحة ستتحول إلى أرض خصبة للفقر والجهل والمرض، مشيرا إلى أن مشكلة النمو السكانى بدأت منذ زمن وليس مشكلة حديثة فى وقتنا الحالى، ولا بد من مواجهتها بطرق جديدة على أرض الواقع.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة