خلال أحداث الحلقة الثامنة من مسلسل "القاهرة كابول" للمؤلف عبد الرحيم كمال ظهر كتاب "دعاة لا قضاة" المنسوب لمرشد جماعة الإخوان الإرهابية الأسبق حسن الهضيبى، والذى يعد أحد المراجع المهمة فى الفكر الأصولى المتطرف وجماعات الإسلام السياسى الإرهابية، حيث أعطاه أسامة بائع الكتب الدينية، لصديق "على" شقيق الفنان خالد الصاوى، الشاب المتهم بالإلحاد، أثناء مكوثه فى المستشفى بعد تعرضه لحادث سير.
بائع الكتب يعطى الشاب كتاب دعاة لا قضاة فى مسلسل القاهرة كابول
ويعتبر البعض كتاب "دعاة لا قضاة"، الذى صدرت طبعته الأولى بعد 9 سنوات من تأليفه عام 1977، بمثابة أول مراجعة فكرية فى صف الجماعات الأصولية، خارجة من جدران التنظيم الإخوانى، وأنها بذلك سبقت الجماعة الإسلامية وتنظيمات الجهاد فى تقديم مراجعات فكرية شاملة للمنهج القطبى.
وبحسب عدد من التقارير "دعاة لا قضاة" منسوب زوراً لمرشد الإخوان، حسن الهضيبي، لكنه فى الحقيقة من تأليف الشيخ على إسماعيل، الذى أراد أن يغسل سمعته ويديه من فكر التكفير، وفقاً للكثير من الأدلة، إذ أن صياغته فقهية شرعية، تتفق مع توجهات علماء الأزهر الشريف، وهو ما لا يتناسب مع وضع حسن الهضيبى وفكره إطلاقاً.
كتاب دعاة لا قضاة فى مسلسل القاهرة كابول
المتفحص للمشهد يجد أن الهضيبى أراد أن يرجع بالجماعة الى أدبيات المدرسة الأولى ومنهج البنا القائم على المراوغة الفكرية والسياسية، مستخدماً "التقية الفقهية"، للحفاظ على الهيكل التنظيمى بعدما أشعلت أفكار سيد قطب الخلافات والصراعات داخل الكيان الإخوانى وكادت تقضى عليه نهائياً، فى ظل صدام سياسى وفكرى مع النظام والمجتمع.
ربما يؤكد هذه المعلومة ما جاء فى كتاب "الإخوان وأنا"، للواء فؤاد علام، (نائب رئيس جهاز أمن الدولة الأسبق وأحد شهود العيان على تنظيم 65)، من أن كتاب "دعاة لا قضاة" لا يعبّر عن فكر "الإخوان"، وأن الذى وضعه هم مجموعة من علماء الدين بطلب من المباحث العامة المصرية، وأعطوه لمأمون الهضيبى الذى أوصله إلى والده، ثم أصدره باسمه.
كتاب دعاة لا قضاة
فى حقيقة الأمر كان الهضيبى مؤيداً لمشروع سيد قطب التكفيرى، بناءً على اعترافات أعضاء "تنظيم 65"، أمثال أحمد عبد المجيد، الذى ذكر فى كتابه "الإخوان وعبد الناصر"، نقلاً عن سيد قطب نفسه: "عندما شكا أعضاء مكتب الإرشاد، وهم فى سجن الواحات - وكان المرشد تحت الإقامة الجبرية - من آراء سيد قطب الواردة "فى ظلال القرآن" ونقلوا شكواهم وشكوى الإخوان منها فى هذا السجن، حسم المرشد الشكوى لمصلحة سيد قطب، فأجابهم: "ما قاله صاحب الظلال هو الحق الذى لا شك فيه"، وبدأ الإخوان بعدها يتدارسون الظلال فى سجن الواحات فى صورة مجموعات، بإشراف أعضاء مكتب الإرشاد، وكذلك تم الشيء نفسه فى سجن القناطر باستثناء البعض، وتم ذلك على اعتبار كلام المرشد موافقة على ما ورد فى الظلال، ولما سُئل المرشد عن كتاب "معالم فى الطريق" قال: "إنه كتاب عظيم".
مسلسل القاهرة كابول
ما يدعم هذا الطرح أن جماعة الإخوان لم تمنع طباعة كتب سيد قطب، أو عملت على تحجيم نشر أطروحاته الفكرية، ما يعنى أنها وقياداتهم لم يؤمنوا لحظة واحدة بالمنهجية الفكرية لكتاب "دعاة لا قضاة"، وتمسكت قولاً وعملاً بما طرح فى كتاب "معالم فى الطريق"، و"فى ظلال القرآن"، بل وضعتهما ضمن مناهجها التربوية لقواعدها التنظيمية.
ولعل خير دليل على ذلك أن مختلف المرجعيات الإخوانية التى صاغت الأدبيات الفكرية للجماعة استندت فى أطروحاتها إلى المنهجية القطبية، مثل كتاب "الجهاد هو السبيل"، و"الإسلام والحكومة الدينية"، للمرشد الأسبق مصطفى مشهور، وكتاب "الدعوة الإسلامية بين التكوين والتمكين"، لعلى جريشة، وكتاب "حياتنا الحركية"، وكتاب "فصول فى الإمرة والإمارة"،للإخوانى السورى سعيد حوى، وكتب "العوائق"، و"المنطلق"، و"المسار"، للإخوانى العراقى محمد أحمد الراشد، وكتاب "الإسلام فكرة وحركة"، و"ماذا يعنى انتمائى للإسلام"، للإخوانى اللبنانى فتحى يكن، وهذه الكتب تمثل البنية الأساسية لتأهيل أفراد الجماعة فكرياً وثقافياً وتشكيلها.