عمل المغرب على تعزيز آلياته المؤسساتية والقانونية، ومن ذلك إحداث "الهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها"، بمقتضى الفصل 36 من الدستور، ويرتقب أن تخرج هذه الهيئة من وضعية الجمود، مباشرة بعد نشر مشروع القانون المتعلق بها في الجريدة الرسمية خلال الأيام المقبلة، بعدما صادق عليه البرلمان أخيرا.
ويشكل مشروع القانون الخاص بالهيئة الدستورية، بحسب "سكاى نيوز" إعادة صياغة شاملة لمختلف مقتضيات القانون الحالي، ووضعها في إطار نص قانوني جديد ينسخ القانون الحالي برمته.
ونصّ مشروع قانون الهيئة المذكورة على إمكانية أن تتصدى الهيئة تلقائيا إلى كل حالة من حالات الفساد التي تصل إلى علمها، كما يمكنها القيام أو طلب القيام من أي جهة معينة تعميق البحث والتحري في الأفعال التي ثبت للهيئة، بناء على معطيات أو معلومات أو مؤشرات، أنها تشكل حالات فساد، واتخاذ الإجراءات اللازمة من أجل ترتيب الآثار القانونية في ضوء النتائج.
كما منح مشروع القانون الجديد، الهيئة إمكانية التماس تسخير القوّة العمومية لمؤازرة مأموريها فى القيام بمهامهم خلال أعمال البحث والتحرى.
وعمل مشروع القانون على إعادة صياغة المقتضيات المتعلقة بتحديد مفهوم الفساد، وذلك بغاية توسيع نطاق تعريفه ليشمل جريمة تبديد الأموال العمومية ولما قد يجرمه المشرع مستقبلا من أفعال، إلى جانب المخالفات الإدارية والمالية التي تشكل سلوكيات تتسم بالانحراف وعدم حماية الصالح العام، وتناقض القواعد المهنية، ومبادئ الحوكمة وقيم الشفافية والنزاهة.
كذلك نص مشروع القانون على أنه يمكن لشخص ذاتي أو اعتباري ولأي رئيس من رؤساء الإدارات ولأي موظف، توافرت لديه معطيات أو معلومات موثوقة أو قرائن أو حجج تثبت وقوع حالة من حالات الفساد، تبليغها إلى علم رئيس الهيئة.
أيضا يمكن لكل شخص ذاتي أو اعتبارى تضرر أو من المحتمل أن يتضرر من حالات الفساد، أن يبعث بشكواه شخصيا أو عن طريق نائبه إلى رئيس الهيئة.
ويرى عبد الحفيظ أدمينو، أستاذ القانون الإداري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أن هذه "تغييرات مهمة" فيما يخص القانون المتعلق بالهيئة، مضيفا: "تتمثل أساسا في تقوية اختصاصات الهيئة في الرقابة والتحقيق في قضايا الفساد، وكذا إمكانية الإحالة على النيابة العامة فيما يخص قضايا الفساد".
وأشار أدمينو، في تصريحه لموقع "سكاي نيوزعربية"، إلى أن هذه "الاختصاصات عزّزت من الوظيفة الرقابية للهيئة".
وبدوره، نوّه محمد الغلوسي، رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام (غير حكومية)، بمشروع القانون المُنظّم للهيئة الوطنية للنزاهة والوقاية من الرشوة ومحاربتها، الذي "خرج بعد تردّد كبير".
واعتبر الغلوسي، في تصريحه لموقع "سكاي نيوز عربية"، أن مشروع القانون مهم باعتباره "وسّع من صلاحيات هذه الهيئة، وهي صلاحيات كانت في السابق محدودة جدا".
وتابع رئيس الجمعية المغربية لحماية المال العام، قائلا إن هذا القانون "استجابة لمطالب العديد من الحقوقيين الذين يتشغلون في مجال مكافحة الفساد ومن ضمنها الجمعية المغربية لحماية المال العام".
وبيّن أن القانون جاء أيضا "استجابة لمطالب الهيئة ذاتها، إذ طالب رئيسها في أكثر من مناسبة بضرورة توسيع مهام وصلاحياتها".
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة