تنوع كبير من الظواهر الطبيعية يحظى به العالم، والتى تدهش الناس كلما اكتشف أحدها عن طريق الدراسات أو بالصدفة خلال المغامرات وجلسات التصوير التى ينفذها مصورين محترفين، وفى هذا الإطار، اتجه المصور رايان ديكى، إلى وادى ماكدونالد، فى منطقة كندية نائية على طريق ألاسكا السريع، ليلتقط صور للأضواء الشمالية، بعدما سمع تردد صوت ما يشبه الاحتراق.
وقرر المصور البالغ من العمر 36 عاماً، الذهاب إلى مكان بعيد عن أي تلوث ضوئي لتصوير هذه الظاهرة الفريدة من نوعها فى السماء، وفقا لموقع "سى إن إن" عربية، وأثناء خروجه في الليل البارد لضبط إعدادات الكاميرا، لالتقاط الصور سمع صوت، وهو ما أشعره بالمفاجأة الشديدة.
الأضواء الشمالية من كندا
وكانت جدة ديكي قد سردت له قصة خلال فترة طفولته عن قطعة الأرض بالقرب من نهر "ليارد"، وتمحورت القصة حول "إصدار الأضواء الشمالية أصوات طقطقة، تحاكي ما يصدره المرء عند مناداة كلبه"، وقال المصور إنه سمع صوتاً يشبه قطعة لحم، وُضعت على مقلاة حتى تُطهى.
والأضواء الشمالية، المعروفة أيضاً باسم الشفق القطبي، يمكن أن تظهر في المجال المغناطيسي للأرض على شكل تكوينات باهتة بيضاء، أو خضراء تشبه الغيوم، أو حتى ستائر من الألوان التي تظهر مثل دوامات خضراء، ووردية، وأرجوانية في السماء.
الشفق القطبى من فنلندا صورة من 2015
وكشف موقع سى إن إن، عن وجود تقارير بأعداد ضخمة، تكشف وجود أشخاص سمعوا أصواتاً عند رؤية الشفق القطبي أيضاً في أماكن مثل منطقة القطب الشمالي في ألاسكا، والقطب الشمالي في كندا، وشمال النرويج، ومنطقة لابلاند الفنلندية، وغيرها من المناطق الشمالية في الكوكب، حيث تُرى هذه الظاهرة بانتظام.
وقال الموقع إنه وعلى الرغم من أن الروايات التي تشبه ما ذكره ديكي ليست غريبة بين السكان الأصليين، والأشخاص الذين يعيشون بالأماكن التي تحتضن الأضواء الشمالية بانتظام، إلا أنه لم يكن هناك حتى الآن سوى القليل من الأبحاث العلمية حول هذه الظاهرة.
الشفق القطبى
ومن جهته قال دونالد هامبتون، أستاذ مشارك، وباحث في المعهد الجيوفيزيائي بجامعة "ألاسكا فيربانكس"، والذي يدرس فيزياء الفضاء، والشفق القطبي، والتفاعلات الشفقية مع الغلاف الجوي العلوي: "إذا فكرت في الأمر من الناحية المادية، فلا توجد طريقة في الواقع لسماع أصوات من الشفق القطبي نفسه"، وتابع :"يعود السبب وراء ذلك إلى حدوث ظاهرة الأضواء الشمالية بين 60 و100 ميل فوق سطح الأرض، ويستغرق الصوت عدة ثوانٍ لقطع مسافة ميل واحد".
واستمر :"لو كانت الأصوات قادمة من الأضواء الشمالية نفسها، فسيستغرق سماعها مدة تتراوح من 5 إلى 10 دقائق على الأرض"، ومع ذلك، لم يستبعد هامبتون النظرية التي تنص على أن الأضواء الشمالية يمكن أن تكون مسؤولة عن الصوت الذي يدعي الأشخاص أنهم يسمعونه.
ومن ناحيته قال أونتو لين، الأستاذ الفخري في الصوتيات بجامعة "ألتو" في فنلندا، لإنه سمع صوتاً مصاحباً للشفق القطبي لأول مرة عند زيارته لقرية "Saariselkä" النائية في شمال فنلندا بعام 1990، لحضور مهرجان موسيقى للجاز.
صورة للشفق القطبى
وكان لين قد اقترح على أصدقائه الأربعة الاستماع لهدوء المنطقة، ولكن مع تزيين الشفق القطبي للسماء فوقهم، سمع 3 من أصدقائه أصواتاً ناعمة تشبه "انفجار فقاعات الصابون".
وقال لين إنها تجربة ظلت في ذاكرته، وخاصةً بوجود قصص الأشخاص الذين أبلغوا عن أصوات مرتبطة بالأضواء الشمالية، ونشر لين نظرية فى عام 2016 حول ما يسمعه ويربطه الأشخاص بالأضواء الشمالية، وترتكز فرضيته الخاصة بطبقة انعكاس درجة الحرارة أن الصوت الذي يربطه الأشخاص بالأضواء الشمالية يأتي في الواقع من التفريغ الكهربائي على ارتفاعات منخفضة تبلغ حوالي 70 و90 متراً.
وبحسب نظريته، تنبعث تلك الشرارات من الشفق القطبي خلال الطقس الهادئ والصافي، وعندما يتم إنتاج طبقة عاكسة لدرجة الحرارة، أو طبقة في الغلاف الجوي يصبح فيه الهواء ساخناً مع زيادة الارتفاع، بدلاً من أن يصبح بارداً كلما ارتفع، وأمضى لين عقوداً في تسجيل الأصوات باستخدام 3 ميكروفونات، وهوائي حلقي "VLF"، أي بتردد منخفض جداً، متصل بمسجل رقمي رباعي القنوات.
وقال لين إن شحنات الفضاء تتراكم على طبقة الانعكاس، أي شحنات موجبة من الغلاف الجوي العلوي، وشحنات سالبة من الأرض، وتؤدي العاصفة المغناطيسية التي تسبب الأضواء الشفقية إلى تحفيز هذا التفريغ، وإطلاقه في الطبقة العاكسة، وينتج عن ذلك أصواتاً مسموعة، بحسب ما قاله لين.
ونظرية لين كانت عامل أساسى فى إلهام مشروع علمي جديد سينطلق هذا الصيف Jyväskylä" في فنلندا، وخلاله، سيبدأ متطوعون في مرصد "Hankasalmi" بتسجيل الأصوات المحتملة المرتبطة بالشفق القطبي على مدار 24 ساعة في اليوم، ولأول مرة، وباستخدام أربعة ميكروفونات بدلاً من ثلاثة.
والمشروع ممول جزئياً من قبل الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دعم 200 متطوع محلى، وأكد رئيس المرصد، أرتو أوكسانين، أنه يأمل تتمكن تلك الميكروفونات من تحديد مصدر الصوت للمساعدة في إثبات أو دحض نظرية لين.
واعترف أوكسانين بأنه "يشكك بعض الشيء" من فكرة إصدار الأضواء الشمالية الأصوات، إذ أنه قضى مئات الساعات في مشاهدتها دون سماع أي شىء.