أحيانا يكون تصور القراء عن الكاتب مختلفا عن طبيعته، فهو فى كتابته يكون متدفقا، بينما فى الواقع يصمت ويكون قليل الكلام، وحدث أن التقت سيدة الغناء العربى أم كلثوم مع الكاتب المسرحى الكبير توفيق الحكيم، وكان اشتهر بمسرحياته وأعماله وكتاباته الغزيرة، فى أول لقاء لها معه فى مكتب مصطفى أمين وجدته طوال الجلسة صامتا وشاردا، وكانت هى تتحدث طوال الوقت، ولم تصدق أنه توفيق الحكيم صاحب الأفكار والأسلوب الشائق والحوارات، والمسرحيات الشهيرة وقتها. فسألته أم كلثوم بدهشة:
لما أنت توفيق الحكيم.. من يكتب لك؟ وبعد أن تعارفا وصارت بينهما صداقة كان الحكيم مشهورًا بالبخل وأنه لا يحمل معه نقودا أو يحملها ويضعها فى مكان سرى، وذهبت له وكانت تريد جمع تبرعات لمشروع خيرى، لكن الحكيم تحجج بأنه ليس معه أى نقود، لكن أم كلثوم داعبته، وقالت له أريد أن أرى جيوبك وبالفعل لم تعثر على أى نقود فى جيوبه وحقيبته، لكنها نظرت فوجدت أمام الغلاف الجلدى للنظارة، فالتقطته وفتحته ووجدت به جيبا سريا فيه عشرون جنيها أخذتها وهى تضحك، وعلى ذكر الشرود فقد كان الموسيقار محمد عبدالوهاب اعتاد العمل فى أى مكان حتى ولو كان وسط الزحام كان ينعزل عن المحيطين به، عندما يفكر فى لحن وكان ينزل بأحد الفنادق وانشغل بلحن جديد، وتقدمت منه سيدة تصافحه وتعرفه بنفسها، قائلة: أنا خديجة رمزى أخت المرحومة زينات رمزى فرد عليها عبدالوهاب قائلا: أهلا خديجة هانم إزيك وإزى المرحومة زينات هانم.
وفى لبنان أنشأ المتصرف مظفر باشا دارا للحكومة فى غزير، واقترح على الشعراء نظم تاريخ له، وعين لجنة تحكيم لاختيار أفضل القصائد فاختارت اللجنة ثلاثة. وكان بين المتبارين الدكتور شاكر الخورى، فلما بلغه قرار اللجنة وتأكد من عدم نجاحه أرسل إلى اللجنة هذه الأبيات:
قد كان فى فحص شعرى - كر وجحش وعير
لو أن شعـرى شعـير - لاستطيبتـه الحمير
لكن شعرى شعور - هل للحمير شعور؟
أما الأديب الفرنسى شاتوبريان فكان يقضى معظم سهراته عند مدام ريكاميه، وكان شديد الالتزام، يصل إلى منزلها كل ليلة فى الساعة الثامنة تمامًا، بحيث كان الجيران يضبطون ساعاتهم على موعد وصوله. قالت له مدام ريكاميه: بما إننا نعيش وكأننا زوجان فلماذا لا نتزوج؟ ضحك شاتوبريان وأجاب: وأين تريديننى أن أقضى سهراتى بعد الزواج؟