أكد البطريرك المارونى الكاردينال بشارة الراعى، أن تحقيق الإصلاح وإنقاذ لبنان يقتضيان سرعة تشكيل حكومة من الاختصاصيين غير الحزبيين لا هيمنة فيها لأى طرف سياسى، فيما اعتبر متروبوليت بيروت وتوابعها للروم الأرثوذكس المطران إلياس عودة، أن ما عجزت عنه الحرب من دمار وفساد تسبب فيه الزعماء السياسيون والحكام اللبنانيون وتمكنوا من تحقيقه.
جاء ذلك خلال الكلمة التى ألقاها كل من بطريرك الموارنة ومطران الروم الأرثوذكس خلال قداس عظة الأحد.
وشدد البطريرك المارونى على أن الممارسات التى تقوم بها القوى والتيارات والأحزاب السياسية الممسكة بالسلطة فى لبنان، غير مقبولة، منتقدا "المكابرة على قبول الحلول المتوافرة فى سبيل تشكيل الحكومة الجديدة".
وقال "إنهم (السياسيون بالسلطة) يغلقون كل باب يأتى منه الخير والمساعدات للشعب وللبنان، سواء أكان من الدول المانحة أو من صندوق النقد الدولى أو من الدول العربية الشقيقة"، مضيفا: "العالم ينتظر أن تُشكل حكومة ليتخذ المبادرات الإيجابية تجاه لبنان.. ما من موفد عربى أو دولى إلا ويردد هذا الكلام..جميعهم يتوسلون المسئولين عندنا أن يضعوا خلافاتهم مصالحهم وطموحاتهم الشخصية جانبا، وأن ينكبوا على إنقاذ لبنان.. ما لم تتألف حكومة اختصاصيين غير حزبيين لا هيمنة فيها لأي طرف، عبثا تتحدثون أيها المسئولون عن إنقاذ وإصلاح ومكافحة فساد وتدقيق مالى جنائى واستراتيجية دفاعية ومصالحة وطنية.. إن معيار جدية المطالبة بكل هذه المواضيع هو بتأليف الحكومة، فلا تلهون المواطنين بشئون أخرى وهم باتوا يميزون الحق من الباطل".
وأكد أن معيار مقدرة الحكومة الجديدة على إجراء إصلاحات وحماية الوحدة الوطنية، ألا تكون تكون حكومة من تكتلات نيابية، حتى لا تكون مجلسا نيابيا مصغرا تتعطل فيها المحاسبة والمساءلة، واستبعاد حكومة حزبية منعا لخلافات داخلية تعطل عملها، لاسيما وأن الاتفاق كان على تشكيل حكومة من الاختصاصيين ذوي خبرة في شئون الدولة ومختلف المجالات، قائلا "نريد حكومة واحدة لكل اللبنانيين وللبنان واحد، لا مجموعة حكومات في حكومة، لكل طائفة حكومتها داخل الحكومة، منعا لنزاعات طائفية ومذهبية يرفضها عيشنا المشترك الذي يميز لبنان عن سواه من الدول المحيطة".
من جانبه، دعا المطران إلياس عودة إلى إخراج لبنان من أجواء الصراعات والمناكفات السياسية والأحقاد وتصفية الحسابات، مشيرا إلى أن السياسيين اللبنانيين يصفون حساباتهم على أرض لبنان ومع أشقائهم فى الوطن، وأن الشعب اللبناني وحده يدفع ثمن "المعارك العبثية والسطو على مقدرات البلد وأموال المواطنين".
وأضاف "أمس كان الصراع بين الطوائف، أما اليوم فالطوائف تنمو على حساب الوطن، والدويلة على حساب الدولة، ومصلحة بعض الأفراد على حساب المجتمع. شهوة السلطة تسيطر على العقول وتكبلها، فينتهج أربابها سياسة انتحارية تؤدي بلبنان واللبنانيين إلى الهاوية"، قائلا: "أصبح بضعة زعماء يحكمون البلد على أشلاء المواطنين، ويتحكمون بمصير الناس ويعملون لمصالحهم الخاصة، ويستعملون الشعب وقودا لحروبهم، غير آبهين بمصير لبنان وبآلام الشعب وكرامته".
وأكد أن الساسة يتعين عليهم التفكير بمستقبل الوطن قبل مستقبلهم السياسى، مختتما عظته قائلا: "مُخجل رأي زعماء العالم بزعمائنا. نحن نخجل وهم لا يخجلون بل يتابعون نهجهم التدميري، ويربطون مصيرنا بانتخابات هناك ومحادثات هنالك. وعوض أن ننأى بأنفسنا عن مشاكل محيطنا، نأى العالم بنفسه عنّا وأشاح بوجهه عن خطايانا الكثيرة التي كلفتنا ضياع البلد، ولا يلزمنا اليوم إلا شىء من الشجاعة للاعتراف بالمسئولية والانصياع للمحاسبة، وإذا اقتضى الأمر التنحى وترك المجال لمن هم قادرون على الإنقاذ".