قضت محكمة فيدرالية أمريكية، بتعويض قدره 2.3 مليار دولار لعدد من أفراد طاقم السفينة "يو إس إس بويبلو" وعائلاتهم الناجية، بعد أكثر من 50 عامًا على احتجاز كوريا الشمالية للسفينة وطاقمها كرهائن.
طاقم السفينة، التي صارت الآن مزاراً سياحياً في كوريا الشمالية ممن لازالوا علي قيد الحياة أو ذويهم، والمقدر عددهم بأكثر من 100 فرد، كانوا قد رفعوا دعوي قضائية في فبراير 2018 أمام محكمة أمريكية بموجب قانون الحصانات السيادية الأجنبية، والذي يسمح للضحايا بتحريك دعاوي بتهمة التعذيب أو أخذ الرهائن أو الإصابة الشخصية أو الوفاة ضد حكومات أجنبية.
وبحسب شبكة سي إن إن الأمريكية، قال المحامون الذين يمثلون المدعين، في بيان: إن الجائزة هي من بين أكبر المبالغ التي تم تقديمها على الإطلاق في قضية مثل هذه، ووصف مارك برافين وهو أحد المحامين الرئيسين للضحايا ، الحكم بأنه "نتيجة هائلة".
وقال برافين، الذي بدأ العمل في القضية منذ حوالي ست سنوات: "أعتقد أن جميع المدعين سيكونون سعداء للغاية. لقد كانت عملية طويلة".
وسمح للمدعين برفع دعوى، بعد أن أعلن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب عن كوريا الشمالية دولة راعية للإرهاب في عام 2017، ما أعاد فتح نافذة التقاضي ضد بيونج يانج بموجب قانون 1976، وقد تم رفع كوريا الشمالية من القائمة في عام 2008 من قبل الرئيس آنذاك جورج دبليو بوش.
ومع ذلك ، لا يزال من غير الواضح كيف يمكن تعويض الأضرار من كوريا الشمالية، فلم تكن بيونج يانج ممثلة في القضية.
ولطالما اتهمت السلطات الكورية، السفينة بويبلو وطاقمها بالتجسس بشكل غير قانوني في المياه الإقليمية لكوريا الشمالية عندما تم القبض عليها.
ولا تزال "بويبلو"، من الناحية الفنية سفينة تم تكليفها في البحرية الأمريكية، ولكن منذ عام 2013، استخدمتها كوريا الشمالية كمتحف جذب سياحي ودعاية في بيونج يانج.
قال برافين، إنه بسبب الحكم ، سيتمكن المدعون من التقدم بنجاح للحصول على التعويض من قانون العدالة لضحايا الولايات المتحدة للإرهاب الذي ترعاه الدولة، وهو صندوق أنشأه الكونجرس لدعم ضحايا الإرهاب.
في حين أن الأمر قد يستغرق بعض الوقت للحصول على جزء كبير من التعويض الذي اقرته المحكمة، قال برافين: إن الضحايا يمكن أن يبدؤا تحصيل التعويض "في وقت مبكر من العام المقبل".
ووفقا للتقرير ففي عام 2008 ، قام 3 من أفراد الطاقم، ويليام توماس ماسي، ودوني ريتشارد توك، ودونالد ريمون مكلارين، وروز بوشر، زوجة قائد بويبلو الراحل ، لويد بوشر، برفع الدعوى. وفي هذه القضية، منحت المحكمة لأعضاء الطاقم الـ3 الناجين 16.75 مليون دولار لكل منهم ، وورثة بوشر 12.5 مليون دولار عن الإساءة التي تعرضوا لها أثناء القبض عليهم، و "الأذى الجسدي والعقلي الذي سيستمرون في تحمله طوال حياتهم. "وفقا لما ورد في الوثائق.
وتم احتجاز السفينة بويبلو، من قبل كوريا الشمالية عندما كانت في المياه الدولية قبالة سواحل شبه الجزيرة الكورية في 23 يناير 1968، و بعد مواجهة متوترة حيث اتصلوا للحصول على المساعدة التي لم تأت أبدًا ، تم القبض على أفراد الطاقم البالغ عددهم 83 ومن ثم نقلهم إلى ميناء وونسان في كوريا الشمالية وابلغ عن مقتل بحار واحد في الحادث.
وتم نقل المجموعة، لاحقًا إلى مركز احتجاز بالقرب من بيونج يانج ، حيث تم احتجازهم لمدة 11 شهرًا وقال الناجون: إنهم تعرضوا للضرب والتعذيب على أيدي خاطفيهم.
تصاعدت التوترات في شبه الجزيرة الكورية، لدرجة أن الجنرالات الأمريكيين وضعوا خطة ضربة نووية محتملة، وفي نهاية المطاف فتحت واشنطن مفاوضات مع بيونيانج في ما يسمى بـ"قرية السلام" في بانمونجوم ، في المنطقة المنزوعة السلاح بين كوريا الشمالية والجنوبية ، وبعد شهور من المحادثات ، وافقت الولايات المتحدة على توقيع اعتذار صاغته كوريا الشمالية، ثم تم إطلاق سراح الرجال عبر المنطقة المنزوعة السلاح الفاصلة بين كوريا الشمالية والجنوبية.
وطالب المدعون في القضية، بالتعويض عن "الكرب النفسي والألم والمعاناة" التي لحقت بأسر الطاقم ، حيث انتظروا بفارغ الصبر أخبار أحبائهم لمدة 11 شهرًا وتعاملوا مع الآثار اللاحقة لانتهاكات كوريا الشمالية جسديا ونفسيا.
وأشار دون بيبارد، أحد أفراد الطاقم الذين انضموا إلى القضية: أن العزلة عن بقية العالم كانت صعبة التحمل بشكل خاص.
وقال بيبارد، بعد إطلاق سراحه ، إنه تحول إلى "شخص مختلف قليلاً": رغم أنه لم يدرك ذلك آنذاك، ووصف مجموعة من الأعراض التي تشبه اضطراب ما بعد الصدمة ، بما في ذلك المعاناة من الأحلام السيئة "لفترة طويلة".
وهذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مقاضاة كوريا الشمالية في الولايات المتحدة للحصول على تعويضات، حيث أمر قاض كوريا الشمالية بدفع 500 مليون دولار لعائلة أوتو وارمبير مقابل موته غير المشروع في عام 2018 الذي اعتقل و تعرض للتعذيب على مدار 17 شهرًا في الأسر في كوريا الشمالية، ثم أُعيد إلى الولايات المتحدة في حالة غيبوبة وتوفي بعد أيام قليلة من إطلاق سراحه.
ورفعت عائلة وارمبير، مثل المدعين في قضية بويبلو، دعوى قضائية ضد كوريا الشمالية بموجب قانون حصانات السيادة الأجنبية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة