تسابق فنانون ومثقفون وأصدقاء وهيئات عامة فى التعبير عن أحزانهم على وفاة الفنان عبد الحليم حافظ فى لندن مساء 30 مارس 1977، بنشر نعيهم فى الصحف المصرية على نفقتهم الخاصة، وكانت صفحات الوفيات فى جريدة الأهرام الأكثر نشرا من 2 أبريل حتى يوم 6 منه.
كانت سطور كل نعى تلخص قصة صاحبا مع العندليب الأسمر، وتحمل بكلماتها القليلة الحزينة أسرار العلاقة بينهما، وقراءتها قد تكون أحد مفاتيح فهم المناخ الفنى، وفى القلب منه الحالة الغنائية بمصر منذ سنوات الخمسينيات وحتى رحيل عبدالحليم.
نشرت أسرة عبدالحليم نعيها يوم 2 أبريل 1977 بعنوان «فقيد العروبة وشهيد الفن المرحوم عبدالحليم حافظ»، وشملت شبكة العائلة، فالفقيد نجل المرحوم الشيخ على إسماعيل شبانة بالحلوات شرقية، وحفيد المرحوم الأستاذ أحمد رشدى المحامى، وتوالت بعد ذلك أسماء أشقائه وأبنائهم، وأعمامه وأخواله وعماته وخالاته وأبنائهم، لكن اللافت أن النعى لم يذكر اسم أمه التى ماتت بعد ولادته ومع وفاة والده عاش يتيما، وتساءل هو حزينا فى مذكراته «حياتى» بمجلة «صباح الخير، 23 أغسطس 1973»: «من كانت عنده القدرة ليوقف موت أمى بعد ولادتى مباشرة؟» فهل كان عدم ذكرها سهوا، أم قصدا؟
على المستوى السياسى، نعته الأمانة العامة للاتحاد الاشتراكى، التنظيم السياسى الرسمى فى مصر، وذكر أمينه العام الدكتور مصطفى خليل: «قدم عبدالحليم حافظ لمصر من صحته ومن نفسه الكثير»، ونعاه الموسيقار محمد عبدالوهاب: «عزيزى وصديق العمر الفنان عبدالحليم حافظ، بقلب مؤمن بقضاء الله وقدره أنعى فراقك والفراغ الذى تركته وراءك».
نشرت الأهرام أيضا تعازى، مجدى العمروسى صديق ومدير أعمال عبدالحليم، والفنانة فايزة أحمد التى اعتبرته فقيد العالم العربى، واعتبره الموسيقار محمد سلطان قمة الفن فى العالم العربى، وقال الفنان محرم فؤاد: «أنعاك أخا وصديقا وزميلا وفنانا عظيما، فقد الفن رحيلك ركنا قويا من أركانه النادرة»، ونشرت «الأهرام»، نعى عازف الجيتار عمر خورشيد، والشاعر الغنائى محمد حمزة وزوجته المذيعة فاطمة مختار، والفنان محمد صبحى، والفنان محمود ياسين.
كان نعى المطرب محمد رشدى لافتا، فسنوات الستينيات شهدت معاركهما العنيفة التى سجلتها الصحف، بعد صعود «رشدى» الكبير بلونه الشعبى الجاد، وبالرغم من ذلك اختار «رشدى» عنوانا وختاما لنعيه يؤكد شعوره الفادح بالخسارة..كان العنوان: «عليه العوض»، وذكر فيه: «المطرب محمد رشدى يتقدم بكل الحزن والأسى فى فقيد الفن وزميل العمر الفنان المصرى العربى الكبير عبدالحليم حافظ..لأسرته الكريمة ولأسرة صوت الفن، شركته مع محمد عبدالوهاب، خالص العزاء، وعليه العوض ومنه العوض».
أما حافظ عبدالوهاب، الذى ساعده فى بدايته، ومنحه اسمه الفنى «حافظ» بدلا من «شبانة»، فكتب فى نعيه: «العندليب الأسمر..يا من ملأت الدنيا بالشدو الحنون يا من أسعدت الملايين، مكانك بين الشهداء والصديقين، والدك الروحى، حافظ عبدالوهاب».
واصلت «الأهرام» نشرها للتعازى يوم، 3 أبريل، مثل هذا اليوم، 1977، من الفنانة نجوى فؤاد، والمطربة عليا التونسية، وأحمد عدوية وفرقته، وعازف الأورج مجدى الحسينى، والدكتور رشاد رشدى مستشار الرئيس السادات، والموسيقار بليغ حمدى الذى قال: «صديق عمرى، الفنان عبدالحليم حافظ، كنت الأخ الحبيب فى الوفاء والعطاء.. كنت القلب الكبير وزميل الكفاح وأعز حبيب، أنعاك حتى ألقاك فى جنة الخلد»، أما الفنانة وردة الجزائرية، والتى أشيع أنها كانت وراء مضايقات الجمهور لعبدالحليم أثناء غنائه قصيدة «قارئة الفنجان» فى آخر حفلاته لشم النسيم «أبريل 1976» وبالرغم من ذلك، قالت فى نعيها: «يا أعز الأحباب، يا دمعة القلوب، يا نغمة حلوة فى أذان الملايين، بوجدانى وحواسى أبكيك وأنعاك يا حبيب الملايين».
كانت تعزية الفنان هانى شاكر نفيا لكل ما أشيع منذ صعوده الفنى عام 1972 بأغنيتيه «حلوة يا دنيا» و«سيبونى أحب»، أنه على خلاف مع عبدالحليم.. قال فى نعيه: «بقلب مفعم بالأسى أنعى الأخ والصديق الفنان عبدالحليم حافظ».
أما نعى الفنانة سعاد حسنى فكان لافتا، من حيث إنهما ارتبطا فى مرحلة من سنوات الستينيات بقصة حب عنيفة، وقيل إنهما تزوجا عرفيا، بينما فى مذكراته التى أعادت «صباح الخير» نشرها عام 1977، وفى حلقة 21 أبريل، صورة تجمعهما وهى ترقص فى المغرب، وتحتها تعليقه هو: «مع سعاد حسنى فى المغرب، وخرجت بعدها الشائعات عن قصة حب خطيرة، وبدأت خيوط صداقتى مع سعاد فى التمزق، إنها ابنتى، هكذا أحسست، لكن الآخرين ازدادوا فى الأقاويل.. سامحهم الله».
قدمت سعاد حسنى، عبدالحليم فى نعيها بوصفه أخا، قالت فى الأهرام، 3 أبريل 1977: «أخى عبدالحليم، نبكيك جميعا كإنسان نبيل قبل أن نبكيك كفنان عظيم، أسكنك الله فسيح جناتك ومنحك الراحة بعد عذاب الحياة».
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة