وافق مجلس النواب، برئاسة المستشار الدكتور حنفى جبالى، على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات فيما يخص تغليظ عقوبة ختان الإناث، بعقوبات تصل للسجن المشدد، وذلك فى مجموع مواده، مع إرساله إلى قسم التشريع بمجلس الدولة لمراجعته، وأخذ الرأى النهائى عليه لاحقا.
ويهدف مشروع القانون لمواجهة ظاهرة ختان الإناث، وهى من أبشع الظواهر الاجتماعية، مؤكدا أن جريمة الختان تمثل انتهاك لحرمة الجسد الذى لا يجوز المساس به فى غير دائرة الحق، وهو ما يؤثر سلبا على المقومات الأساسية والأخلاقية التى يقوم بها المجتمع، لافتة إلى أنه يأتى متوافقا مع أحكام الدستور.
ويستهدف مشروع القانون المقدم من الحكومة تعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالقانون رقم 58 لسنة 1937، لتقرير عقوبة رادعة حيال جرائم ختان الإناث.
وتنص المادة الأولى، على أن: يستبدل بنص المادتين (242 مكررا) و(242 مكررا أ) من قانون العقوبات النصان الآتيان:
المادة (242 مكررًا) يعاقب بالسجن مدة لا تقل عن خمس سنوات كل من أجرى ختانًا لأثنى بإزالة جزء من أعضائها التناسلية الخارجية بشكل جزئى أو تام أو ألحق إصابات بتلك الأعضاء، فإذا نشأ عن ذلك الفعل عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن سبع سنين أما إذا أفضى الفعل إلى الموت تكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن عشر سنين.
وتكون العقوبة السجن المشدد لمدة لا تقل عن 5 سنوات، إذا كان من أجرى الختان المُشار إليه بالفقرة السابقة طبيبا أو مزاولًا لمهنة التمريض، فإذا نشأ عن جريمته عاهة مستديمة تكون العقوبة السجن المُشدد لمدة لا تقل عن 10 سنوات، أما إذا أفضى الفعل عن الموت تكون العقوبة السجن المشدد، لمدة لا تقل عن خمسة عشر سنة ولا تزيد على عشرين سنة.
وتقضى المحكمة فضلًا عن العقوبات، المتقدمة بغلق المنشأة الخاصة التى جرى فيها الختان، وإذا كانت مرخصة تكون مدة الغلق 5 سنوات، مع نزع لوحاتها ولافتاتها، سواء أكانت مملوكة للطبيب مرتكب الجريمة، أو كان مديريها الفعلى عالمًا بارتكابها، وذلك بما لا يخل بحقوق الغير حسنى النية، ونشر الحكم فى جريدتين يوميتين واسعتى الانتشار وبالمواقع الإلكترونية التى يُعينها الحكم على نفقة المحكوم عليه.
المادة (242 مكررًا أ) يعاقب بالسجن كل من طلب ختان أثنى وتم ختانها بناء على طلبه على النحو المنصوص عليه بالمادة 242 مكررًا من هذا القانون.
ويعاقب الحبس كل من روج أو شجع أو دعا بإحدى الطرق المبينه بالمادة (171) من هذا القانون، لارتكاب جريمة ختان أثنى ولو لم يترتب على فعله أثر.
وتنص المادة الثانية، على أن ينشر هذا القانون فى الجريدة الرسمية ويعمل به من اليوم التالى لتاريخ نشره، يبصم هذا القانون بخاتم الدولة، وينفذ كقانون من قوانينها.
وقال المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس المجلس، أنه تم أخذ رأى الأزهر الشريف وكل من المجلس القومى لحقوق الانسان والمجلس القومى للمرأة فى مشروع القانون.
وعرض المستشار ابراهيم الهنيدى رئيس اللجنة التشريعية، تقرير اللجنة، قائلا أن مشروع القانون جاء متسقًا مع الدستور، وخاصة المادة (60) منه والتى تقضى بأن لجسد الإنسان حرمة والاعتداء عليه أو تشويهه جريمة يعاقب عليها القانون.
وأعلن الدكتور على جمعة رئيس اللجنة الدينية بمجلس النواب، موافقته على تعديل قانون العقوبات فيما يخص تغليظ العقوبات على ختان الإناث، قائلا: "أوافق عليه شخصيا وشرعيا وفقهيا".
وأضاف "جمعة": "ختان الإناث وتجريمه يتفق مع الشرع الشريف ولم يتم الاختلاف فيه عبر القرون والذى اختلف هو الثقافة الطبية والثقف المعرفى، أما الحكم الشرعى فلم يختلف".
وتابع "جمعة": "فى الفقه الإسلامى الموروث اختلف العلماء فى قضية ختان الإناث وذهب بعضهم إلى أنه واجب، وذلك ليس من قبيل الشرع ولكن من قبيل السقف المعرفى الطبى الذى كان يؤكد حينئذ أن هذ العمل والتصرف إنما هو فى صالح الأثنى"، لافتا إلى أن الإمام الشافعى بنى اراءه الكثيرة على الطب."
وتابع قائلا: "كانت مصادرهم واضحة بعضها جاء من الشريعة وبعضها جاء من الثقافة السائدة فى مجتمعنا اعلاء لمصلحة الإنسان".
وأضاف: "فى 1950 أصدرت مجلة الدكتور تحريما باتا لمسألة ختان الإناث واجتمعت هيئة كبار العلماء وانتهوا إلى أن ذلك يجب أن يكون بإجماع الأطباء".
ولفت جمعة إلى أنه فى 2004 أقرت الصحة العالمية أن ختان الإناث يعد ضررا لجسم الأثنى، ولم تختلف الفتوى على مر العصور سواء كانت من الوجوب إلى الرفض وجعلت الطب مرجع لها فى اتخاذ الأحكام.
كما وافق ممثلو الهيئات البرلمانية، وتنسيقية شباب الأحزاب، على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات فيما يخص تغليظ عقوبة ختان الإناث، مع المطالبة بتكثيف حملات توعوية واسعة، لاسيما من جانب المؤسسات الدينية والمجالس القومية المتخصصة، فضلا عن الحملات الإعلامية فى هذا الصدد.
من جانبها أكدت النائبة أميرة العادلى، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن ختان الإناث جريمة ضد الإنسانية، والاتجاه نحو تغليظ العقوبة حيالها أمر محمود لكن يجب مواجهة مشكلة التطبيق لاسيما وأنه قد ينتهى إلى التصالح، لذا يجب التكاتف جميعا لتطبيق القانون.
وطالبت البرلمانية، المؤسسات الدينية القيام بدورها فى مخاطبة الجماهير، لاسيما وتأثير الخطاب الدينى فى القرى والصعيد، مشيرة إلى أن نسبة الختان فى الحضر والمدن قليله نسبيا عن نظيرتها فى القري.
وشددت أميرة العادلى، على أهمية الحملات التوعوية، مطالبة وزارة التربية والتعليم بالتوعية والقيام بدورها فى هذا الصدد، للارتقاء بفكر المجتمع.
من جانبه أكد محمد صلاح أبو هميلة، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهورى، أن إدخال التعديلات على قانون العقوبات بتشديد العقوبة على ختان الإناث لاسيما وأن التعديلات السابقة لم تسفر عن الحد من هذه الجريمة، مشددا فى الوقت ذاته على أهمية حملات التوعية.
وقال النائب سليمان وهدان، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الوفد، أن الحزب طالما كان يراعى حقوق المرأة ومن هنا فأنه يدعم مشروع القانون، لاسيما وأن جريمة الختان ليس لها سند طبى أو شرعى فهى عادة سيئة، مشيرًا إلى أن الدستور كفل حماية المرأة من التعدي.
وأضاف وهدان، أن التعديل الحالى يعالج القصور فى القانون السابق، الذى كان يمنح ولى الأمر الحق فى أخذ ابنته طواعية لأعمال جراحة.
بدوره أيد النائب أيمن أبو العلا، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب الإصلاح والتنمية، تغليظ العقوبة على ختان الإناث لاسيما وإن هذه الجريمة تسبب الأضرار الجسدية للمرأة طوال حياتها، وتنطلق من مفاهيم مغلوطة يجب تصحيحها من خلال حملات مصاحبه لهذا القانون، مشيرًا إلى أن هذه الجريمة البشعة تمثل انتهاك صارخ لحقوق الإنسان سواء الطفل.
وأضاف أبو العلا، أن أحد الأبحاث التى أجريت فى إحدى جامعة الصعيد كشفت عن أن 80% من السيدات يتم لهن ختان للإناث، مشددًا على دور نقابة الأطباء تقوم بدورها حيال الأطباء المخالفين، مع التوعية بأن ختان الإناث اعتقاد خاطئ وليس له أى علاقة بالشعائر الدينية أو الجانب الطبى، قائلًا: "الطبيب يجب أن يعلم أنه سوف يسجن وتغلق عيادته، ويسحب منه حق مزاولة المهنة بموجب التعديلات الجديدة حال ارتكاب هذه الجريمة".
وطالب أبو العلا، دار الإفتاء بأن يصدر إدانة صريحة لختان الإناث، وأن تخرج جميع مؤسسات المجتمع المدنى لتؤكد أنها عادة وليس شعيرة دينية، داعيا وزارة الصحة أيضًا أن تشكل لجنة للموافقة على بعض العمليات الطبية لبعض المتخصصين المتعلقة بهذه المنطقة، مثل الأكياس الخطيرة والأورام التى قد تتعرض لها الفتيات.
كذلك أكدت النائبة إيناس عبد العليم، أهمية مشروع القانون للحفاظ على الأثنى، داعية إلى أهمية الدور الدينى للكنيسة والمسجد، فى التوعية بأن هذه الظاهرة ليس لها علاقة بالجانب الدينى، مع دفع المجالس القومية المختصة لحملات التوعية المجتمعية، الأمر الذى أيده أيضًا النائب إيهاب منصور، ممثل الهيئة البرلمانية لحزب المصرى الاجتماعى الديمقراطى، الذى أكد أن التعديلات هى حفاظا على كرامة المرأة مشددا على أهمية حملات التوعية.
وقال النائب السيد المنوفى، أن تشديد العقوبات المقرر للجريمة لاسيما وأن الحالية غير كافية، واثبت الواقع العملى أن بعض العقوبات لم تعد كافية لتحقيق الردع بنوعيه، وأيدت النائبة إيرين سعيد، عضو المجلس تغليظ العقوبات لمواجهة ظاهرة ختان الإناث التى وصفتها بـ"البشعة"، مطالبة بأن تشمل التوعية الرجال.
من جانبهم وصف أعضاء مجلس النواب، جريمة ختان الإناث التى وصفوها بـ"البشعة" مجرد عادة خاطئة وليس لها أى أساس علمى أو طبى أو ديني.
وقالت النائبة رشا أبو شقرة، عضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، أن ختان الإناث هو ميراث من القهر، مؤيدة تغليظ العقوبات لاسيما وأن الحالية غير رادعة، وأثنى فى الوقت ذاته على مجهودات الحكومة والمؤسسات المعنية فى حملات التوعية.
من جانبه أكد النائب طلعت عبد القوى، أن "ختان الإناث" جريمة وتصبح أكثر بشاعة لاسيما إذا مرتكبها أحد أعضاء الفريق الطبى، مشيرًا إلى أن هذه الجريمة ليس له أى اساس علمى أو طبى، قائلًا: "مفيش فى مناهج كلية الطب حاجة اسمها الختان، هذه عادة وليس عبادة وليس لها حتى اصول فرعونية وربطها بالدين خطيئة".
وقال طلعت، إنه للأسف فإن 82% من عمليات الختان تجرى على أيدى أطباء التمريض.
بدورها أيدت النائبة دينا عبد الكريم، عضو مجلس النواب، تغليظ عقوبة ختان الإناث ولاسيما المادة (242 مكرر)، مشيرة إلى إشكالية عدم إتاحة عرض الحملات إعلاميا مجانا لمنفذيها رغم أهميتها، بقولها: "لسنا بحاجة إلى إعادة اختراع العجلة فيما يخص ختان الإناث، المشكلة فقط يتعلق بمجانية عرض هذه الحملات مجانا، لذا يجب النص على أن يكون إذاعتها مجانا فى القنوات".
وحذرت البرلمانية من الإفلات من عقوبة ختان الإناث، منوهة فى الوقت ذاته إلى أن الختان يتسبب فى عاهة نفسية مستديمة، إذ أن الأبحاث تذهب إلى أن هذه الجريمة تقترب من الاغتصاب.
وكان قد أعلن المستشار الدكتور حنفى جبالى رئيس مجلس النواب، فى بداية الجلسة العامة، أنه تلقى رسالتين من المستشار عبد الوهاب عبد الرازق، رئيس مجلس الشيوخ، الأولى بشأن ما انتهى إليه المجلس بالموافقة على تعديل قانون العقوبات وتم إخطار اللجنة المختصة به.
والثانية بشأن ما انتهى إليه رأى المجلس بالموافقة على مشروع قانون مُقدم من الحكومة بتعديل بعض أحكام القانون رقم 106 لسنة 1973 فى شأن بعض الأحكام الخاصة بالقطن والذى يتعلق بأحكام الرقابة على تداول القطن.
وأضاف "جبالى" أنه تم إحالة الرسالتين إلى اللجان المختصة.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة