تطور كبير، شهدته العلاقة بين جامعة الدول العربية واليابان في الآونة الأخيرة، يحمل انعكاسا صريحا لتوجهات الكيان العربى المشترك نحو تنويع التحالفات، بالإضافة إلى حاجة طوكيو الصريحة لتوسيع نفوذها عبر المنظمة الإقليمية، من خلال دعم الرؤى المشتركة بين الجانبين في مختلف المجالات، بالإضافة إلى تقديم الخبرات اليابانية، في كافة المجالات، وعلى رأسها التكنولوجيا الحديثة، على اعتبار أن السوق العربية تمثل سوقا مهما يمكن أن يساهم بشكل كبير في دعم الاقتصاد الياباني في المرحلة المقبلة، خاصة مع التغيرات الدولية الكبيرة، والتي تجلت في القرارات التي اتخذتها العديد من القوى الدولية بفرض الرسوم الجمركية، والعودة لزمن الحمائية الاقتصادية، في انقلاب صريح على مبادئ التجارة الحرة.
التعاون العربى الياباني، تجلى بصورة كبيرة في انعقاد دورتين، للاجتماع الوزاري العربى الياباني، كان أخرهما اليوم الخميس، عبر تقنية الفيديو كونفرنس، لمناقشة سبل تعزيز التعاون بين الجانبين في المرحلة المقبلة، مع تفاقم الأزمات بصورة كبيرة، وعلى رأسها تفشى فيروس كورونا، والذى قدم بعدا جديدا للأزمات الدولية بعيدا عن شكلها التقليدي.
الحديث عن الطبيعة الجديدة للأزمات الدولية، كان أحد أهم المحاور التي تناولها الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط في كلمته أمام الاجتماع، اليوم الخميس، حيث أكد هذا المحفل ينعقد في ظل تحدي عالمي خطير بسبب تفشي وباء كورونا المستجد وأن المجتمع الدولي لم يشهد لحظة كان فيها أحوج إلى التعاون والتعاضد بين دوله ومؤسساته من هذه اللحظة.
الأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط
ونوه أبو الغيط في الكلمة التى ألقاها فى أعمال الجلسة الافتتاحية للاجتماع، إلى الشراكة الثلاثية بين الجامعة العربية واليابان وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي، والتى بدأت عام 2019 لتنفيذ عدة فعاليات وأنشطة ومشروعات ثقافية وتنموية، وبما يُتيح الاستفادة من الخبرات اليابانية المتقدمة فى تلك المجالات والتى ظهر آخرها فى مشروع تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات بالأمانة العامة لجامعة الدول العربية.
ولعل الشراكة الثلاثية التي أشار لها الأمين العام للجامعة العربية، خلال كلمته أمام الاجتماع، تجلت في أبهى صورها في التعاون بين الأطراف الثلاثة، فيما يتعلق بالتحول الرقمى، وهو ما بدا في انعقاد مائدة مستديرة بين الأطراف الثلاثة في شهر مارس الماضى، في ظل الحاجة الملحة لتحقيق أكبر قدر من الشراكة في المرحلة الراهنة لتجاوز التداعيات التي ترتبت على تفشى فيروس كورونا.
من جانبه، قال الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكى، في تصريح سابق بهذه المناسبة، إن الإدراك أصبح متزايدا أن التحول الرقمى لا غنى عنه، موضحا أن الكيان العربى المشترك يعمل حاليًا، بالتعاون مع شركائه، وعلى رأسهم الإسكوا والاتحاد الدولى للاتصالات والمنظمة العربية لتكنولوجيات الاتصال والمعلومات، على تحديث الاستراتيجية العربية للاتصالات وتكنولوجيا المعلومات للفترة بين عامى 2022 و2026.
الأمين العام المساعد للجامعة العربية حسام زكى
وأردف قائلاً "إن جامعة الدول العربية تعمل أيضاً على تطوير ورفع كفاءة البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات فى الأمانة العامة حتى تتمكن من مواكبة التحول الرقمى العالمى"، حيث انتهت جامعة الدول العربية مؤخراً من تنفيذ أعمال تجديد البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات المدعومة من قِبل برنامج الأمم المتحدة الإنمائى واليابان، والتى سوف تتيح للأمانة العامة العمل على نحو أكثر كفاءة.
إلا أن التعاون بين الجامعة العربية واليابان لا يقتصر على التحول الرقمى والتكنولوجيا، وإنما امتد إلى العديد من الأبعاد الأخرى، وعلى رأسها، تحقيق الأمن والاستقرار الدولى، ومكافحة الإرهاب وتحقيق التنمية المستدامة، ناهيك عن تقديم الدعم للقضية الفلسطينية، وحل الدولتين، وهى القضايا التي تتفق فيها الرؤى العربية واليابانية، مما يساهم بصورة كبيرة في دعمها في المستقبل لتحقيق أكبر قدر من المكاسب التي يسعى إليها الجانبان.
فبحسب بيان صادر عن الأمانة العامة للجامعة العربية، فإن المشاركين في الاجتماع أكدوا على أهمية إيجاد حل عادل وشامل ودائم للقضية الفلسطينية، بما يحقق إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 4/6/1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وكذلك أهمية دعم الجهود الرامية إلى إيجاد حل سياسي للأزمة في سورية وليبيا واليمن بما يحفظ وحدة وسيادة وسلامة أراضي هذه الدول ووفقاً للمرجعيات والاتفاقيات ذات الصلة.
وأكدوا كذلك على تضافر الجهود الإقليمية والدولية في مجال تقديم المساعدات الإنسانية، ومناشدة المجتمع الدولي والمانحين الدوليين بتقديم كافة أوجه الدعم والمساعدة للدول العربية المستضيفة للاجئين. والإشادة بالمساعدات المالية والإنسانية التي تقدمها الحكومة اليابانية للعالم العربي من خلال الهيئات الدولية المتخصصة.