أعد المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية دراسة حديثة عن تأثير جائحة كورونا على الأنشطة المالية غير المصرفية خلال عام 2020، وأكدت الدراسة أن عام 2020 شهد انعكاس تأثير فيروس كورونا المستجد على النشاط الاقتصادي؛ فتراجعت معدلات الناتج والتشغيل، وتوقفت حركة التجارة الخارجية، ومع تأثير أزمة جائحة كورونا على مؤشرات الاقتصاد الكلى، وكان لها تأثير واضح وملموس على المستوى الجزئى؛ إذ أدت إلى انخفاض الملاءة المالية للشركات، وزادت حاجتها للاستدانة لتمويل العمليات الإنتاجية، وانخفضت معدلات السيولة وارتفعت مخاطر انخفاض الربحية، وتراجعت الفوائض المالية، وانخفضت الكفاءة التشغيلية فى ظل تخفيض ساعات العمل، وارتفعت درجة المخاطرة بالأسواق، الأمر الذى انعكس على مؤشرات سوق رأس المال، والتأمين، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلى والتخصيم، والتمويل متناهى الصغر، وسجل الضمانات المنقولة، خاصة في ظل تأثير الجائحة على النواحي النفسية والمادية للأفراد المتعاملين بالأسواق المالية.
وقالت الدراسة، إن التمويل متناهي الصغر شهد تطورًا ملحوظًا؛ حيث بلغ حجم التمويل ما يزيد على 19.3 مليار جنيه في 2020 مقارنة بـ 16.5 مليار جنيه في 2019، بزيادة قدرها 17%. وإن كان من المتوقع له النمو بدرجة أكبر لولا تأثير جائحة كورونا على النشاط الاقتصادي، إذ حقق نموًّا بنسبة 40% خلال الربع الأول من عام 2020.
وأوضحت الدراسة، أن التمويل متناهي الصغر وسيلة رئيسية لتشجيع مساهمة الفئات محدودة الدخل في النشاط الاقتصادي من خلال توفير تمويل لأغراض اقتصادية إنتاجية أو خدمية أو تجارية في المجالات وبالقيمة التي يحددها مجلس إدارة الهيئة العامة للرقابة المالية، بما يسهم في الحد من البطالة والمساهمة في تحسين دخول الأسر الأكثر فقرًا، ويحقق أثرًا إيجابيًا على زيادة حجم الاستثمار والتشغيل في الاقتصاد القومي. وخلال عام 2020، وساهم نشاط التمويل متناهي الصغر في توسيع نطاق المستفيدين بالخدمات المالية والمساهمة في رفع معدلات الشمول المالي، حيث بلغ عدد المستفيدين 3.2 ملايين مواطن، استحوذت الإناث على نحو 62% من إجمالي عدد المستفيدين، واستحوذت محافظات الصعيد على نحو 54% من حجم التمويل، بما يعزز من سياسة الشمول المالي وتمكين المرأة.
وذكرت الدراسة، أن تأثير جائحة كورونا انعكس على مؤشرات الأنشطة المالية غير المصرفية بصورة متباينة؛ حيث تأثرت مؤشرات سوق رأس المال سلبيًا وبصفة خاصة على إصدارات الأسهم، فى حين انتعش نشاط التأمين وصناديق التأمين الخاصة، والتمويل العقاري، والتأجير التمويلي والتخصيم، والتمويل متناهي الصغر، وسجل الضمانات المنقولة.
ولفتت الدراسة إلى أن هناك انخفاض فى قيمة إصدارات الأوراق المالية عام 2020 بمقدار 14.5% مقارنة بعام 2019، بما فى ذلك إصدارات أسهم تأسيس وزيادة رأس المال، وإصدارات السندات، وأسهم تعديل قيمة اسمية وتخفيض رأس المال، ويلاحظ أنه مع انخفاض قيمة إصدارات الأسهم بما يزيد على 17% ارتفعت قيمة إصدارات السندات بنحو 9%، ويرجع ذلك إلى تراجع تأسيس شركات جديدة، وتباطؤ توسعات الشركات القائمة بالفعل في ظل غموض الأحوال الاقتصادية المستقبلية فانخفضت إصدارات الأسهم، بينما أدى تراجع النشاط الاقتصادي إلى زيادة حاجة الشركات إلى الاستدانة من خلال طرح سندات في سوق رأس المال في ظل ارتفاع أسعار الفائدة على القروض، ومع نمو وتنشيط سوق السندات يصبح أمام الشركات عدة بدائل للتمويل بخلاف القطاع البنكي، وقد بلغت قيمة إصدارات سندات التوريق عام 2020 ما يزيد على 24 مليار جنيه، وهي أعلى قيمة توريق في تاريخ سوق المال المصري.
وذكرت الدراسة، أن مستوى استثمارات صناديق التأمين الخاصة ارتفع بنسبة 10% خلال عام 2020 مقارنة بالعام السابق، وتمثل صناديق التأمين الخاصة أنظمة تأمينية يتم تكوينها لتكون منفصلة عن الجهة المنشئة لها، بهدف منح مزايا خاصة لمجموعة من العاملين بالجهة المنشئة للصندوق، وتتمثل تلك المزايا في معاشات إضافية أو مزايا تأمينية أو اجتماعية أو رعاية صحية.
وتابعت الدراسة: "يمثل نشاط التمويل العقاري أحد الأنشطة الهامة المعنية بتوفير تمويل متوسط وطويل الأجل لشراء العقارات أو ترميمها وصيانتها، وقد بلغ حجم التمويل الممنوح من شركات التمويل العقاري خلال عام 2020 نحو 3.4 مليارات جنيه مقارنة بـ2.6 مليار جنيه في عام 2019. وعلى الرغم من ارتفاع قيمة التمويل العقاري الممنوح مقارنة بالعام السابق، إلا أن نسب الارتفاع تباينت خلال العام؛ إذ ارتفع حجم التمويل العقاري بمقدار 75% خلال الربع الأول من عام 2020، ومع تأثير جائحة كورونا على النشاط الاقتصادي تراجع معدل الارتفاع ليسجل معدل التغير السنوي ارتفاعًا بنحو 31% فقط".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة