نشاهد اليوم واحدة من الصور العالمية الشهيرة هى "الأم المهاجرة" التى التقطتها دوروثيا لانج، فى سنة 1936، ويقول كتاب "دوروثيا لانج – الإمساك بوميض الصاعقة" للكاتبة الأميركية وحفيدة المصورة إليزابيث بارتريدج، إنه لم يكن يُقدر لدوروثيا التقاط هذه الصورة فى أوائل شهر مارس عام 1936، الذى كان نهاية فصل الشتاء ببرده القارس، لو أنها تابعت طريقها، حيث أمضت دوروثيا خلال تلك الفترة، ما يقرب من الشهر على الطرقات، وهى تلتقط صور الحياة البائسة للمزارعين المهاجرين العاملين بالحصاد فى كاليفورنيا.
ويتابع الكتاب كانت دوروثيا المنهكة حتى الرمق الأخير، تقود سيارتها باتجاه الشمال، وهى تحلم بالعودة إلى بيتها، ولم يخطر فى بالها التوقف حين طالعتها لوحة على الطريق مكتوبة بخط اليد "مخيم قاطفى البازلاء" لدى مرورها ببلدة نيبومو التى سبق وزارتها قبل عام فى أول مهمة تصوير لها من قبل الحكومة، حيث أقنعت نفسها أنه لا جدوى من التوقف، فما صورته خلال مهمتها، شبيه تماماً بما سيكون عليه الحال فى هذا المخيم.
لكنها، ودون أن تعي، قررت بعد قطعها 20 ميلاً، الالتفاف والعودة إلى المخيم، لتكتشف أن المحصول الذى رزح تحت أسبوعين متواصلين من المطر المنهمر، قد تلف، وليجد المزارعون أنفسهم بلا عمل أو مال لشراء الطعام.
خاضت دوروثيا فى الطين، لتصل إلى خيمة ممزقة، تحتمى بها أم مهاجرة مع أطفالها السبعة، والتى لا يتجاوز عمرها 32 عاماً. كانت العائلة تعيش على خضار الحقل التى جمدها الصقيع، والعصافير التى يتمكن أطفالها من اصطيادها.
وبسرعة، التقطت دوروثيا صوراً لهم، لتركب سيارتها مجدداً وتعود إلى بيتها. ولكن لا لتأخذ قسطاً من الراحة، بل لتقوم بتظهير صور النيجاتيف لتلك الأم، والإسراع بها إلى صحيفة "سان فرانسيسكو نيوز"، التى نشرت صورتين منها مع مقالة فى 10 مارس 1936.
وما إن نشرت الصور، حتى أمرت الحكومة الفيدرالية بتوفير الطعام للمهاجرين فى ذاك المخيم، بقيمة 20 ألف باوند.