"رز ولبن مثلج رز بالبن" إذا زرت مدينة دهب المطلة على البحر الأحمر، لا بد لك أن تسمع هذا النداء لرجل في الستين من عمره أجنبي، يعتلي دراجة تحمل لافتة مكتوب عليها "أرز بلبن مثلج" ومعها صندوق "آيس بوكس" ممتلئ بعبوات الأرز باللبن، ومعها نكهاته المختلفة ما بين جوز الهند والشيكولاتة والكرامل، يسير فى شوارع المدينة الصغيرة وعلى كورنيشها المطل علي البحر الأحمر، ليلتف حوله الكثيرين من زبائنه عشاق الأزر باللبن، حين ترى ذلك المشهد المتكرر كثيرًا خلال اليوم، ينتابك عدة أسئلة من هذا الرجل الأجنبى؟ ولماذا يبيع الأرز باللبن؟ ومن يصنعه له؟ وما هي حكايته؟
لافتة مكتوب عليها أرز بلبن
اليوم السابع كان هناك فى مدينة السحر والجمال "دهب"، والتقى هذا الرجل، إنه "روبرت ستيفن وليمسون" أمريكي الجنسية، أتى إلى مصر عام 1986 ليعمل في إحدى شركات البترول في جنوب سيناء، في تلك الفترة زار مدينة دهب بهدف السياحة حينها جذبته جبالها وسحر مياه البحر الأحمر الزرقاء، فوقع في حب مصر وعشق ترابها، فعاش في مدينة دهب حتى عام 2010، متجهًا إلى أمريكا ليخبر عائلته بما حدث فى حياته من تغيير جذرى، حسبما روى.
عبد الله يوسف (1)
فقال "عاشق مصر" في بداية حديثه لـ"اليوم السابع": "أهلًا بكم في دهب، أهلاً بكم في مملكتي.. أعرفكم بنفسي، أنا عبد الله يوسف على، أمريكي الجنسية مسلم الديانة، أشهرت إسلامي منذ 18 عامًا مضي، حين أهداني صديق لي المصحف الشريف وبدأت أقرأ وكنت حينها تمكنت من الكلام باللغة العربية، عندما قرأته مش قلبي وشعرت أنني بحاجة إلى أن أعرف عنه الكثير، قرأت في تفسيره المترجم، ووقعت في حبه وأشهرت إسلامي في دهب ".
الأرز بالبن
بعد أن أصبح مسلمًا ذهب "عبد الله يوسف" إلى أمريكا وأخبر أهله وطلب منهم أن يعشوا جميعًا في مدينته الجديدة دهب، ولكنهم رافضوا وفضلوا العيش في أمريكا، وعاد الرجل بمفرده إلى مصر تاركًا زوجته وبناته يقول "يوسف": "أصعب قرار أخذته حين تركت أسرتي بمفردها في أمريكا ولكن هذه هي التضحية من أجل عملي الجديد ما أفعله هنا يجعلني سعيدًا جدًا، لأني أعمل من أجل الله، في خدمة الأخرين ونشر الحب والتسامح".
عبوات الأرز بالبن
ولم يترك يوسف فريضة في الإسلام إلا وفعلها إلا فريضة الحج، وكان قد حال دونها انتشار جائحة كورونا، يقول "يوسف": "أنا أصلي فروضى وأقرأ القرآن الكريم، وأصوم رمضان وأقوم بالخلوة داخل جبال سيناء، وهذه متعتى المفضلة، آخذ معى الماء والتمر والخبز، أصوم بالنهار وأصلي وأقرأ القرآن وفي المساء أفطر وأنام مبكرًا، أفعل ذلك من ثلاث إلى أربعة أيام، هذا يساعدنى على تطوير عقلي وتطهير جسدى".
يوسف على دراجته يبيع الأرز بلبن (1)
لم يجد "يوسف" عملا في دهب أفضل من أن يبيع الأرز باللبن، وشعر بها أنها يسعد الآخرين فأتقن صنعه، يقول الرجل: "قصتى مع الأرز باللبن قصة بسيطة للغاية، تعلمت صنعه من إحدى السيدات المقيمات في دهب وساعدني فيه سهولة بيعه بالعجلة، أضعه عليها وأسير في الشوارع وأنادى (رز بلبن مثلج رز بلبن) فيأتى الزبائن إلىّ فى حب وأشعر بهم سعداء، أسير بالعجلة ما يقرب من 28 كيلو يوميًا".
يوسف على دراجته يبيع الأرز بلبن
ويكمل حديثه: "أنا بعمل رز بلبن حلو أوى، بجيب خامات عالية الجودة زى الرز واللبن والفانيليا والكريمة والسكر، غير النكهات زى الفول السودانى والكرامل والشيكولاتة، وكمان أنا عندى سر في صناعة الرز باللبن وهى أن بسويه لمدة ساعتين، وبعمله بحب وبحط روحى فيه عشان كدة بيطلع حلو ومختلف عن غيره، وبيبع العلبة بـ20 جنيها".
عبوات الأرز بالبن
وتابع: "أنا بحب المصريين جدًا وبحب قلوبهم الطيبة ممكن تلاقى واحد بسيط وفقير فارش الجرايد وبياكل على الأرض، ولما يشوفك ينادى عليك ويقولك اتفضل، أنا بلاقي السعادة في الخدمة غير المشروطة للآخرين".
الأرز بالبن
يوسف على دراجته يبيع الأرز بلبن (2)
يوسف على دراجته
يوسف يصنع الأرز بلبن
يوسف يصنع الأرز بلبن