"فى سنة 1898 كتب الروائى الفرنسى الشهير إميل زولا مقالة مهمة بعنوان "أنا أتهم" وقدمه على هيئة رسائل إلى الرئيس الفرنسى آنذاك فيليكس فور، للدفاع عن ضابط فرنسى يدعى "ألفريد دريفوس" ولكن "زولا" وجد نفسه أمام المحاكمة.
وألفريد دريفوس هو نقيب بأركان حرب بالجيش الفرنسى من أصل يهودى والذى تم اتهامه زورا فى خريف عام 1894م، بتسريب ملفات فرنسية سرية للمركز العسكرى الألمانى بباريس، كما تم تجريده علناً من رتبته العسكرية وبعث إلى جزيرة الشيطان بجويانا الفرنسية، مما دفع عائلته لتنظيم حملة تدافع عنه، وبدأت المعلومات تتجمع خطوة خطوة حول المخالفات الجسيمة بالقضية عام 1894 كما تم اكتشاف الخائن الحقيقى فى نوفمبر عام 1897، وهو المقدم والسن استرهازى.
زولا
وبحسب الدكتور زهير عبد المجيد الفاهوم فى كتابه " فلسطين: ضحية وجلادون" فإن المقال الذى نشرت فى 3 فبراير عام 1898م، فى صحيفة "لا أورور" الفرنسية، اتهم فيها "زولا" وزارة الحربية والمحكمة العسكرية فى باريس، بتضليل الرأى العام وإخفاء الحقائق وانتهاك المتهم درايفوس.
وقد تجاوبت مع هذا التحرك صحف عالمية فى كل من إنجلترا وألمانيا، هولندا، والولايات المتحدة الأمريكية، واتهمت السلطات الفرنسية بالتلفيق وحياكة المؤامرة ضد متهم برئ هو درايفوس، وكان هذا مدعاة لصحف فرنسية لتهاجم زولا وتتهمه بالكذب والتضليل وتؤكد إدانة درايفوس وتقول إن حملة زولا تهدف إلى تشويه سمعة الحكومة الفرنسية وإنه أداة بين اليهود.
وشن رئيس الحكومة الفرنسية حملة شديدة مضادة أكد فيها إدانة زولا ونفاق المدافعين عنه، أما البرلمان الفرنسى فأصدر بيانا جاء فيه: "البرلمان الفرنسى يطلب من الحكومة أن تضرب بيد من حديد الشر الذى تموله رؤوس المال الأجنبية، والذى يهدف إلى تبرئة ساحة الخائن درايفوس بعد أن أدين بإجماع قضاة المحكمة وبناء على شهادة 27 ضابطا فرنسيا".
ويوضح كتاب " من سرق المصحف ؟" تأليف رفعت السيد أحمد، أن إيمان "زولا" بالقضية وكتابته رائعته "أنا أتهم"، دفع بسببها الثمن باهظا حين حكم عليه بسبب هذه المقال بالسجن، مما دفعه إلى نفى نفسه إلى لندن، وتوفى عام 1902، قبل أن يعاد الاعتبار للضابط درايفوس بعدها بأربعة سنوات، بعدما صادف أحد الضباط بالقيادة العامة بالجيش الفرنسى وثيفة مزيفة حول درايفوس، وأعيدت المحاكمة وتم تبرئة الضابط الفرنسي.