واصل أبناء قبائل "بدو سيناء"، بمختلف مناطق تواجدهم حفاظهم على التقاليد المتوارثة فى إحياء أيام وليالى شهر رمضان فى الدواوين والزوايا و فى عمق القرى، وتمسك بها من نقل وزحف ليسكن المدينة، وحتى من غادر شمال سيناء لمحافظات أخرى، فى مشاهد فريدة، من نوعها لا تزال باقية ولم تندثر.
إعتاد بدو سيناء تناول الإفطار فى المجالس بشكل جماعى، وهى عادة يوضح تفاصيلها الخمسينى "عيد حسين"، الذى يعمل موظفا بالتربية والتعليم، ويحرص وعددا من أبناء عمومته على تناول إفطارهم فى ديوانهم الكائن بمنطقة غرب العريش.
اوانى ومستلزمات فى رمضان
وأشار عيد، إلى أنه رغم تقلب الظروف إلا أن عادات إحياء شهر رمضان لاتزال باقية، قائلا، " بالتأكيد أننا أصبحنا نأكل طعام يختلف عما كان يتناوله أجدادنا ولكن هناك قاسم مشترك لا يزال باقيا وهى مائدة الطعام التى تجمع إفطار من كل بيت على مائدة واحدة والجميع يتناوله بشكل جماعى".
وقال عيد، أنه يذكر فى الماضى فى قريته التى يقيم فيها بمنطقة الشيخ زويد قبل 30 عاما كان طعامهم بسيط مكون من الخبز المطهى على النار أو "اللبة" التى تجهز كعجينة فى الجمر حتى تنضج، ويستخدمون طعام من مفردات البيئة كاللبن واللحم على الفتة، ووجبة "الشوى" وما يطلق عليها "العجر"، وهى طلع البطيخ فى أول مراحل نموه، الذى يشوى ويمزج مع الطماطم والفلفل والثوم، كوجبة سلاطه أو وجبة فتة بالخبز، وتتم بإضفاء نكهة الملح وزيت الزيتون.
وأضاف عيد، أن هذه الوجبات رغم أنها من ماضيهم، إلا أنهم حاليا بين الحين والحين يعودون لها، وتكون من وجبات إفطارهم إلى جانب الموائد العامرة بما لذ وطاب مما هو متاح طبخه وتجهيزه على موائدهم.
وتابع الحديث محمد سليمان، وهو شاب فى العشرين من عمره بقوله: "أنهم يحرصون فى مجلسهم على أنه قبل الغروب يوميا يشعلون النار فى الموقد المخصص، ويجهزون على جمر الحطب الشاى والقهوة العربية، وبعد إنتهاء الإفطار يقومون بصبها ليرتشف منها كل صائم، ويعودون لها بعد الإنتهاء من صلاة التراويح، وأن ما قد يكون جديدا ولم يكن يعرفه أجدادهم هو أن الدواوين أصبحت تحضر فيها حلويات رمضان بعضها يتم فى البيوت والبعض يحضرها من السوق ويتم تناولها بعد صلاة التراويح، كما انهم يبدأون الطعام بعصائر من الطبيعة بعد تناول التمر.
وقال طه فريج، أحد الشباب بمنطقة المساعيد بالعريش، أنهم حريصين فى مجلسهم على الإحتفاء بشهر رمضان كما كان الأجداد، وهو أن كلا يحضر طعام إفطاره ويتناولونه سويا فى تكافل بين الجميع، مضيفا أن هذه عادات أصيلة وتقاليد يحرص عليها كل بدو سيناء بمجالسهم ودواوينهم، ويجدون فيها أريحية وبساطة.
وقال الشاعر منصور القديرى، من أبناء قرية الروضة بمركز بئر العبد، أنه رغم ظروف البعض من أبناء سيناء التنقل لمحافظات أخرى نجدهم وقد نقلوا ثقافتهم فى الإحتفال بشهر رمضان حيث عادة لمة رمضان والموائد المتنقلة، مشير إلى أن من بين مفردات العادات والتقاليد المتوارثة "رحمة رمضان"، وهى وجبة من اللحم يجهزها كل شخص فى الديوان كإفطار لمن هم موجودين، والهدف أن ينال أجر إفطار صائم، وتتم بالتناوب بين من فى الديوان خلال وقت النصف الثانى من شهر رمضان.
وأشار الشيخ عتيق أبو محمد، من جنوب سيناء، إلى أنهم فى مناطقهم يحتفلون بشهر رمضان فى الدواوين والمجالس، ورحلات خلوية فى مناطق الوديان بعمق الجبال، مضيفا أنه خلال رحلات الإفطار فى عمق الوديان، يتم حمل أشياء بسيطة وهى أدوات القهوة ويتم جمع الحطب من المكان، وإشعال النار والجلوس حولها لإعدادها، وقليل من الدقيق يجهز ويتم طهيه والطعام البسيط يتناوله الجميع على الإفطار.
وقال الباحث حسن سلامة، أحد المعنيين بجمع وتدوين تراث سيناء، إن تقاليد بدو سيناء قد تختلف من منطقة لأخرى فى سيناء، لكن يجمعها عامل مشترك وهو الديوان أو المجلس أو الزاوية التى فيها يلتقى أبناء العائلة والأقرباء وضيوفهم، وحاليا أصبحت هذه الدواوين بجوار كل مسجد فيه يؤدون صلاة التراويح وتجمعهم رحابة المجالس للسهر خصوصا كبار السن ممن لا عمل لهم يشغلهم.
وأشار سلامة، إلى أن هذه المفردات الأساسية باقية رغم تغير كثير من الأحوال، وهذا يؤكد الحرص على بين الجميع على إحياء كل ما هو جميل فى رمضان وعدم إندثاره وضياعه.
تقاليد متوارثة
لمة الافطار
مسن بدوى يؤدى الصلاة
نقل الافطار للمجالس
نقل الطعااام