للعام الثانى على التوالى حرمت جائحة كورونا المصريين عامة والصوفيين خاصة من احتفالات مولد السيدة زينب رضى الله عنها، والذى يوافق اليوم الثلاثاء الأخير من شهر رجب" ذكرى الليلة الختامية لمولدها".
وكان مسجد السيدة زينب يشهد والمنطقة المحيطة، توافد الآلاف لمدة أسبوع احتفالا بتلك الذكرى العطرة، وامتثالا لقرار لجنة إدارة أزمة كورونا بحظر إقامة السرادقات والموالد، وإقامة الأفراح فى الأماكن المفتوحة فقط، وارتداء الكمامات فى الأماكن المغلقة ووسائل النقل الجماعي، وتطبيق غرامة فورية للمخالفين تم إلغاء الاحتفالات.
عرف عن السيدة زينب رضى الله عنها أنها أكثر نساء آل البيت صبرا وقوة فهى ابنة الإمام على بن أبى طالب، وأمها السيدة فاطمة الزهراء وجدها رسول الله وجدتها خديجة بنت خويلد، وأخويها الحسن والحسين، كما أنها هى بطلة كربلاء، التى حمت السبايا الهاشميات ورعت الغلام المريض على زين العابدين بن الحسين، ولذا كنيت بـ"أم هاشم".
وقد ولدت سنة 6 هجرية وسميت بزينب على اسم خالتها التى توفيت سنة 2 هجرية، حيث ماتت متأثرة بجراحها فى طريق هجرتها بعد أن طعنها أحد المشركين فى بطنها فماتت هى وجنينها، فسماها النبى صلى الله عليه وسلم على اسم خالتها لتهدأت لوعة الحزن فى قلبه .
توفى الرسول صلى الله عليه وسلم وعمرها خمس سنوات فما مكثت فاطمة بعده حتى لحقت به، وعدت فى التاريخ من البكائين الستة وهم "أدم ندما، ونوح أسفًا على قومه، ويعقوب لفقد ولده، ويحيى مخافة النار، وفاطمة لفقد أبيها، ثم ماتت فاطمة بعد أبيها بستة أشهر فنشأت زينب يتيمة وأوصتها أمها وعلى فراش الموت برعاية أخويها الحسن والحسين.
تزوجت من ابن عمها عبد الله بن جعفر الطيار الذى كان عالى المكانة وعرف بالمروءة والكرم والسماحة ولقبوه بـ" قطب السخاء"، وكان لا يراها أحد فى بيتها إلا من وراء ستار، أما فى محنة كربلاء بعد خروجها من بيتها ورؤية وجهها فقد وصفوها قائلين "ما رأيت مثل وجهها كأنه شقة قمر، وقال الجاحظ فى البيان والتبيين : كانت تشبه أمها لطفا ورقة وتشبه أباها علما وتقى وكان لها مجلس علم للنساء".
تقول كثير من المصادر والمراجع التاريخية الهامة: اختار الإمام على بن أبى طالب، لفتاته حين بلغت مبلغ الزواج، من رآه جديرا بها حسبًا ونسبا، لقد تهافت عليها الطلاب من شباب هاشم وقريش، ذوى الشرف والثراء، فكان "عبد الله بن جعفر "أحق هؤلاء جميعا بزهرة آل البيت وعقيلة بنى هاشم، وأثمر الزواج المبارك، فولدت أربعة بنين :عليا ومحمدًا وعونا الأكبر وعباسًا، كما ولدت له فتاتين، إحداهما أم كلثوم التى أراد معاوية بدهائه السياسى أن يزوجها من أبنه يزيد كسبًا للمعسكر الهاشمى، فترك عبد الله أمر فتاته لخالها الإمام الحسين الذى آثر بها أن عمها القاسم من محمد بن جعفر بن أبى طالب .
ذكر النسابة العبيدلى وهو مؤرخ من قدماء علماء الشيعة، فى أخبار الزينبيات على ما حكاه عنه مؤلّف كتاب السيدة زينب: أنّ زينب الكبرى بعد رجوعها من أسر بنى أميّة إلى المدينة أخذت تؤلّب الناس على يزيد بن معاوية، فخاف عمرو بن سعد الأشدق انتقاض الأمر، فكتب إلى يزيد بالحال، فأتاه كتاب يزيد يأمره بأن يفرّق بينها وبين الناس، فأمر الوالى بإخراجها من المدينة إلى حيث شاءت، فأبت الخروج من المدينة وقالت: لا أخرج وإن أهرقت دماؤنا، فقالت لها زينب بنت عقيل: يا ابنة عمّاه قد صدقنا الله وعده وأورثنا الأرض نتبوأ منها حيث نشاء، فطيبى نفساً وقرّى عيناً، وسيجزى الله الظالمين، أتريدين بعد هذا هواناً؟ ارحلى إلى بلد آمن.
ثم اجتمع عليها نساء بنى هاشم وتلطّفن معها فى الكلام، فاختارت مصر، وخرج معها من نساء بنى هاشم فاطمة ابنة الحسين وسكينة، فدخلت مصر لأيام بقيت من ذى الحجة، فاستقبلها الوالى مسلمة بن مخلد الأنصارى فى جماعة معه، فأنزلها داره بالحمراء، فأقامت به أحد عشر شهراً وخمسة عشر يوماً، وتوفيت عشية يوم الأحد لخمسة عشر يوماً مضت من رجب سنة اثنتين وستين هجرية، ودفنت بمخدعها فى دار مسلمة المستجدة بالحمراء القصوى، حيث بساتين عبد الله بن عبد الرحمن بن عوف الزهرى بالقاهرة فيما تشير روايات أخرى إلى أن عبد الله بن جعفر الطيار رحل من المدينة، وانتقل مع زينب إلى ضيعة كان يمتلكها قرب دمشق فى قرية اسمها راوية وقد توفيت زينب فى هذه القرية ودفنت فى المرقد المعروف باسمها والمنطقة معروفة الآن بالسيدة زينب وهى أيضا من ضواحى دمشق.