داخل غرفة فى شقة بحى ضاحية السلام شرق مدينة العريش بشمال سيناء، تطل على مسار كانت فى يوما من الأيام تقطعه سيرا على قدميها، لتؤدى مهامها النضالية ضد من احتل أرضها، تجلس الحاجة فرحانة شيخة المجاهدات بسيناء، لتتذكر وقائع يومياتها الخاصة وهى تجوب صحراء سيناء تحت ستار تجارة الأقمشة، بينما هى تنقل رسائل المناضلين من عمق سيناء للقيادات بالقاهرة وترصد فى مخيلتها كل ماتراه، لترسمه على ورق وهى فى الأمان.
الحاجة فرحانة حسين أبورياش، حصلت على تكريم رئاسى فى يوم الأحتفال بالمرأة المصرية بمناسبة عيد الأم وعلى شهادة تقدير من الرئيس عبدالفتاح السيسى.
الحاجة فرحانة شيخة المجاهدين وشهادة التكريم
بعد عودتها من مراسم التكريم بالقاهرة إلى غرفتها فى شقة ابنها عبدالمنعم الذى تقيم معه لم تنقطع عنها هواتف المهنئين بهذا التكريم من أهالى سيناء، بينهم شباب يحرصون بين حين وأخر على زيارتها والاستماع لنصائحها.
قالت الحاجة فرحانة لـ"اليوم السابع"، إنها فرحت جدا بهذا التكريم" رد لى روحى فهو تكريم بمثابة تقدير ووسام لى ولكل أهل سيناء ولكل شبابها".
أضافت إنها "عندما وصلها الخبر لم تكن تتخيل أن يتم ذلك، لأن فى حياتها لم تكرم بهذا المستوى".
الحاجة فرحانة شيخة المجاهدين مع مراسل اليوم السابع
وحول تاريخها النضالى أوضحت أنها بدأت العمل فى خدمة الوطن عن طريق شرفاء من أبطال سيناء، لتؤدى دورا وهى تمتهن تجارة بيع القماش فى عمق سيناء، وقامت بدور نقل رسائل من المناضلين للقاهرة، وأنها كانت تقوم بحفظ كل ماتراه من مسارات تحرك العدو وآلياته وعند عودتها ترسم ماتراه بدقة على الورق حيث أنها لاتقرأ ولاتكتب .
وحول سر البرقية التى كانت تبثها عبر إذاعة صوت العرب، أوضحت أنها كانت تحمل عبارة "أهدى سلامى للأهل فى الأراضى المحتلة"، وهى رمز شفرة للمناضلين أنها وصلت بسلام.
وقالت إن من بين الأبطال الذين تذكر دورهم فى مسيرتها "اشتيوى ابوحبينان" الذى كان منزله بمثابة مخبأ لها اثناء حضورها تحت ستار التجارة وكان المنزل فى العريش، ولاتزال تذكر لهذا الرجل أنه كان عونا لها وتعتبره أخا لها.
وحول سر هدايا اللوحات المطرزة التى تهديها لزائريها قالت إنها لاتزال تمارس حرفة التطريز على القماش وتقوم بنقش عبارات منها "اللهم صلى على سيدنا محمد"، و "تحيا مصر" و "صورة العلم" و "النسر"، وعندما يأتيها الشباب للزيارة تهديهم لها وتوصيهم على مصر.
وعن حياتها الخاصة قالت إنها تزوجت فى قريتها أبوطويلة إحدى قرى الشيخ زويد ، من ابن قبيلتها "الرياشات" وكان فى ذاك الوقت نظام الزواج بين البدو ب"القصلة" وهو عود أخضر، وهو بمثابة المهر بين الزوج وولى أمر الزوجة، فيما كانت مراسم الأفراح والزفاف على ظهور الأبل، ثم انتقلت مع زوجها للصعيد ومنها لمديرية التحرير مع المهجرين من الحرب فى سيناء، ثم عادت للإسماعيلية ومنها عادت للعريش وهى أم لثلاثة ابناء، لكن زوجها تزوج من سيدة أخرى بعد أن وافقت على ذلك، وكانت فى حياتها تقوم بتربية ابنائها الثلاثة من مهنة التجارة، وعندما اقعدتها ظروفها الصحية عن الحركة انتقلت للعيش برفقة أصغر أبنائها " عبدالمنعم إبراهيم".
بدوره قال ابنها "عبدالمنعم" إن والدته ظروفها الصحية أصبحت تعيقها عن الحركة، حيث تتناول أدوية لتقوية مناعتها وأعصابها وأمراض ألمت بها ومع ذلك تقضى يومها بسعادة بين أحفادها وتستقبل زوارها.
الحاجة فرحانة شيخة المجاهدين
أضاف أن الوطنية لاتغيب عنها لحظه حتى إنها عندما تحل ذكرى الاحتفال بنصر أكتوبر ويظهر على الشاشات لقطات للرئيس الراحل أنور السادات تبكى وتقول أنها تتمنى أن تعود لشبابها لتعيد دورها النضالى.
وقال إن والدته لها دور مجتمعى، فقد علمت أن أهل سيناء يقومون بالتبرع لبناء مستشفى خيرى، فتبرعت بأخر ماتملك وهو خاتمها الذهبى لصالح هذا المشروع الخيرى، كما أنها تستقبل طلبة جامعة العريش وجامعة سيناء وضيوفها فى غرفتها التى تقضى فراغها فيها بين التسبيح وبين امتهان حرفة التطريز.
وتوجت مسيرة المجاهدة السيناوية ضد الاحتلال الإسرائيلى لسيناء بتكريم رسمى من الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال احتفالية تكريم المرأة المصرية والأم المثالية 2021 تقديرا لدورها وكفاحها ضد الاحتلال فى فترة الحرب.
وقصة كفاح "الأم فرحانه" كما يناديها أهل سيناء، و"أم دواد" كما كانت تعرف بين صفوف المناضلين ضد الاحتلال بدأت أول سطورها بعد النكسة، وهى وفقا لما جاء فى بيان حيثيات تكريمها الرسمى:
أنها انضمت للمخابرات الحربية مثل كثير من الشرفاء من أبناء سيناء، حيث تم تكليفها بمهمة رصد القوات الاسرائيلية خلال تجارة الأقمشة التى تعمل بها، حيث قامت برصد تمركزات العدو على طريق رحلتها من العريش للقاهرة، وإعداد الدبابات والجنود، بالرغم من عدم إجادتها للقراءة والكتابة، ولكنها كانت تحفظ الرموز التى على سيارات العدو وترسمها إلى ضابط المخابرات بالسويس، كانت تخبر المجاهدين فى سيناء بنجاح مهمتها «حيث كانت ترسل برقية للإذاعة تقول فيها» أنا أم داوود أهدى سلامى إلى إخوانى وأخواتى فى الأراضى المحتلة «وعند سماع هذه البرقية فى سيناء يقوم المجاهدين بتوزيع الحلوى ابتهاجا بنجاح العملية، وكتابة سطر جديد فى سجلات بطولات ابناء سيناء، وجسدت فرحانه الدور الوطنى الذى بذلته سيدات سيناء خلال حروب الاستنزاف وحتى نصر أكتوبر العظيم عام 1973"، وسبق وكرمها الرئيس الراحل محمد أنور السادات، ومنحها نوط الامتياز من الطبقة الأولى لدورها الكبير فى مساندة القوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر 1973.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة