يمر اليوم 90 عاما على ميلاد الفنانة الكبيرة شادية حبيبة مصر والشمس التى لا تغيب حتى وإن ابتعدت عن الأضواء أو رحلت من الأرض إلى السماء، وقد ظلت شادية معشوقة الجماهير التى لم يجتمع الملايين على حب فنانة مثلما أجمعوا على حبها، ولم تغب عن الأذهان والقلوب حى بعد اعتزالها وابتعادها عن الفن والأضواء لأكثر من ثلاثين عاما قبل وفاتها وهى فى أوج شهرتها ونجوميتها.
وكان لقرار اعتزال شادية وتفرغها للعبادة العديد من المقدمات التى حكت تفاصيلها فى لقاء نادر وندوة بجمعية مصطفى محمود الخيرية بعد اعتزالها وبحضوره والفنان محمد عبدالوهاب.
وقالت شادية فى هذه الندوة: الحمد لله نجحت فى شغلى وأديت رسالتى، فالفن رسالة وعمل كبير وموهبة خلقها الله فى الإنسان المهم إزاى الإنسان يستغلها»، وأوضحت: «بيتنا متدين واتربينا وإحنا صغيرين على الصلاة، لكن أيام الشغل كنت بانشغل باللبس والماكياج علشان عاوزة أنجح، ولأن ربنا بيحبنى وصلت لمرحلة شعرت فيها بالقلق، وعدم الراحة أوالسعادة فى الشغل».
ورغم النجاح والشهرة والجمال، كانت الفنانة شادية تشعر بالقلق، وفارق النوم عينيها، كانت تقوم ليلا باكية، خاصة بعد وفاة شقيقها محمد طاهر.
وشعرت شادية بالرغبة فى زيارة بيت الله الحرام، فذهبت للعمرة، وهناك قابلت الشيخ الشعراوى صدفة على باب المصعد وفرحت لرؤيته وطلبت منه أن يدعو لها، بعدها ذهبت لإجراء جراحة بأمريكا، وقضت معظم وقتها خلال هذه الرحلة فى قراءة القرآن والصلاة، فشعرت بالراحة التى تنشدها.
عادت شادية من رحلتها وقد قررت ألا تغنى إلا الأغانى الدينية وبالفعل اتفقت مع الشاعرة علية الجعار على عدد من الأغنيات، وكان من بينها أغنية «خد بإيدى» التى غنتها فى آخر ظهور لها، عام 1986وارتعشت وبكت وهى ترددها بكل جوارحها.
وبعد هذه الأغنية فشلت كل محاولات شادية لحفظ أى أغان، حتى الأغانى الدينية التى اتفقت عليها، وهنا ذهبت لاستشارة الشيخ الشعراوى، وأخبرته بأنها لم تعد لديها رغبة فى الغناء وفقدت قدرتها على الحفظ وأنها وعدت الجمهور بغناء الأغانى الدينية، ولكنها لا تستطيع الوفاء بهذا الوعد، فأجابها إمام الدعاة بأن الوفاء بوعدها لله أولى من الوفاء بوعدها للناس، فخرجت النجمة وقد قررت الاعتزال وعدم الظهور نهائيا، ورغم ذلك لم تحرم شادية الفن ولم تتبرأ من أعمالها، وعاشت متصالحة مع نفسها وتاريخها، مؤكدة سعادتها بما قدمته فى كل مرحلة من مراحل حياتها.
واختارت محبوبة الجماهير التفرغ للعبادة ، وتضاعفت أعمالها الخيرية التى لا تعلن أو تتحدث عنها، عشرات البيوت عاشت على رواتب شهرية خصصتها للفقراء، كما كانت تقف بجوار الفنانين الذين غدرت بهم الحياة، وهدمت فيلتها بالهرم وأقامت مكانها مجمعا خيريا يضم مسجدا ودار أيتام ودار تحفيظ قرآن، ومستوصفا خيريا، كما تبرعت بشقة بشارع جامعة الدول العربية لجمعية مصطفى محمود لإنشاء مركز لعلاج الأورام.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة