عباس محمود العقاد، لم يكن مجرد أديب أو كاتب من رواد الحركة الأدبية المصرية، لكنه كان من أعلام حركة النهضة الفكرية فى مصر مطلع القرن العشرين، رجل ملأ الأوساط الثقافية والفكرية بأفكاره ورؤاه الخالدة، وترك لنا إرثا أدبيًا وإبداعيًا وفكريًا بديعًا، فمن منا لم يقرأ العبقريات، ومن منا لم يتأثر بقصة حبه الخالدة "سارة".
وتمر اليوم الذكرى الـ57 على رحيل الأديب الكبير عباس العقاد، إذ رحل فى 12 مارس من عام 1964، عن عمر ناهز الـ 74 عاما، ويعد العقاد أحد أهم كتاب القرن العشرين فى مصر، وقد ساهم بشكل كبير فى الحياة الأدبية والسياسية، وأضاف للمكتبة العربية أكثر من مائة كتاب فى مختلف المجالات.
فى مقدمة المذكرات المنسوبة لصاحب العبقريات "أنا" والتى قدمها الكاتب الصحفى طاهر الطناحى، كشف عن مفاجأة ربما لا يعرفها الكثيرين، وهى أن "العقاد" تنبأ بموته على حسب وصف الأول، فقد أكد أن العقاد لم يكن يكره الموت أو يخشاه، ولم يكن يطمع أن تدوم حياته إلى سن المائة، فقد توفيت والدته فى سن الثمانين ووالده دون هذا السن، وقد تنبأ بالموت فى حديث مع الطناحى قال: "ان الابن يأخذ متوسط عمرى أبيه وأمه، وقد تنتهى حياتى قبل الثمانين، ثم ابتسم وقال: "إذا فاجأنى الموت فى وقت من الأوقات، فإننى أصافحه ولا أخافه، بقدر ما أخاف المرض، فالمرض ألم مذل لا يحتمل، لكن الموت ينهى كل شيء".
وعندما قال له الطناحى أن جسمه وما يراه من صحته ومثابرته على العمل حتى فى شيخوخته تبشر بأن عمره سيصل إلى المائة ويزيد، فما هو شعوره وقتئذ، وما الكتاب الذى سيود تأليفه، أجاب: "إننى لا أتمنى أن أصل إلى سن المائة كما يتمناه غيرى، وإنما أتمنى أن تنتهى حياتى عندما تنتهى قدرتى على الكتابة والقراءة، ولو كان ذلك غدا".
وعن الأمنية الكبرى التى تمنى أن يختم بها حياته هو تأليف كتاب عن "الإمام الغزالى وفلسفته"، فقد كان عند العقاد مكتبة خاصة عنه بالعربية والإنجليزية، وكان يقرأ له وعنه فى الثلاثين سنة الأخيرة قراءة دقيقة ليضع هذا الكتاب، فقد كان يعده أول فيلسوف ومفكر إسلامى، ويرى أنه قدوة للفلاسفة ومثال من التفكير الرفيع.
يشار إلى أن العقاد قام بالفعل بإصدار كتاب تحت عنوان "فلسفة الغزالى" عن منهج الإمام أبى حامد الغزالى الفلسفى، ولماذا كفر بعد الفلاسفة؟، فى كتابه "تهافت الفلاسفة" ورغم ذلك اعتبره العقاد أن كتبه كانت أول الردود العلمية والموضوعية التى قاومت الفكر بالفكر، وقد صدر الكتاب قبل 4 سنوات من رحيله وبالتحديد سنة 1964.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة