كشفت دراسة حديثة صادرة عن مركز الإنذار المبكر للدراسات الاستراتيجية، أن علاقة جماعة الإخوان الإرهابية شهدت كثيرا من التحولات لدى الشارع المصرى خاصة فى العقد الأخير، وخاصة فى ظل الرفض المجتمعى لتلك الجماعة الإرهابية، نتيجة للعنف والتطرف الذى انتهجته جماعة الإخوان ضد الدولة المصرية ومؤسساتها طوال فترة حكمها وبعد عزلها، وذلك لتهديد أركان الدولة وإحداث فتنة فى المجتمع المصري.
لماذا نبذ الشارع بالتَّنظيم الإرهابي؟
وأضافت الدراسة أنه لم يبدو فى ضوء التّجربة السّياسية للإخوان الإرهابية امتلاكها أى ميزة نسبيّة تُمكن المُجتمع من تَقبلها ودعم تَجربتها، كما ساهمت التجربة السياسية للجماعة بتفاصيلها القريبة من ذاكرة المجتمع فى التأكيد على عدم قدرتها على التطور وابتكار حلول لأزماتها فى ظل استمرار فشلها فى إدارة التعامل مع الأزمات اليومية المختلفة للمجتمع فى ضوء المواقف المناهضة لها والذى أرجعته الجماعة إلى حجج واهية إضافة إلى تغذية الخِطابات الإقصائية للمُخالفين لحُكمهم واستعداء قطاعات من المجتمع على قطاعات أخرى، إضافة إلى مُغازلة القِطاعات الإرهابية.
وتابعت الدراسة أن من أبرز الأمور هو بروز خطاب تكفير المجتمع فى حضور رأس النظام محمد مرسى دون إعلانه التحفظ على ذلك وهو ما برز فى مؤتمر هيئة الحقوق والإصلاح الشرعية لنصرة سوريا – مُنتصف يونيه 2013- ففى حضور رئيس البلاد حينئذ هاجم السلفى محمد عبد المقصود أصحاب دعوات الخروج فى 30 يونيو.
وأوضحت الدراسة أنه بعزل الجماعة عن الحكم يبدأ الارتباك فى أدائهم المُناهض لدولة ويتنامى مسار العنف ويخرج للعلن وهو الأمر الذى يعنى عملياً وجود عنف كامن ظل قائماً داخل الجماعة دون تفكيك جدى رغم خطابهم المستمر بنبذ العنف والذى ما كان إلا نتيجة أوضاع سياسية سابقة اختفت مُسبباتها فى العصر الراهن وانعدمت صلة التنظيم به مع اشتباكهم لعقود مضت فى العملية السياسية سواء فى النقابات المهنية أو البرلمان.
أين ذهبت الحواضن الاجتماعية؟
الدراسة أكدت أنه كان لمجمل تلك الأوضاع تأثيراً سلبياً على الحواضن التى عمدت تيارات الإسلام السياسى -وعلى رأسها الإخوان الإرهابية- على بنائها وحشدها لصالح دَعم حراكها لعُقود مضت خاصة فى العمل الاجتماعى الذى نَشطت فيه بشكل فردى وجماعى لأسباب تَنظيمية وسياسيّة مُختلفة، ومع اقتراب أنشطة تلك الجماعات من طَبقات اجتماعية بعيدة عن رعاية الدولة أصبح لها بالتالى وجودًا كبيراً على أرض الواقع واتصالًا وثيقًا مع الناس ما خلق لها شبكة مصالح ممتدة مكنتها من الاستفادة من تلك القطاعات عبر عدة صيغ، حيث أصبحت تلك الحواضن القائمة أحد مصادر جذب عناصر جديدة للتنظيم لتجديده وفق ضوابطه المتوارثة حيث يتيح الاحتكاك المجتمعى والمعايشة فى العمل الاجتماعى، الفرص لاختيار وفرز عناصر تملك مهارات شَخصيّة ونفسيّة تُمثل بإمكانياتها تلك إضافة للتنظيم.
مستقبل الجماعة الإرهابية
الدراسة أوضحت أنه فى ظل المُعطيات السّابقة يظل الحديث عن طبيعة الوجود المُتوقع للجماعة وفُرص استمرارها فى المشهدين السياسى والمجتمعى يحمل عدة تحديات مركزية حيث تتجاوز التحديات الاجتماعية التحديات السياسية التى تواجه الجماعة، إلا أن الوجود المجتمعى هو التحدى الحقيقى أمام الإخوان فى ظل التّراكمات السّلبية التى لحقت بعلاقة التّنظيم بالمجتمع فى سنوات التمدد السياسي.
وتابعت الدراسة أنه خاصة وأن الذاكرة الجمعيّة لا تَزال تَحتفظ بالسّلوكيات العامة والخاصة التى لمسها عموم المجتمع من التّنظيم وسياسيات أفراده، وهذه الذاكرة – على مستوى المدى المنظور- ستُشكل تحديّاً يُصعّب من قُدرة التّنظيم على إعادة بناء حواضنه وتمدده فى المجتمع، كما أنه فى حال عودة التّماسك التّنظيمى الدّاخلى ستكون سابق التّجربة عائقًا مُهمًا أمام قُدرة التّنظيم على جَذب أعضاء جُدد، لتجديد دماء التنظيم العتيق واستدامته، فى ظل الحواجز المجتمعية التى نشأت بين التنظيم والمجتمع والتى تراكمت عبر خطاب التكفير الذى غذّته الجماعة.
وأوضحت الدراسة كذلك سُلوك العُنف الذى سلكته واستباحه مجموعات العنف التابعة لها لدماء أفراد المجتمع وهو السّلوك الذى أسفر عن خَسائر مالية وبشرية كبيرة يُصعّب إلى حد كبير تجاوزها، فضلاً عن غياب الثقة والقبول الذى كانت تحظى به الجماعة فى ظل إخفاقاتها فى عام الحكم وممارساتها السياسية الإقصائية، فضلاً عن ارتباكها السياسى فى السنوات التالية.
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة