نلقى الضوء على كتب ومؤلفات أحمد أمين (1886- 1954) الذى يعد واحدا من الشخصيات المهمة فى الثقافة المصرية والعربية، ونتوقف اليوم مع كتابه "الصعلكة والفتوة فى الإسلام" الذى صدر عام 1951.
يقول أحمد أمين فى مقدمة الكتاب:
فى حوالى سنة 1938م لفت نظرى وأنا أقرأ الأغانى فى ترجمة حنين بن إسحاق كلمة عن الفتوة، فهمت منها أن لها نظامًا خاصًّا، وأن للفتيان فى كل بلد مكانًا يجتمعون فيه ويسأل عنهم الغريب ويقصدهم، فتتبعت فى الأغانى وغيره الحديث عنها، ثم رجع ذهنى إلى الجاهلية، فتصفحت بعض كتب الأدب، وخصوصًا ديوان الحماسة والمفضليات، وكيف استعملوا كلمة فتوة استعمالات مختلفة، ثم رأيت أن الصوفيين وضعوا فى أشهر كتبهم بابًا للفتوة أبانوا فيه معناها، ثم كان أن قرأت رحلة ابن بطوطة فرأيته أثناء رحلته فى البلاد التركية يشيد بذكر الفتوة فيها ويبين إكرامهم للضيوف ومعاملتهم بعضهم لبعض، ثم عرضت لكلمة الفتوة فى العصر الحديث.
الصعلكة والفتوة
ويضيف: كل هذا دعانى إلى أن أبحث فى الفتوة وأتتبع معانيها فى العصور المختلفة من العصر الجاهلى إلى اليوم، فكتبت فى هذا الموضوع بعض ما حضرني، وألقيت إذ ذاك محاضرة فى دار الجمعية الجغرافية، ونشرتها عقب ذلك كلية الآداب فى مجلتها بمجلدها السادس الصادر فى مايو سنة 1942 ، وأخيرًا اتجهت إلى أن أزيد فيها بعض ما عثرت عليه وأضمنها رسالة صغيرة هى هذه التى أقدمها للقراء.
ويتابع: ثم كان وأنا أبحث هذه الفتوة أن رأيت علاقة كبيرة — ولو علاقة تناقض — بين الفتوة والصعلكة، فكلاهما يؤدى معنى إنسانيًّا، وإن كان "الفتيان" تدل على أولاد الذوات و"الصعاليك" تدل على أولاد الفقراء.
ويكمل: وقد لفت نظرى يومًا ما ديوان سيد الصعاليك عروة بن الورد، فقرأته وأعجبت منه بالصعاليك على العموم، حتى كتبت مقالًا فى مجلة الثقافة عن عروة بن الوارد هذا والصعاليك قبل سنة 1944 ، ثم قرأت رسالة قيمة لطالب من طلبتى عن الصعاليك فى العصر الجاهلى أعدها يوسف عبد القادر خليف أفندى فى الصعاليك عند الجاهلية، فأعجبتنى وأعجبنى موضوعها فقرأتها واستفدت منها، وتتبعت موضوع الصعاليك فى الإسلام وهدانى التفكير إلى أن حلف الفضول كان نتيجة لهؤلاء الصعاليك، ولولاهم لم يكن ما أبنت فى الكتاب.
ويستكمل: "عللت كيف وقفت الصعلقة فى صدر الإسلام وأسباب وقوفها، وكيف ظهرت فى العصر العباسى على شكل آخر إلى اليوم أيضًا، فكان من البحث فى الفتوة والصعلكة هذه الرسالة، فأشكر كل من كتب فى هذين الموضوعين ووصلت إلى أبحاثهم واستفدت من مجهودهم"
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة