تعود معرفة الإنسان للهيدروجين إلى قرابة نحو 350 سنة، حيث يعود اكتشاف الهيدروجين إلى عام 1671 وذلك على يد العالم البريطاني Robert Boyle ، والذي اكتشف أثناء وضع قطعة معدنية مثل الحديد أو الزنك داخل وعاء به حمض، تتحرر فقاعات غازية ينتج عنها اشتعال، وسجل Boyle تلك المشاهدات دون تحديد طبيعة هذا العنصر.
وذكرت دراسة "إنتاج الهيدروجين ودوره في عملية تحول الطاقة" لمنظمة الدول العربية المصدرة للنفط، أنه بعد مرور نحو 100 عام على تجارب العالم Boyle ، قام العالم البريطاني Henry Cavendish في عام 1766 بإجراء نفس التفاعل وتجميع الفقاعات الناتجة عنه وتحليلها، وأثبت أنها تختلف في طبيعتها عن بقية أنواع الغازات المعروفة الأخرى آنذاك كما لاحظ أن اشتعال تلك الفقاعات الغازية في وجود الهواء ينتج عنه تكون الماء وعليه فقد تم تسمية العنصر الجديد المكتشف اسم "الهيدروجين" والذي يتكون من مقطعين وهو " هيدرو -HYdro" أي الماء، و" جين - Gen" أي توليد، أي مولد الماء.
وتابعت الدراسة، أنه منذ السنوات الأولى لاكتشاف الهيدروجين، لاحظ العالمان البريطانيان أن الهيدروجين أخف من الهواء، وقد استغلت هذه الخاصية فيما بعد في مطلع القرن العشرين في استخدام الهيدروجين في تعبئة المناطيد، حيث كان الهيدروجين أرخص ومتوافر عن الهيليوم الذي يملك نفس الخاصية (أخف من الهواء)، لكنه كان أعلى في التكلفة وعنصر نادر آنذاك، إلا أن ذلك الاستخدام لم يدم طويلا بسبب حادث انفجار منطاد Hindenburg الألماني في عام 1937 الذي كان يستخدم في نقل المسافرين بين أوروبا وأمريكا الشمالية والجنوبية، حيث اشتعل وانفجر في الهواء أثناء رحلته بسبب تحرر لشحنات كهرباء هیدروستاتيكية تسببت في إشعال تسربات من غاز الهيدروجين القابل للاشتعال وقد نتج عن هذا الحادث مقتل عشرات الأشخاص فوق ولاية نيوجيرسي في الولايات المتحدة، وقد كان ذلك سببا قويا في حظر استخدام الهيدروجين كغاز رفع في المناطيد، واستخدام الهيليوم بدلا منه، ثم تطور قطاع النقل الجوي لاحقا حتى أصبحت الطائرات الوسيلة الرئيسية للنقل الجوي .
وأضافت الدراسة، أنه من جانب استخدامه كوقود، فقد كان الهيدروجين على موعد مع تطور تاريخي أيضأ مع تأسيس وكالة الفضاء الأمريكية ( NASA ) عام 1958، حيث سخرت الوكالة خواص الهيدروجين لاستخدامه كوقود لدعم بعثاتها إلى الفضاء حيث بدأت NASA في الاعتماد على الهيدروجين السائل كوقود للصواريخ التي يتم إرسالها لنقل رواد الفضاء والحمولات إلى الفضاء الخارجي باستخدام مزيج منه مع الأكسجين السائل وعادة يحتاج محرك الصاروخ كمية هائلة من الوقود حيث تستهلك الرحلة الواحدة نحو 500 ألف جالون من الهيدروجين السائل في عملية الاحتراق، بالإضافة إلى 239 ألف جالون أخرى نتيجة الفقد والتبخير أثناء عمليات النقل والتخزين، واستطاعت وكالة الفضاء الأمريكية على مدار عقود، تطوير الاستخدام والنقل الأمن للهيدروجين السائل الذي بات اليوم العلامة المميزة لبرنامج الفضاء الأمريكي، كما أنها تقوم على تطوير استخدام الهيدروجين لإعادة استخدامه في المحطة الفضائية الدولية في إنتاج الماء لتقليل الحاجة لإرسال إمدادات من الأرض .
وأشارت الدراسة، إلى أنه في السنوات الأخيرة، عاد الحديث بقوة عن استخدام الهيدروجين في التطبيقات اليومية على نطاق واسع في إطار الجهود الدولية الرامية إلى الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتحسين جودة الهواء، وخلق مستقبل للطاقة منخفض الكربون وصولا إلى حياد الكربون، وذلك بعد تهيئة الظروف الملائمة للتوسع في إنتاجه واستخدامه حيث لا ينتج عن استخدام الهيدروجين أية انبعاثات من غاز ثاني أكسيد الكربون، علاوة على إمكانية استخدامه كوقود في العديد من القطاعات مثل قطاع النقل والقطاع السكني أو حتى كمادة خام في العديد من الصناعات التحويلية.